إلا سيادتنا .. «قطعنا» دابر الشر
أعلن عادل الجبير وزير الخارجية عن قطع السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وطلبها مغادرة جميع أفراد البعثة الدبلوماسية الإيرانية خلال 48 ساعة من الإعلان. ولفت وزير الخارجية إلى أن تاريخ إيران مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في شؤون الدول العربية، وأن اعتداءاتها ضد البعثات الدبلوماسية ومقار السفارة والقنصلية تأتي بعد تصريحات نظام إيران العدوانية، التي شكلت تحريضاً سافراً شجع على الاعتداء على بعثات المملكة، وتعد استمراراً لسياسات نظام إيران العدوانية في المنطقة التي تهدف إلى زعزعة أمنها واستقرارها، وإشاعة الفتن والحروب فيها، مؤكداً أنه لن نسمح لها بتهديد أمننا.
وكان السفير أسامة بن أحمد نقلي رئيس الإدارة الإعلامية بوزارة الخارجية، قد استعرض خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في مقر "الخارجية"، تفاصيل تطورات الأحداث العدوانية التي تعرضت لها كل من سفارة السعودية في طهران وقنصليتها العامة في مشهد.
وقال: فيما يتعلق بالاعتداء على بعثتي المملكة، جرى تسلسل الأحداث والاعتداءات على النحو التالي: تلقت السفارة في طهران صباح السبت عدة اتصالات هاتفية بتهديد منسوبيها بالقتل. وفي اليوم نفسه بدأ توافد الحشود أمام السفارة، وتحرك القائم بأعمال السفارة فوراً بالاتصال بالخارجية الإيرانية لإحاطتها بذلك، ومطالبتها بتأمين الحماية للسفارة، إلا أنه لم يجد أي تجاوب، واحتشدت جموع أخرى من المتجمهرين أمام مقر السفارة، وقامت بقذفها بعبوات حارقة ورشقها بالحجارة.
وفي نحو الساعة الثانية من فجر الأحد لوحظ أنه تم استبدال الحشود الأولى بحشود جديدة حلت مكانها، حيث قام اثنان منهم باقتحام السفارة، وإحراق أجزاء من المبنى.
وقرابة الثانية والنصف فجراً بتوقيت طهران اقتحم المحتشدون مبنى السفارة، وتواصل القائم بأعمال السفارة مجدداً مع الخارجية الإيرانية، إلا أنه لم يجد منهم أي تجاوب أيضا.
حاول القائم بالأعمال بالنيابة الحصول على حماية لزيارة مقر السفارة لتفقده، إلا أنه لم يتمكن من ذلك إلا بعد عصر يوم الأحد، حيث وجد أن المبنى طاله الخراب والدمار، وتم تكسير محتوياته، ونهب وسرقة ما به من أجهزة وأثات.
وفي فجر الأحد تم قطع التيار الكهربائي عن الحي الذي تقع فيه مساكن موظفي السفارة لمدة ساعة.
وفيما يتعلق بالاعتداءات على القنصلية العامة في مشهد، فقد اقتحمت سيارة أجرة بشكل مباشر بوابة الحاجز الأمني للقنصلية في محاولة لاقتحام بوابة القنصلية الداخلية، دون أن تمنعها السلطات الإيرانية من ذلك. وفي مساء السبت تجمعت حشود أمام مبنى القنصلية تُقدر بنحو أكثر من ألفي شخص، وقاموا برشق المبنى بالحجارة والعبوات النارية الحارقة، مما أدى إلى تكسير بعض النوافذ الزجاجية الخارجية للمبنى، وحاولت مجموعة منهم اقتحام المبنى، إلا أنها لم تتمكن من ذلك، ولم تقم السلطات الإيرانية بأي جهد لمنع مثل هذه الأعمال الإجرامية أو اعتقال المتسببين فيها.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها بعثتا المملكة في طهران ومشهد مثل هذه الاعتداءات، بل سبقتها اعتداءات مماثلة خلال السنين الماضية، تحت مرأى ومسمع من الحكومة الإيرانية، دون اتخاذ أي تدابير للحفاظ على أمن وسلامة بعثة المملكة ومنسوبيها، أو تقديم الجناة للعدالة.
