النفط يعاود الهبوط متأثرا بهزة أسواق المال العالمية ومخاوف الطلب

النفط يعاود الهبوط متأثرا بهزة أسواق المال العالمية ومخاوف الطلب

هبطت أسعار النفط 6 في المائة أمس متأثرة بموجة هبوط واسعة النطاق في أسواق المال الرئيسة والتوقعات المتزايدة بألا ينمو الطلب العالمي بالسرعة الكافية لاستيعاب فائض الخام قريبا. وقال مختصون نفطيون أن المخاوف من ضعف النمو الاقتصادي الدولي ومن تراجع مستويات الطلب تلقى بظلال قوية على السوق في ضوء نتائج وبيانات اقتصادية ضعيفة للقطاعات الصناعية في أمريكا والصين واليابان، وهو ما يزيد القلق على مسار الأسعار، خاصة في ضوء إصرار أغلب المنتجين على زيادة الإنتاج وتعزيز حدة تخمة المعروض بسبب اشتعال المنافسة على الحصص السوقية.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية" سيمون هنرى المدير المالي لعملاق الطاقة "رويال داتش شل": "سوق الطاقة تمر بدورات اقتصادية طويلة في العرض والطلب، ونرى كيف تحول الاقتصاد الدولي من الاعتماد على الطاقة البدائية الممثلة في الفحم والطاقة الحيوية إلى النفط والغاز، ثم يتحول الآن إلى مصادر الطاقة البديلة ولكن يبقى الاحتياج مستمرا إلى كل مصادر الطاقة ولا تلغي بعضها البعض".
وأشار إلى أن مشاريع الطاقة المتجددة الحالية كبيرة، وتتطلب تخطيطا جيدا ومتناميا، موضحا أن تمويل وتصميم وبناء هذه المشروعات سوف يستغرق سنوات وسنوات ولن ينهي الاعتماد على موارد الطاقة التقليدية.
وأضاف، أن هناك أيضا دورات اقتصادية قصيرة المدى ومتعلقة بالتطورات السياسية والمتغيرات الاقتصادية في العالم التي تغير في توازنات العرض والطلب، موضحا أن تطورات التكنولوجيا لها تأثيراتها أيضا، حيث أدى التطور التكنولوجي إلى زيادة الاحتياج إلى استهلاك الطاقة، وبالتالي زيادة الاستثمارات التي تواجه تحديات حالية مستمرة في ضبط الإنفاق ومواجهة المنافسة السعرية. وأشار إلى دور الصين الرئيس والمؤثر في سوق الطاقة العالمية وفى منظومة الطلب، مشيرا إلى أهمية الاستفادة من تجربة الصين، فيما يتعلق بوضع استراتيجية للطاقة على المدى الطويل والتركيز على الاستفادة دوما من الأفكار الجديدة بشكل طموح. وشدد على ضرورة أن يهتم المنتجون بقضية تحرير سوق الطاقة، مشيرا إلى أن الصين مثال جيد في هذا المجال، حيث تم هذا الأمر من خلال اتباع نهج تدريجي.
ولفت إلى أن تجربة الطاقة في ألمانيا تستحق أيضا الاتباع فهناك بالفعل طموح جاد للحد من 80 - 95 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة بحلول عام 2050، مشيرا إلى أن تجربة تحول الطاقة في ألمانيا تستحق الدراسة، حيث واجهت التحدي العالمي المتمثل في توفير المزيد من الطاقة مع انبعاثات أقل من ثاني أكسيد الكربون.
وأضاف، أن الاعتماد على الطاقة البديلة يسير بشكل جيد في عديد من دول العالم خاصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية، والمطلوب حاليا تعاون دولي أوسع لتحفيز تجارب الاعتماد على الطاقة الشمسية في مزيد من الدول.
من ناحيته، أوضح لـ"الاقتصادية" سيفين شيميل مدير شركة في جي اندستري" الألمانية، أن سوق النفط متأثرة بشكل كبير بحالة تخمة المعروض، الأمر الذي سيظل ضاغطا على الأسعار لحين تحرك المنتجين بشكل عملي وليس بالنوايا الطيبة بمجرد الترحيب بفكرة التعاون، بل من خلال التحول عمليا نحو امتصاص فائض المعروض النفطي خاصة أن مستوى المخزونات النفطية مرتفع وعملية زيادة الإنتاج مستمرة. بدوره، قال لـ"الاقتصادية" لويس ديل باريو المحلل بمجموعة "بوسطن" للاستشارات المالية في إسبانيا، إن توافق المنتجين حول خفض الإنتاج بات ملحا خاصة مع استمرار تراجع الأسعار، مشيرا إلى أن العقبة الرئيسة التي ما زالت تؤخر تلك الخطوة هي إيران التي تصر على رفع معدلات الإنتاج والتصدير ضاربة عرض الحائط بظروف السوق ومطالب بقية المنتجين. وأشار إلى أن الاقتصاد الفنزويلى يواجه بالفعل واحدة من أعنف الأزمات الاقتصادية في تاريخه، كما أن انهيار الأسعار أنهك اقتصاديات عديد من كبار المنتجين في الشرق الأوسط.
وأضاف، أن التنافس على الحصص السوقية يفرض نفسه بقوة على السوق ويقلل فرص التنسيق من أجل استعادة السوق لتوازنها، مشيرا إلى أن الآمال معلقة الآن على تراجع النفط الصخري الأمريكي وعلى نجاح الدول المستهلكة في رفع معدلات النمو وتجاوز حالات الركود والانكماش الاقتصادي.
وقالت وكالة الطاقة الدولية إن العالم سيواصل تخزين كميات فائضة من النفط في معظم 2016، حيث سيستغرق انخفاض الإنتاج في الولايات المتحدة وقتا طويلا ومن المستبعد أن تتفق منظمة أوبك مع المنتجين الآخرين على خفض الإنتاج المتزايد. وخفضت وكالة الطاقة تقديراتها لنمو الطلب على النفط في 2016 الذي يبلغ حاليا 1.17 مليون برميل يوميا عقب وصوله لأعلى مستوياته في خمس سنوات عند 1.6 مليون في 2015 وخفضت أيضا توقعاتها للطلب على نفط أوبك في العام الحالي.
وقالت فيتول كبرى شركات تجارة النفط في العالم إنها تتوقع نمو الطلب العالمي على الخام نحو مليون برميل يوميا هذا العام انخفاضا من 1.6 مليون برميل يوميا في العام الماضي.
وبحلول الساعة 1455 بتوقيت جرينتش انخفض خام القياس العالمي برنت في العقود الآجلة 18 سنتا إلى 32.70 دولار للبرميل نزولا من أعلى مستوياته لجلسة أمس الأول حين بلغ 34.68 دولار للبرميل. وتراجع الخام الأمريكي في العقود الآجلة 19 سنتا إلى 29.88 دولار للبرميل. وعانت أسواق المال الأسبوع الماضي من مخاوف تتعلق بالمصارف في ضوء مؤشرات على احتمال حدوث تباطؤ عالمي، ما دفع المستثمرين إلى شراء الأصول الآمنة مثل الذهب والسندات الألمانية والفرنك السويسري.

الأكثر قراءة