البيانات الصينية تهبط بالنفط وتثير مخاوف الطلب
انخفضت أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية أمس متأثرة ببيانات اقتصادية ضعيفة كشفت عن تراجع الناتج المحلي الإجمالي في الصين في الربع الثالث من العام الجاري.
وتراجع الخام الأمريكي إلى ما دون 47 دولارا للبرميل في السوق الأوروبية، أمس، فيما نزل خام برنت بعد يومين من المكاسب، وذلك بعد بيانات ضعيفة في الصين أظهرت تباطؤ النمو لأدنى وتيرة منذ عام 2009 وتراجع الإنتاج الصناعي، خلال أيلول (سبتمبر)، بالتزامن مع ارتفاع مخزونات الخام التجارية في السعودية لأعلى مستوى منذ عام 2002.
وقال لـ "الاقتصادية" ماركوس ميترايجر العضو المنتدب والمدير التنفيذي لـ"راج" النمساوية للنفط، إن الاستثمارات النفطية تواجه تحديات صعبة بسبب ظروف الأسعار المنخفضة، وتتضح خبرة الشركة وثقلها في السوق من الآليات والسياسات التي تنتهجها لمواجهة الأزمات، مشيرا إلى وجود تركيز واسع على برامج كفاءة الطاقة وتقليص التكاليف وحسن استغلال وإدارة الموارد النفطية والتوسع في الاعتماد على التكنولوجيات المتطورة والتقنيات الحديثة التى تسهم في تقليل تكاليف الإنتاج.
وأوضح، أن هناك تحديا آخر وهو انخفاض قيمة الحقول والمعدات النفطية، بسبب تدني أسعار بيع النفط الخام، ولذا لجأ عديد من الشركات إلى زيادة الاحتياطيات والمخصصات لمواجهة تداعيات الوضع الراهن في السوق، مضيفاً أن أحدث الإجراءات في هذا الصدد ما أقدمت عليه شركة "أو إم في" النمساوية بتخصيص مليار يورو، لمواجهة انخفاض قيمة الأصول وتأثر المركز المالي للشركة بسبب انخفاض قيمة المعدات الرأسمالية.
وشدد ميترايجر على أن الاهتمام بالصناعات المرتبطة بالنفط بشكل أكبر، قد يكون آلية جيدة وأكثر فاعلية لمواجهة ظروف السوق الراهنة، خاصة صناعة التكرير والبتروكيماويات التي تتسم بفرص النمو الواسعة وبارتفاع الربحية بشكل يفوق أرباح تصدير النفط الخام على نحو واسع.
بدوره، قال لـ"الاقتصادية" الفونس كاتر؛ الأستاذ في جامعة هامبورج لتكنولوجيا الطاقة، إن سوق النفط الخام يتسم بالتقلبات السعرية كطبيعة أصيلة فيه على مدى عقود طويلة، وبالتالي فإن كل أطراف العملية الإنتاجية يعرفون جيدا هذه الحقيقة ويحتاطون لها، وقدامى المنتجين لهم خبرة عريضة في السوق وتعرضوا لموجات انخفاض أكثر قسوة في التسعينيات وعقب الأزمة المالية في 2008، مستدركا أن الوافد الجديد وهو النفط الضيق بكل أشكاله الصخري والرملي وغيره ما زالت خبرته أضعف وقدرته على التفاعل بشكل جيد مع المتغيرات في السوق أقل.
وأشار إلى أن منتجي النفط من الموارد الجديدة يواجهون صعوبات حقيقية، خاصة أن بعضهم ليسوا أصحاب رؤوس أموال ضخمة وقدرتهم على التواؤم مع متغيرات السوق ضعيفة، خاصة في ظل الارتفاع الكبير في تكاليف الإنتاج وتدني أسعار البيع، مضيفاً "لذا من الطبيعي أن نجد تراجعا حادا ومستمرا في منصات الحفر الأمريكية، ومن المتوقع أن تتفاقم حالة التراجع في إنتاج النفط الصخري في العام المقبل". وشدد على وجود آفاق طيبة لنمو الطلب بشكل جيد خلال الفترة القادمة، خاصة من دول آسيا تزامنا مع وجود تصريحات متفائلة تصدر عن شركة " إس أويل " في كوريا الجنوبية، تؤكد تنامي الطلب على نحو واسع في الشهور المتبقية من العام الجاري، ما سيعزز الصناعات النفطية ويدعم أسعار النفط الخام في الأسواق.
