خطيب الحرم المكي: على حدود البلاد رجال كالسدود يحرسونها من طوفان الشر

خطيب الحرم المكي: على حدود البلاد رجال كالسدود يحرسونها من طوفان الشر

قال الشيخ الدكتور صالح آل طالب إمام وخطيب المسجد الحرام، إنه كما توضع الأقفال على الأبواب خشية اللصوص وتبنى السدود خشية دمار الطوفان، فإن على حدود البلاد سدودا وأبوابا يحرسونها من طوفان الشر وخراب الديار، رجال يسهرون لينام الناس وينصبون لراحة الآخرين، إنهم المرابطون على الثغور والحارسون للحدود والحافظون للأمن، لافتا إلى أن الرباط هو الإقامة في الثغور وهي الأماكن التي يخاف على أهلها من العدو والمرابط هو المقيم على الثغور والمعد نفسه للجهاد في سبيل الله والدفاع عن دينه وإخوانه المسلمين وهو واجب أمر الله به. وأوضح في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أمس أن الأمن والأمان نعمة من الله على البشر، كما أنه فطرة يتطلبها كل حي على هذه الأرض، وفي ظل الأمن يعبد الناس ربهم في طمأنينة ويغدو الناس إلى معايشهم ومعاهدهم في سكينة فتعمر الدنيا والآخرة.
وأفاد الشيخ آل طالب بأن الرباط والجهاد فروض شرعية لها معالمها وحدودها وفق الشريعة لا وفق الأهواء ولا كما يصورها الأعداء أو يتبناه السفهاء، مشيرا إلى أن الرباط والجهاد شرع لحفظ الدين والأنفس والأموال والديار، من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو المجاهد في سبيل الله.
وتساءل: "هل يعلي كلمة الله من يقتل المصلين في المساجد وينتهك الحرمات ويزعزع الأمن في ديار الآمنين ويستهدف المسلمين قبل غيرهم بالقتل والتخريب والتدمير؟"، لافتا إلى أن من يحمي ثغور المسلمين ويدفع عنهم هو المرابط في سبيل الله، الذين يقفون على حدود البلاد يؤمنونها ويحرسونها هم المرابطون في سبيل الله.
وأكد أن كل قائم على ثغر من ثغور المسلمين هو مأجور ولو كان في داخل البلاد، وأن الرباط يحصل فضله حتى ولو لم يحصل قتل ولا قتال، أما إذا ابتلي المؤمن بمواجهة العدو فهو في جهاد يؤجر عليه وفي مقام يغبط عليه وموطن ابتلاء ورفعة، مبينا أن القتال أمر صعب تكرهه النفوس، وأن القتل ليس مقصودا لذاته لأن المسلم لا يذهب إلى الجهاد لأجل أن يقتل وإنما لأجل أن ينصر دين الله ويدافع عن المسلمين وعن أرضهم، والشهادة ضمانة للحال الأخرى وحسنى لا ينفك المؤمن من تحصيل أجرها أو النصر، وأن الحق لا بد له من صوت يعليه وقوة تحميه ورجال يذودون عنه.
ووجه رسالته للمرابطين قائلا: أيها المرابطون في سبيل الله إنكم والله تغبطون على ما أنتم فيه من عظيم العمل وجزيل الثواب فهنيئا لكم الأجر والشرف، اقتدوا بالنبي وصحبه في ذلك، ذكر الله ودعاءه والصبر، وأبشروا بالنصر والظفر.
وبين إمام وخطيب المسجد الحرام، أن المجاهدين والمرابطين على الحدود لهم حق على المسلمين عظيم حيث يعرضون أنفسهم للموت والخطر والتعب والنصب من أجل أن يعيشوا في أمن ورخاء وراحة وطمأنينة ورغد عيش، ويعرضون أنفسهم لكل أنواع المصائب والأهوال ويفارقون الزوجات والأبناء والأهل من أجل أن ينعم إخوانهم بعيشة طيبة وهم يقومون بواجب عظيم، مطالبا المسلمين بالدعاء لهم سرا وجهرا وإعانتهم بما يستطيعون.
وقال: كما أن الرباط يكون عادة في الثغور وعلى أطراف البلاد، فإن لأهل الداخل رباطا آخر، لا يقل أهمية عن رباط الحدود خصوصا إذا كانت البلاد قد دخلت غمار الحروب، إنها حراسة وحدة الصف واجتماع الكلمة، وهو ثغر يحرص العدو على النفاذ منه إذا أعجزته ثغور الأطراف، بل إنه لا قيمة لكل جهد على الحدود إذا تم النيل من ثغر الداخل، هو الثغر الذي يستهدفه المنافقون عادة وقد يستجرون إليه المغفلين والجهال، وإن العقل والمنطق يقضي بتأجيل أية خلافات داخلية أو خصومات ولو كانت خلافات مستحقة ما دامت البلاد في حرب فكيف إذا كانت خصومات مفتعلة وساذجة تشغل به المجتمعات؟! وطالب صاحب كل منبر وقلم ووسيلة إعلامية خاصة أو عامة بأن يدرك الظروف المعيشة والنوازل المحيطة بالأمة فإن كثيرين لم يجاروا الأحداث ولم يستشعروا الواقع ففقدت الجدية في الطرح وغاب الترفع عن هزيل البرامج ودعايات الغرائز، والبلاد مغبوطة بتماسك جبهاتها الداخلية ووارف أمنها مستهدفة من أعداء يكيدون لها ويتربصون بها الدوائر، داعيا كل قائل وكاتب أن يسعى لتوجيه فيوض القول لجمع الكلمة وتوحيد الصف والجهد لتحقيق الهدف، فالزمن وأوجاعه ومخاتلة أشراره لا يحتمل التصعيد والمناكفات، لا بد من حقن الأحبار وكف الألسن حتى انفراج الأزمات المحدقة بالأمة وانكشاف الغمة.
وفي المدينة المنورة بين الشيخ حسين آل الشيخ إمام وخطيب المسجد النبوي، في خطبة الجمعة أمس، أن أعظم أسباب الفرج وأمتن مقومات اليسر اللجوء إلى الله سبحانه بالتوبة النصوح والرجوع الصادق إليه سبحانه بالتضرع والتذلل والطاعة والتقرب، فالإقبال على الله تعالى وعلى مرضاته وتحقيق طاعته هو الأساس المكين للخروج من الأزمات والشدائد في هذه الحياة الدنيا وبعد الممات.
وقال الشيخ حسين آل الشيخ إن الأمة الإسلامية تمر بكروب شديدة ومصائب عظيمة ولا كاشف لها ولا دافع مهما ظن الخلق غير ذلك إلا بالرجوع إلى الصراط المستقيم وإصلاح الوضع بالإسلام وتعاليمه في حياة المسلمين والمجتمع بما يرجونه ويصبون إليه، داعيا الأمة بتوبة صادقة ينسفون بها بكل صدق كل المخالفات العقائدية التي تزاول في حياتهم .
ولفت إلى أن المسلمين في كثير من البلدان يعيشون في شدة وكرب من العيش، ولا مخرج للمسلمين جميعا من أسباب الخطر إلا بالخضوع إلى الله وحده.

الأكثر قراءة