الآمال بتوافق المنتجين تعزز فرص ارتفاع أسعار النفط خلال الأسبوع الجاري

الآمال بتوافق المنتجين تعزز فرص ارتفاع أسعار النفط خلال الأسبوع الجاري

توقع مختصون نفطيون أن تواصل أسعار النفط الخام مسيرة التصحيح والتعافي السعري بعد أن كسبت 12 في المائة في ختام الأسبوع الماضي ووصلت إلى أدنى مستوياتها خلال الشهر الماضي مدفوعة بآمال واسعة تسود السوق في تحرك مشترك بين المنتجين في "أوبك" ونظرائهم المستقلين خارجها في مسعى لوقف نزيف الأسعار وتقليص حدة فائض المعروض النفطي خاصة بعد تصريحات سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي بأن "أوبك" على استعداد لبحث الحد من مستويات الإنتاج مع بقية المنتجين.
وأشار المختصون إلى أن تحسن الأسعار قادم بقوة وإن كان السوق يواجه بعض العراقيل الخاصة باستمرار تأثير عدد من العوامل السلبية التي تضعف الأسعار ما يجعل مسيرة التعافي بطيئة وصعبة تتخللها تقلبات سعرية مستمرة.
وأضافوا أن العوامل السلبية تشمل تخمة المعروض وارتفاع مستوى المخزونات النفطية الأمريكية وضعف الأداء الاقتصادي في الصين ودول الاستهلاك الرئيسة إلا أن توقعات أخرى بتراجع الدولار وانكماش إنتاج النفط الصخري ستكون داعمة لتحسن مستوى الأسعار.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، ماسيمو موندازي مدير شركة "إيني" الإيطالية للطاقة، أن الشركة تركز دوما على التواصل والتعاون مع المنتجين لمواجهة ظروف السوق الراهنة مضيفا أن أحدث الاتصالات في هذا الشأن أجراها حيدر العبادي رئيس وزراء العراق في روما مع قيادات "إيني"، التي ركزت على كيفية التفاعل والتعاطي الجيد مع أوضاع السوق الحالية في ضوء استمرار انهيار الأسعار.
وأشار موندازي إلى أن الشركة ملتزمة بتطوير عملها في حقل الزبير العملاق بالقرب من مدينة البصرة، الذي يعد أضخم الحقول العراقية ويبشر بطاقات إنتاجية كبيرة ومتنامية حيث يصل حجم إنتاجه إلى 360 ألف برميل يوميا من النفط المكافئ.
وأضاف موندازي أن "إيني" تراهن بقوة على عودة أسعار النفط الخام المرتفعة في الأمد المتوسط مشيرا إلى أنه إذا خابت توقعاتها فإن لديها العديد من السياسات الجيدة والمرنة سواء على المستوى المالي أو التشغيلي التي تمكنها من الاستمرار في نشاطها بنجاح.
وبحسب موندازي فإن معدل الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي في "إيني" سيبقى مرتفعا في 2016 إلا أن التوازن الاقتصادي الكامل لن يتحقق إلا بحلول 2017 موضحا أن سياسات الشركة تتمتع بالصلابة في مواجهة الأزمات وتتمتع بالقدرة على تحقيق النمو والتقدم في ظل أصعب الظروف الاقتصادية.
وقال موندازي إن إجمالي خطة الإنفاق الرأسمالي في "إيني" بلغت 47.8 مليار يورو إلا أنه تم إجراء تخفيض عليها بنسبة 17 في المائة (أو 9.5 مليار يورو) عن مستوى الإنفاق السابق قبل 4 سنوات، وفيما يخص عمليات الاستكشاف والإنتاج، التي تمثل 90 في المائة من استثمارات الشركة المستقبلية فسيتم خفض النفقات بنسبة 13 في المائة دون أن يؤثر هذا الخفض في خطط تحقيق النمو.
وشدد موندازي على ضرورة رفع درجة المرونة في محفظة "إيني" الاستثمارية والتركيز بشكل كبير على تعزيز الاكتشافات الحديثة مشيرا إلى أن "إيني" ستعطي الأولوية لخفض عدد المشروعات الخاصة بحفر الآبار في دول منها مصر وأنجولا والكونجو مع إعادة جدولة الإنفاق في بعض المشروعات الكبيرة.
وذكر موندازي أن الشركة باعت أصولا بقيمة 3.7 مليار دولار في 2014 وهو ما يمثل 30 في المائة فقط من خطتها لتطوير وتدوير أصولها، وهذه الخطة ستتواصل ببيع أصول أخرى بنحو مليار يورو بحلول 2018.
