القلق يسود تعاملات سوق النفط بعد هجمات باريس
سيطر القلق على الأسواق في مستهل تعاملات الأسبوع ترقبا لمعرفة نتائج وانعكاسات هجمات باريس على الأسواق المالية والسلع الرئيسية إلا أن النفط الخام لم يحقق طفرات سعرية في الارتفاع نتيجة استمرار تأثير العديد من العوامل السلبية التي تحد من ارتفاع الأسعار وفى مقدمتها وفرة المعروض وضعف الطلب نتيجة البيانات الاقتصادية السلبية في دول الاستهلاك خاصة الصين واليابان.
وأسهمت عودة منصات الحفر الأمريكية للتزايد في إضعاف أسعار النفط في علامة على عودة تنامي إنتاج النفط الصخري الأمريكي وبالتالي استمرار تفاقم حالة وفرة المعروض وتزامن ذلك مع ارتفاع مستوى المخزونات.
ويقول لـ "الاقتصادية"، أوسكار انديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن سوق النفط يتعرض لتأثيرات جديدة من العوامل الجيوسياسية بعد الهجمات الإرهابية في باريس والعمليات العسكرية على معاقل "داعش"، مشيرا إلى أن حالة عدم الاستقرار والمخاوف من اتساع المواجهات العسكرية قد تقود إلى ارتفاع الأسعار بسبب القلق على الإمدادات.
وأضاف انديسنر أن الأزمة الراهنة جددت التساؤل حول نشاط "داعش" في تجارة النفط المهربة وهو ما أثاره سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسي خلال لقاءه مع نظيره الأمريكي جون كيري في فيينا متهما القوى الدولية بالصمت تجاه استمرار تمويل تجارة النفط لأنشطة تنظيم داعش معتبرا أن تجفيف التمويل كفيل بالقضاء على أعمال الإرهاب.
وأشار انديسنر إلى أن المخاوف من الإرهاب وغياب الاستقرار عن العديد من دول العالم كفيل بتعطيل برامج التنمية وتقليص معدلات النمو وإضعاف أداء الاقتصاد الدولي وهو ما يهدد بالركود وتعثر سوق الطاقة وتراجع الطلب على النفط الخام بصفة خاصة.
من جهته، أوضح لـ "الاقتصادية"، ايجور ياكوفلف المختص النفطي الروسي، أنه قبل نحو أسبوعين من انعقاد المؤتمر الوزاري الدوري لمنظمة أوبك لا توجد أي مؤشرات عن اتجاهات لخفض إنتاج النفط، مشيرا إلى أن الكسندر نوفاك وزير النفط الروسي أكد في قمة العشرين في تركيا على قناعة بلاده باتجاه الأسواق إلى تصحيح نفسها بنفسها وتحقيق التوازن في السوق تلقائيا ومن خلال تفاعل العرض والطلب وذلك بحلول العام المقبل وهي رؤية "أوبك" للسوق نفسها.
وقال ياكوفلف إن التوافق بين روسيا و"أوبك" على عدم جدوى خفض الإنتاج يجعل مهمة الدول الأخرى التي تضغط في اتجاه الخفض مهمة صعبة، مشيرا إلى أن فائض المعروض في الأسواق يتجه بقوة نحو التقلص بتأثير من تباطؤ الاستثمارات واحتمال تنامي الطلب على نحو جيد بحلول العام الجديد.
وأشار لـ "الاقتصادية"، ارناود كارايون رئيس شركة كارايون لصناعة الأسمنت في فرنسا، إلى أن الإرهاب أصبح خطرا داهما يهدد اقتصاديات فرنسا وأوروبا وكل العالم مضيفا أن هذه الأعمال ستقود إلى تباطؤ اقتصادي في أوروبا بشكل عام وإذا أخذنا في الاعتبار وجود تباطؤ وكساد اقتصادي في الصين واليابان فإن الأمر قد يمثل كساد اقتصادي عالمي.