من ناحيته، أوضح لـ"الاقتصادية" إيفيلو ستيلوف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، أنه من الضروري أن يركز المنتجون في الفترة الراهنة على زيادة برامج الشراكة والتعاون الاقتصادي، الأمر المتوقع عقب اجتماع لجنة خبراء المنتجين في أوبك وثماني دول خارجها يوم الأربعاء 21 تشرين تشرين الأول (أكتوبر).
وبين أنه من المتوقع أن يبلور الاجتماع العديد من الأفكار المهمة والنافذة، لتطوير أداء السوق ودعم الاستقرار وتحسين مستوى الأسعار إلى المستوى الملائم للمنتجين والمستهلكين على السواء.
وأشار إلى أهمية التأقلم مع مستويات منخفضة للنفط الخام تستمر لفترات ليست قصيرة، التي تأتي تزامنا مع تحذيرات وكالة الطاقة الدولية من استمرار حالة وفرة المعروض في العام المقبل، في حين تعتمد ميزانيات جديدة في دول الإنتاج الرئيسة مستوى منخفضا لسعر البرميل.
وأضاف، أن العراق أعدت على سبيل المثال ميزانيتها الجديدة وفق سعر 45 دولارا للبرميل، إلى جانب تخفيض الميزانيات، علاوة على إجراءات أخرى تدعم المراكز المالية والموازنات في دول الإنتاج التي تواجه صعوبات حقيقية بسبب غياب الاحتياطيات مثل فنزويلا.
فيما أشاد بأنباء التعاون السعودي الكويتي في مجال التنقيب عن النفط، مشيرا إلى دعم التعاون بين كبار المنتجين، خاصة في دول الخليج الذي سيكون له مردودا إيجابيا على السوق، خاصة أن مراكز ثقل الإنتاج تعود من جديد إلى دول أوبك بسبب تقلص إنتاج النفط الصخري، وعدم قدرته على منافسة إنتاج أوبك الذي يتمتع برخص التكاليف وبالتالي بقدرات تنافسية أعلى في الأسواق الدولية.
وبخصوص الأسعار تداول الخام الأمريكي حول مستوى 46.90 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 47.15 دولار وسجل أعلى مستوى 47.48 دولار وأدنى مستوى 46.84 دولار، بينما نزل خام برنت إلى 50.06 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 50.43 دولار وسجل أعلى مستوى 50.63 دولار وأدنى مستوى 50.06 دولار.
وكان الخام الأمريكي "عقود نوفمبر" قد أنهى تعاملات يوم الجمعة مرتفعا بنسبة 0.8 في المائة بفعل استمرار انخفاض منصات الحفر الأمريكية، لكنه فقد نسبة 4.5 في المائة على مدار كامل الأسبوع الماضي بأكبر خسارة أسبوعية منذ منتصف آب (أغسطس) الماضي، وصعدت عقود برنت "تسليم ديسمبر" بنسبة 0.4 في المائة في ثاني مكسب يومي على التوالي.
وأعلنت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية يوم الجمعة الماضي، انخفاض منصات الحفر في الولايات المتحدة بمقدار 10 منصات إلى إجمالي 595 منصة الأسبوع الماضي، في سابع انخفاض أسبوعي على التوالي، في علامة سلبية لعملية إنتاج النفط الصخري في البلاد.
وفي الصين سجل الناتج المحلي الإجمالي معدل 6.9 في المائة خلال الربع الثالث، بأقل وتيرة نمو للاقتصاد الصيني منذ الربع الأول من عام 2009، ما يؤثر في ضعف الطلب في ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم، وارتفاع الإنتاج الصناعي بنسبة 5.7 في المائة في أيلول (سبتمبر) من ارتفاع بنسبة 6.1 في المائة في آب (أغسطس)، أقل من التوقعات بارتفاع بنسبة 6.0 في المائة. وفي السعودية أظهرت بيانات ارتفاع مخزونات الخام التجارية إلى 326.6 مليون برميل خلال آب (أغسطس) من 320.2 في تموز (يوليو) في علامة سلبية لمستويات الطلب العالمي ولا سيما الطلب الآسيوي.
وبخصوص سلة خام أوبك، فقد سجلت 45.71 دولار للبرميل يوم الجمعة، مقابل 45.05 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، الإثنين الماضي، إن سعر السلة التي تضم 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء سجل ارتفاعا لأول مرة بعد أربعة انخفاضات متتالية وإن سعر السلة كسب نحو دولار واحد منذ تعاملات أول تشرين الأول (أكتوبر) الجاري الذي سجلت فيه السلة 44.48 دولار للبرميل.