بعد تراجع أرباحها .. مزارع تتحول للنشاط العقاري وأخرى لعمالة أجنبية بمبالغ شهرية
بدأ مزارعون في المنطقة الشرقية في تغيير بوصلة نشاطهم الزراعي إلى الاستثمار العقاري، بعد تراجع أرباحهم وعجزهم عن توفير متطلبات الاستثمار في القطاع، فيما اتجه آخرون إلى مخالفة الأنظمة بتأجير مزارعهم للعمالة الأجنبية، مكتفين بتسلم أرباح شهرية.
هذا ما أكده لـ"الاقتصادية" أحمد الجمعان؛ مدير الجمعية التعاونية الزراعية في الدمام، مبينا أن عددا من المناطق الزراعية في المنطقة جرى بيعها بعد تقسيمها إلى مساحات أصغر خصصت للاستراحات والأحواش الخاصة، مشيرا إلى أن القطاع الزراعي يعاني عدة مشكلات، تتصدرها مشكلة السعودة ونقص العمالة الوافدة الراغبة في العمل في هذا النشاط.
وأشار الجمعان إلى أن المزارع في المنطقة الشرقية، باتت قليلة وفي تراجع مستمر، إثر عمليات البيع المستمرة، وتقسيمها إلى شرائح بمساحة خمسة آلاف متر للواحدة، لافتا إلى أن أكثر من 27 ألف مزارع من أصحاب المزارع الصغيرة تعثروا بسبب نقص العمالة وعدم القدرة على الوفاء بمتطلبات الاستثمار.
ولفت إلى أن من أسباب تراجع الزراعة في المنطقة الشرقية، التي أدت إلى عزوف مزارعيها عن ممارسة نشاطهم، تهاوي أسعار منتجاتهم بمجرد طرحها في السوق، بسبب توافر المنتج المستورد، مشيرا إلى أن الجمعية حاولت تلافي هذه الخسائر من خلال برنامج تسويق المنتجات الزراعية وتصريفها في السوق بأسعار محددة.
#2#
وأضاف، إلا أنه ــ مع الأسف ــ أغلب المزارعين ابتعدوا عن هذا البرنامج، وبدأوا يتابعون حراك السوق وأسعارها، وطرح منتجاتهم في السوق بعيدا عن مشروع الجمعية، مشيرا إلى أن ما يطالب به المزارعون إيقاف استيراد المنتجات الزراعية في فترات محددة ليتمكنوا من بيع منتجاتهم.
ويفضل الجمعان فكرة تحديد الأسعار وأن يكون هناك مزادا على المنتجات الزراعية يضمن الحد السعري الأدنى ويضمن المزارع الحصول على تكلفة إنتاجه على الأقل، موضحا أن أغلب منتجات الخضار تتكدس لدى المزارعين ويتم تصريفها بعد ذلك إلى حظائر الأغنام.
وأوضح، أن حرارة الطقس لها دور أيضا في تقليص عدد المزارع، علاوة على تكاليف مستلزمات المزارعين التي تزيد غالبا، مع ارتفاع الأسعار بشكل مستمر.
وأكد أن المشكلة الحقيقية في المنطقة الشرقية تكمن في الخضار وليس في التمور، مبينا أن استيراد المنتجات من الخارج كالمنتج التركي والأردني الذي يطرح بكميات كبيرة، يكبدهم خسائر، وبذلك تراجعت رغبة المزارعين في الاستمرار في نشاطهم.
وأكدت الجمعية، أن الحل في إيقاف الاستيراد مؤقتا كي يستطيع المزارع تحقيق أرباح وعوائد أفضل لاستثماراته، فضلا عن حل مشكلة العمالة واستقدامها.
#3#
من جانبه، قال عبدالحميد الحجي؛ أحد كبار المزارعين في المنطقة، إن مشكلات المزارعين تتركز في عدم تشجيع السوق للإنتاج المحلي، فضلا عن منافسة المنتجات المستوردة وقلة العمالة.
وأشار إلى أن المنتج المحلي بات لا يغطي المنطقة الشرقية، بسبب رفض المزارعين الاستمرار في عملهم، ما يضطر التجار إلى استقطاب المنتج المحلي من مناطق أخرى كالرياض والقصيم.
من ناحيته، قال صادق رمضان؛ عضو اللجنة الزراعية في غرفة الأحساء، إن المزارع في المنطقة تنقسم إلى قسمين، مساحات تصل إلى 50 ألف متر وهي المزارع الجديدة، والأخرى في واحة الأحساء القديمة تبلغ المساحة فيها ثمانية آلاف هكتار، فيما يصل عدد المزارعين إلى 27 ألفا.
لكنه بين أن طبيعة المشكلات في الواحة القديمة، أن المزارع فيها صغيرة جدا، وتواجه مجموعة من الإشكالات، ومطلوب منها الآن استخدام طرق ري أخرى أكثر حفاظا على المياه.
