Author

رخص القيادة .. احتكار وسوء خدمات

|
من الأشياء الطريفة أن السعوديين يتناقلون باندهاش بالغ إجراءات استخراج رخصة قيادة في زمن لا يتجاوز نصف ساعة في معظم الدول الخليجية ولن أقول الأوروبية، بينما يعترف الكثير منهم أنه عزف عن استخراج رخصة قيادة بسبب التعقيدات الغريبة التي تمارسها الشركة المحتكرة لخدمات تقديم الرخص، وهذه من مفاسد الاحتكار التي جعلت الشركة تمارس احتكارها ما يزيد على 30 عاما وتضمن مستحقاتها دون منافس، ولم يعد يهمها كيفية طريقة تقديم الخدمة ولا معاناة الناس في معظم المدن. أتمنى من "مجلس المنافسة"، وقد شرع أخيرا في مكافحة الاحتكار وتحديد كثير من الخدمات المحتكرة، أن تكون هذه الشركة تحت مجهر اهتمامه وأن يلزم الإدارة العامة للمرور بفتح المنافسة بين الشركات حتى نخرج من هذا الوضع المخجل الذي لا يتفق مع تطور الخدمات الأمنية وما يتبعها. ولو ألقينا نظرة سريعة على معاناة المراجعين نجد أمورا غريبة، فالشركة لا تقدم خدماتها سوى في الفترة الصباحية من السابعة حتى الثانية ظهرا بينما تتجاهل الفترة المسائية التي تتناسب مع وقت الطلاب والموظفين، أما موقع الشركة الإلكتروني فهو بدائي جدا ولا يقدم سوى نبذة عن تاريخ الشركة الاحتكاري ولا يستفاد منه في الحصول على أي خدمة إلكترونية، وعليك أيها المراجع الكريم الراغب في الحصول على "رخصة قيادة" أن تحمل معك "ملف أخضر علاقي"، الذي لم يعد يستخدم سوى في هذه الشركة الأثرية! وتحمل معك صورك الشخصية وتنتظر في طوابير طويلة منذ الصباح الباكر، ولو تأخرت قليلا فلن تجد أحدا يستقبلك، فالشركة لديها عدد محدود من الموظفين يفتقدون الحد الأدنى من مهارات التعامل مع العملاء، ولذلك لا تستغرب أن تقوم بالانتظار أمام الشباك حتى يحضر الموظف وإن اعترضت فسيتهمك أنك رفعت صوتك وتطاولت على المسؤولين وسيطلب منك الخروج من الطابور والحضور في يوم آخر عقابا مضاعفا لك! أما إذا يسر الله لك الحصول على النماذج المطلوبة، وقمت بتعبئتها بشكل يدوي ومنها نموذج للكشف الطبي يختص بفحص النظر وفصيلة الدم، فعليك أن تركض للبحث عن أقرب مستشفى وتعود بأوراقك ثم ورقة خاصة "بالبصمة" تذهب بها للجهات الأمنية وتنتظر لأسبوع أو أسبوعين، ثم تعود للطوابير الطويلة مرة أخرى لتحصل على موعد اختبار الكمبيوتر، وموعد آخر للاختبار الميداني، وحتى لو كنت واحدا من السائقين المحترفين ستخفق لا محالة حتى تضمن الشركة أن تحصِّل منك رسوم التدريب الميداني وتضطر للانتظار والتدريب النظري لمدة خمسة أيام. ومن الغريب أن هذه الشركة المحتكرة لا يوجد لديها سوى أعداد محدودة من سيارات التدريب والمدربين فتجد كل 50 أو 60 شخصا يقفون في الطابور نفسه حتى يأتي دورهم للتدريب على السيارة الوحيدة في الميدان. أما الوافدون فمعاناة إنسانية أخرى، فلا يوجد مترجمون ولا أحد يساعدهم في معرفة تعليمات اجتياز الاختبارات، وبعض الموظفين يطلب من الوافد إحضار كفيله رغم أن الحاجة لا تدعو لذلك. كنت أتمنى أن تتحسن خدمات هذه الشركة المحتكرة وتلغي نظام الأوراق والملفات الخضراء وتستفيد من التقنية ونظام "أبشر" في تسهيل الحصول على رخص القيادة بدلا من تعذيب الناس بهذه الطريقة البدائية، وكم أتمنى أن توفر العدد الكافي من الموظفين والمدربين وسيارات التدريب على فترتين مع توفير عيادة طبية داخلية وأجهزة لتسديد الرسوم بشكل آلي، ولكن طالما هي تحتكر الخدمة دون منافس فلا جدوى من مطالبنا.
إنشرها