«جريمة الاحتطاب» .. خسائر بمليارات وتقليص للرقعة الخضراء
لم تعد الأنظمة والمخالفات المشددة التي تطبقها وزارة الزراعة بحق المحتطبين حائلا أمامهم عن ممارسة جرائمهم البيئية في اقتلاع أشجار "الأرطى - الغضى – السمر – الطلح" بداعي الاتجار بها، التي سبب اقتلاعها أضراراً بالبيئة، وتقليص الرقعة الخضراء، وزيادة وتيرة التصحر، حيث يواصل المحتطبون شن جرائمهم بحق البيئة تزامنا مع دخول فصل الشتاء واجتياح المنطقة موجات البرد القارسة، التي تشهد طلبا كبيرا على الحطب بأنواعه.
وشددت وزارة الزراعة في منطقة حائل على ملاحقة المحتطبين في النفود الكبرى شمال المنطقة، التي تعد المكان الأبرز للاحتطاب، حيث غرمت نحو 112 سيارة محملة بالحطب تم القبض عليها خلال الفترة الماضية غرامات متفاوته، فيما رصدت 21 سيارة منذ بداية العام الهجري 1437 إلى نهاية يوم 17 ربيع الأول الجاري.
وكشف المهندس سلمان بن جار الله الصوينع مدير عام الزراعة في منطقة حائل أن الإدارة في حائل تتابع مخالفات أنظمة الاحتطاب وتطبق بحق المخالف العقوبات وفق الأنظمة واللوائح، مؤكدا أنه تم رصد 133 سيارة محملة بالحطب منذ بداية العام الهجري 1436 حتى منتصف شهر ربيع الأول للعام 1437هـ وجميعها طبقت بحقها العقوبات.
ولفت إلى أن الغرامات المالية بحق المحتطبين تتفاوت، حيث إن الطن الواحد من الحطب بعشرة آلاف ريال، كذلك فرض غرامة خمسة آلاف ريال عن كل شجرة وألفي ريال عن كل شجيرة.
وأكد أن الغرامات تطبق بحقهم بصرامة ولا استثناءات في ذلك، مضيفا أنه "تم تعيين تسعة مراقبين وحراس في مواقع المراعي مع تجهيزهم بالسيارات والمستلزمات، ومراقبين اثنين في أسواق بيع الحطب والفحم المحلي في مدينة حائل ومحافظة بقعاء لمتابعة ورصد المخالفين"، موضحا أنه تم تشكيل لجان لمراقبة أسواق الحطب والفحم التي تقوم بمصادرات الحطب والفحم المحلي.
وقال الصوينع "إن هناك حملات توعوية للمواطنين للحفاظ على البيئة والشجرة من خلال عقد الندوات وتوزيع المجلات والمنشورات في جميع المدن والمحافظات في المنطقة والمشاركة في مهرجان الصحراء السنوي، إضافة إلى دعوة وتشجيع التجار لاستيراد الحطب والفحم لاستخدامه كبديل للمحلي"، مؤكدا أنه تم إنشاء مركز لإكثار البذور والشتلات الرعوية لحفظ أصول النباتات، وتمت زراعة أكثر من 6500 شتلة رعوية كأمهات للبذور.
وحيال تصاريح استيراد الحطب، أفاد أنه تتم إحالة من يرغب في استيراد ومزاولة تجارة الحطب والفحم المستورد إلى فرع وزارة التجارة لإصدار التراخيص اللازمة للاستيراد وإعفائه من الرسوم الجمركية، مقدما شكره لجميع من يسهم معهم في الحد من الاحتطاب، خاصة الجهات الأمنية في المنطقة والمحافظات.
ونوه الصوينع بدور المواطن الحريص على الحفاظ عللا مكتسبات الوطن خاصة في مجال البيئة، آملا من الإعلام بث زيادة الوعي والترشيد حيال ذلك.
من جهته قال محمد فهيد السحيمان الناشط البيئي وعضو رابطة آفاق خضراء البيئية "إن الاحتطاب ما زال جائرا في منطقة النفود الكبرى رغم جهود وزارة الزراعة وفروعها في منطقة حائل في الحد من هذه الجريمة البشعة في تدمير البيئة"، مؤكدا أنه مهما طبق بحق هؤلاء المخالفين العقوبات واللوائح، فهناك عدد يصل إلى ضعف عدد المخالفين لم تتم السيطرة عليهم ويعبثون في البيئة الصحراوية.
وأفاد السحيمان أن الاحتطاب الجائر مستمر منذ أكثر من 40 عاما، ما انعكس سلبا على أجواء المملكة ويدل ذلك على عدم وعي المحتطبين وخطورة العبث والمتاجرة المستمرة أمام العيان لبيع أغلى ما يملك الوطن من "سمر، طلح، إرطاء، وغضى"، وغيرها من الاشجار، مؤكدا أنه لو أرادت الدولة استزراع جزء في منطقة واحدة من البلاد وإعادة تأهيلها كما كانت عليه في السابق فستتكلف مليارات الريالات.
وأبان أنه من خلال دراساته العميقة في مجال البيئة والتصحر توصل إلى حل جذري للحد من الاحتطاب، متمنيا أن يوضع في عين الاعتبار من المسؤولين، حيث إنه سيوقف التجاوزات في الاحتطاب تلقائيا، وهو الاستيراد بكميات ضخمة من الفحم والحطب المستورد حتى لا تدخل البلاد في نفق التصحر، الذي شارف على الظهور في الوقت القريب.
وأوضح أنه لو تم استيراد كميات كبيرة بمليار ريال وتم تصريفها عن طريق المحتطبين بمبالغ زهيدة من خلال منحهم تصاريح لبيعها في مختلف مناطق ومدن المملكة، فسيستفيد منها البائع وكذلك المواطن، فضلا عن توافر الفحم والحطب في السوق السعودية بكميات كبيرة، الأمر الذي يسهم في صرف النظر عن اقتلاع الحطب وبيعه كليا، وتقليص الرقعة الخضراء.