وبين أن أنظمة الري الجديدة لها طريقة استخدام تحتاج إلى التدريب، مبينا أن التدريب سيكون مكلفا بالنسبة للمزارع، لتوفير الآليات المختلفة والأدوات الجديدة، فضلا عن مشكلة توفير العمالة.
#4#
وأشار إلى أن مزارع المنطقة الشرقية، كانت تصدر منتجات الخضار إلى باقي مناطق المملكة ودول الخليج، إلا أنها منعت من تصدر بعض المحاصيل للمحافظة على المياه،
وأوضح أن الحل يتمثل في الجمعيات التعاونية، لكن مع الأسف هي جمعيات غير فاعلة لحل مشكلة العمالة، مبينا أنه لا يوجد حل لدى صغار المزارعين الذين سيكلفهم استقدام العمالة مبالغ طائلة في ظل صغر مساحات مزارعهم، فيما أوضح أنه يتبقى حل التعاون مع باقي المزارع الصغيرة من خلال المشاركة في العمالة.
وأضاف الرمضان، "ما زلنا ننتظر من الجمعيات التعاونية الزراعية في السعودية بشكل عام دورا قويا، رغم أنها لا تملك صلاحيات، وهذا يعد جزءا من الإشكال، مشيرا إلى أنه لا توجد للعمالة الزراعية آلية كما هو في موسم الحج، مبينا أنه يفترض أن تلعب الجمعيات دورا فاعلا في اعتماد نظام موسمي للمزارعين، لتغطية هذه الفجوة.
#5#
وأوضح أن العمالة الأجنبية صارت تستأجر 30 أو 50 مزرعة من هذه المزارع الصغيرة، لحسن إدارتهم لها فنيا، ويقيمون لها وحدة تسويقية لإيجاد قنوات لتوزيعها، حيث يكون لإنتاج هذه المزارع جدوى اقتصادية، منوها بأن التأجير للعمالة الأجنبية يعد ممنوعا نظاميا، مبينا أن هذا الخيار رغم أنه مخالف نظاميا إلا أنه يبقي الواحة منطقة زراعية ويحافظ على المزارع.
وأوضح أن ذلك من الإضرار بالاقتصاد، حيث إن الإيراد الذي يحصله العامل الأجنبي يخرج إلى خارج البلاد بدلا من تدويره في الداخل، مبينا أن الواقع الآن أصبح مقلقا بسبب الأوضاع التي يواجهها المزارع.
من ناحيته، قال لـ "الاقتصادية" عبدالرؤوف، عضو اللجنة العقارية في مجلس الغرف ولجنة غرفة الأحساء، إن عمليات بيع الأراضي الزراعية التي وقعت داخل النطاق العمراني أن المزارعين إما يتوجهون بأنفسهم للعمل في النشاط العقاري وإما لبيع المزرعة للعقاريين، مشدد على أن المناطق الزراعية لا تحول إلى مخططات إلا بدخولها النطاق العمراني.
وأوضح أن النشاط الزراعي متعب لقلة العمالة وعدم جدوى الإنتاج، خاصة للمزارعين الصغار، بينما يمكن أن تكون الجدوى الاقتصادية في المشاريع أو الاستثمارات الكبيرة التي غالبا ما تكون ناجحة.
#6#
من جهة أخرى، قال محمد الغامدي؛ مزارع ومالك لأحد المزارع المبيعة، إن تحول المزارع إلى نشاط عقاري يعود للخسائر السنوية التي تشهدها هذه المزارع، أمام المصروفات العالية للإنتاج، مبينا أن طرح المحاصيل المعرضة للتلف كالخضار لا يدر أرباحا أو عوائد تغطي ما يتم صرفه من المزارع.
وأوضح، أن إغلاق باب التصدير للخليج قبل ثلاث سنوات، جعل العرض أكبر من الطلب، رغم وجود نقص في الخضار، مرجعا ذلك إلى سوء توزيع الإنتاج وعدم وجود تنسيق بين التجار.
وأوضح،
أن مزرعته التي قام ببيعها أخيرا تبلغ مساحتها 50 ألف متر مربع، لافتا إلى أن الخسائر بدأت منذ ثلاث سنوات وتصل إلى 60 في المائة. وبين الغامدي، أنه باع مزرعته إلى مستثمر عقاري، الذي حولها إلى استراحات صغيرة رغم أنها خارج النطاق العمراني, منوها إلى أن أكثر المزارع التي بيعت تحولت إلى استراحات، والملاحظ أن المشتري الجديد يحولها لنشاط عقاري. ولفت إلى أن المشكلة لديه في إنتاج الخضار، في حين أن إنتاج النخيل موسمي، وأغلبه بات إنتاج خاص وليس للتسويق، مضيفا "أنه كمزارع بعد بيع مزرعته، يشتري بقيمتها عقار، ويكون دخلها أكبر من المزرعة التي تكبده خسائر سنوية تتجاوز 150 ألف ريال.