وأوضح كارايون أن قطاع الطاقة سيتأثر بشكل رئيسي خاصة النفط الخام الذي لم يتعاف بعد من موجات انخفاض حادة بدأت قبل عام بسبب طفرة المعروض، التي سيدعمها أيضا تراجع معدلات النمو.
ويرى كارايون أن منتجي النفط بدأوا يتحركون بخطوات جيدة ومتسارعة نحو تنويع الموارد وتقليل الاعتماد على النفط الخام كمورد رئيسي ومكون أساسي للناتج المحلى وقطعت السعودية خطوات جيدة نحو الاعتماد على الطاقة الشمسية فيما خفضت الإمارات الاعتماد على النفط إلى 30 في المائة من الناتج المحلى.
وأضاف كارايون أن اتخاذ المجتمع الدولي خطوات جادة للقضاء على الإرهاب سيكون بمنزلة دفع لمعدلات النمو لأن الاستقرار ضرورة لتحقيق التنمية، موضحا أن قطاع الطاقة خاصة النفط لديه الكثير من آفاق النمو في السنوات المقبلة بشرط أن تتسارع معدلات النمو الاقتصادي ويتحقق الاستقرار في الأسواق.
على صعيد الأسعار، ارتفعت أسعار النفط الخام أمس مع شن فرنسا غارات واسعة النطاق على تنظيم داعش في سورية لكن بعض المختصين توقعوا أن يستمر الضغط على أسعار السلع الأولية جراء وفرة المعروض.
وفقد خاما القياس 8 في المائة الأسبوع الماضي، وشهد كلا الخامين مستويات نشاط مرتفعة في بداية التعاملات مع سعي المستثمرين للتعرف على اتجاه السوق بعد الهجمات الدامية التي وقعت في باريس يوم الجمعة.
وبلغ سعر الخام الأمريكي في عقود شهر أقرب استحقاق 40.87 دولار للبرميل مرتفعا 13 سنتا عن سعره عند الإغلاق أمس الأول، بينما وصل سعر خام القياس العالمي مزيج برنت إلى 44.64 دولار للبرميل مرتفعا 17 سنتا بعد أن عجز عن تخطي مستوى مقاومة عند 45 دولارا للبرميل.
وقال دانييل انج من فيليب فيوتشرز في سنغافورة إن فرنسا بدأت تعزيز مشاركتها ضد تنظيم داعش في سورية ودفع ذلك الأسعار للصعود قليلا وحال دون استمرار الاتجاه النزولي.
ولكن بشكل عام تظل أسواق النفط تولي اهتماما أكبر للعوامل الأساسية التي تهبط بالأسعار ويعتقد معظم المختصين أن الأسعار ستظل منخفضة بسبب المخزونات المرتفعة وتباطؤ النمو الاقتصادي.
وقال بنك باركليز إن حقيقة وصول مخزونات الخام وإجمالي مخزونات الخام والمنتجات لمستويات قياسية أمر يدعو للقلق
وكانت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية في الولايات المتحدة أعلنت عن ارتفاع منصات الحفر في الولايات المتحدة بمقدار 2 منصات إلى إجمالي 574 منصة الأسبوع المنتهي 13 تشرين الثاني (نوفمبر) في أول ارتفاع أسبوعي بعد انخفاض على مدار عشرة أسابيع متتالية، في علامة إيجابية لتسريع وتيرة إنتاج النفط الصخري في البلاد.
وعلى حسب بيانات إدارة معلومات الطاقة الصادرة الأسبوع الماضي ارتفع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بمقدار 25 ألفا للأسبوع المنتهي في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) إلى إجمالي 9.19 مليون برميل يوميا.
وتراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 39.21 دولار للبرميل في ختام تعاملات الأسبوع مقابل 40.21 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" إن سعر السلة التي تضم 12 خاما من إنتاج الدول الأعضاء سجل ثالث انخفاض حاد على التوالي ليهبط دون 40 دولارا لأول مرة منذ عدة شهور، مشيرا إلى أن السلة فقدت نحو أربعة دولارات منذ السعر الذي سجل في بداية الشهر الجاري، الذي بلغ 43.95 دولار للبرميل.