وبناء على هذه الاعتداءات قامت المملكة باتخاذ الإجراءات التالية:
أولا: تم استدعاء السفير الإيراني لدى المملكة مساء يوم السبت الموافق 22 / 3 / 1437هـ بمقر وزارة الخارجية، وتم تسليمه مذكرة احتجاج شديدة اللهجة، حملت النظام الإيراني مسؤولية هذه الاعتداءات بكامله،ا وذلك انطلاقاً من مسؤولية الدولة المضيفة في توفير الحماية للبعثات الأجنبية، وفقا لما نصت عليه الاتفاقيات والقوانين الدولية المشددة بهذا الشأن. ثانيا: قامت المملكة بإحاطة مجلس الأمن الدولي بهذه الاعتداءات، إلى جانب إحاطة كل من مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، وطالبت مجلس الأمن الدولي بضمان حماية البعثات الدبلوماسية ومنسوبيها وفقا للاتفاقيات والقوانين الدولية.
ثالثا: تم التواصل مع جميع الدول التي للمملكة علاقات بها لتوضيح التصريحات العدوانية الصادرة عن الحكومة الإيرانية التي أدت إلى التحريض بانتهاك حرمة السفارة السعودية في طهران والقنصلية العامة في مشهد. رابعا: تم اتخاذ إجراءات الطوارئ لمثل هذه الحالات، والعمل على إجلاء عائلات منسوبي البعثة من النساء والأطفال البالغ عددهم 47 فرداً، وكان من المفترض أن يغادروا على رحلة طيران الإمارات التي تقلع الساعة 7:20 مساء أمس بتوقيت طهران، إلا أن السلطات الإيرانية أعاقت مغادرتهم على هذه الرحلة، وتمت مغادرتهم على رحلة الساعة العاشرة مساء أمس بتوقيت طهران، وفي هذا الصدد نشكر الإمارات على مساعدتها في عملية الإجلاء لمنسوبي البعثة في إيران، كما نشكر دول مجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية، وعدد من الدول على مواقفها الحازمة ضد الاعتداءات التي تعرضت لها البعثة الدبلوماسية السعودية في إيران. ثم ألقى وزير الخارجية عادل الجبير كلمة فيما يلي نصها: "بعد اطلاعكم على تفاصيل الاعتداءات التي تعرضت لها ممثليات المملكة في إيران، أود الإشارة إلى أن النظام الإيراني يحمل سجلا طويلا في انتهاك حرمة البعثات الدبلوماسية الأجنبية، ومن ذلك على سبيل المثال احتلاله للسفارة الأمريكية في عام 1979، والاعتداء على السفارة البريطانية عام 2011، وفي البارحة الأولى الاعتداء على سفارة المملكة في طهران وقنصليتها العامة في مشهد. إن هذه الاعتداءات المستمرة للبعثات الدبلوماسية تشكل انتهاكاً صارخاً لكافة الاتفاقيات والمواثيق والمعاهدات الدولية. كما أن هذه الاعتداءات تأتي بعد تصريحات نظام إيران العدوانية التي شكلت تحريضاً سافراً شجع على الاعتداء على بعثات المملكة، إن هذه الاعتداءات تع استمراراً لسياسة نظام إيران العدوانية في المنطقة التي تهدف إلى زعزعة أمنها واستقرارها، وإشاعة الفتن والحروب فيها.
وهذا الأمر يؤكده توفير نظام إيران ملاذاً آمناً على أراضيها لزعامات القاعدة منذ عام 2001. كما وفر النظام الإيراني الحماية لعدد من المتورطين في تفجير أبراج الخبر عام 1996. يضاف إلى هذه الأعمال العدوانية، قيام النظام الإيراني بتهريب الأسلحة والمتفجرات وزرع الخلايا الإرهابية في المنطقة بما فيها المملكة، لنشر الاضطرابات فيها. إن تاريخ إيران مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في شؤون الدول العربية، ودائماً ما يصاحبه الخراب والدمار، وقتل الأرواح البريئة. والمملكة، في ظل هذه الحقائق، تعلن عن قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران، وتطلب مغادرة جميع أفراد البعثة الدبلوماسية الإيرانية (السفارة ــ القنصلية ــ المكاتب التابعة لهما) خلال 48 ساعة. وقد تم استدعاء السفير الإيراني لإبلاغه بذلك".
وصول البعثة
الدبلوماسية دبي
من جهة أخرى، وصلت أمس عائلات منسوبي بعثة المملكة الدبلوماسية في طهران ومشهد، البالغ عددهم 47 شخصا إلى مدينة دبي، في طريقها إلى السعودية. وقد غادرت البعثة طهران الساعة العاشرة من مساء أمس بتوقيت طهران.