من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، دييجو بافيا مدير شركة "إينو إنرجي" الهولندية للطاقة، أن أغلب المنتجين حاليا على قناعة تامة بضرورة خفض الإنتاج ولكن الجميع ينتظر المبادرة من الأطراف الأخرى مشيرا إلى أن الجميع يتحدث أيضا منذ فترة عن التعاون بين المنتجين، ولم يتبلور بعد بشكل عملي أي برامج للتعاون تكون مؤثرة في إحداث تغيير بسوق الطاقة وتؤدي إلى تحقيق التوازن وتعافي الأسعار التي ترتفع قليلا وتهوي كثيرا حتى الآن.
ويقول بافيا إن هناك حالة من التنافس الشديد بين المنتجين على الأسواق خاصة السوق الأوروبي المتخم بوفرة المعروض النفطي خاصة مع عودة إيران لتضخ أكثر من 300 ألف برميل إلى أوروبا بعد رفع العقوبات الاقتصادية موضحا أن السوق الأوروبي خاصة شرق أوروبا تهيمن عليه روسيا بينما دخل الخام السعودي أخيرا محققا نجاحات في المنافسة مع نظيره الروسي.
وأوضح بافيا أن التكنولوجيا أصبحت وثيقة العلاقة بصناعة الطاقة ومن الضروري التركيز على التكنولوجيا والابتكارات الجديدة في قطاع الطاقة التقليدية لتقليل الانبعاثات الضارة من الكربون ومواجهة المنافسة الشديدة مع موارد الطاقة المتجددة التي تنمو بمعدلات سريعة في أوروبا، حيث تتجه العديد من الدول وعلى رأسها ألمانيا لجعل الطاقة المتجددة المصدر الرئيسي في مزيج الطاقة. وأشار لـ "الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، إلى أن استمرار أسعار النفط الخام إلى مستويات قياسية في الانخفاض لم تسجل منذ أكثر من 12 عاما دفع بعض الدول المنتجة إلى التوسع في سياسات خصخصة القطاع النفطي، وأبرز الأمثلة في هذا الشأن روسيا المتضررة على نحو حاد من انخفاض الأسعار.
وأضاف ديبيش أن التوسع في الخصخصة سيكون داعما جيدا لميزانيات الدول المنتجة، كما سنجد تزايدا في عمليات الاستحواذ بين الشركات النفطية مشيرا إلى أن أحدث الأمثلة في هذا الصدد هو سعي "لوك أويل" الروسية لشراء "باشنفت"، معتبرا أن تكوين كيانات نفطية أكبر سيعطي الاستثمارات قدرة أوسع على مواجهة تحديات السوق وتذليل الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن موجات تراجع الأسعار بشكل حاد. ويعتقد ديبيش أن الانخفاضات القياسية وتهاوى الأسعار لن يستمر كثيرا في ضوء بيانات مؤكدة عن تقلص النفط الصخري الأمريكي وتزايد الآمال في تراجع تدريجي لحالة وفرة المعروض النفطي، موضحا أنه في الوقت نفسه تراهن الاستثمارات على انتعاشة مقبلة في مستويات الطلب وهو ما دفع شركة النفط الكويتية لتوقع عودة الأسعار إلى قرابة 60 دولارا للبرميل بحلول منتصف العام المقبل.
واستدرك ديبيش قائلا: إن السياسات النفطية الإيرانية قد تعطل تعافي الأسواق لأن تلك السياسات تحتاج إلى الرشد وإلى تقليل حدة الرغبة الجارفة في تحدي ظروف السوق ورفع مستوى الصادرات على حساب بقية المنتجين ما جعلها تخفض بشكل حاد أسعار البيع للأسواق الآسيوية وتزاحم في الأسواق الأوروبية بتصدير أربعة ملايين برميل في يوم واحد في الوقت الذي تجري فيه اتصالات مكثفة مع البرازيل لفتح أسواق جديدة فيها.
وكانت أسعار النفط قد قفزت في ختام تعاملات الأسبوع بنحو 12 في المائة بعد تقرير أشار مجددا إلى أن منظمة "أوبك" قد توافق أخيرا على خفض للإنتاج لتقليل تخمة الإمدادات العالمية في حين غذى انتعاش أسواق الأسهم شهية المستثمرين للمخاطرة.
وأفادت تقارير اقتصادية بأنه بعد هبوط حاد بلغ 75 في المائة منذ منتصف 2014، يميل الكثيرون إلى الاعتقاد أنه من المتوقع تعافي الأسعار عاجلا أو آجلا إذا فرضت قيود على الإنتاج أو انتعش الطلب.
وتوقع مصرف "كوميرتس بنك" ومقره فرانكفورت، أن انخفاض إنتاج النفط الأمريكي على وجه الخصوص سيدفع سعر النفط إلى الصعود عائدا إلى 50 دولارا للبرميل بحلول نهاية العام.
وأغلقت عقود خام برنت مرتفعة 3.30 دولار أو 10.98 في المائة إلى 33.36 دولار للبرميل بعد أن تراجعت عن مستوى 30 دولارا في جلسة اليوم السابق، ولكنها أنهت الأسبوع منخفضة 2 في المائة.

الأكثر قراءة