برقع ليلى

برقع ليلى

توبة بن الحمير الخفاجي العقيلي، أبو حرب. شاعر من عشاق العرب المشهورين، كان يهوى ليلى الأخيلية وخطبها، فرده أبوها وزوجها غيره، فانطلق يقول الشعر مشببا بها. واشتهر أمره، وسار شعره، وكثرت أخباره، قتله بنو عوف بن عقيل. أما ليلى الأخيلية، فهي ليلى بنت عبد الله بن الرحال، شاعرة فصيحة ذكية جميلة. اشتهرت بأخبارها مع توبة بن الحمير. قال لها عبد الملك بن مروان: ما رأى منك توبة حتى عشقك؟ فقالت: ما رأى الناس منك حتى جعلوك خليفة. ووفدت على الحجاج مرات، فكان يكرمها ويقربها. وطبقتها في الشعر تلي طبقة الخنساء. وأبلغ شعرها قصيدتها في رثاء توبة.
كان توبة يلتقي مع ليلى بين حين وآخر، ومن عادتها أن تلبس البرقع عند لقائهما، ففطن لذلك بعض أهلها، ورصدوا لتوبة في موعد لقائه بها، يريدون الفتك به، وخشيت عليه ليلى، وأرادت أن تنبهه للخطر المحدق به، فجاءت إلى مكان اللقاء وهي سافرة دون أن تلبس البرقع، فاستراب توبة من ذلك، وشعر أن وراء الأكمة ما وراءها، وعرف أنها فعلت ذلك تنبيها له، فهرب، وقال قصيدة شهيرة من ضمنها هذا البيت:
وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت
فقد رابني منها الغداة سفورها
وفيها أيضا البيت السائر:
وقد زعمت ليلى بأني فاجر
لنفسي تقاها أو عليها فجورها
ويتبين من هذه الحكاية وغيرها أن البرقع معروف عند العرب منذ الجاهلية، ولا صحة لمن ادعى في رواية شعبية أنه اكتشاف لبنت أحد شيوخ القبائل قبل 150 سنة. وتذكر معاجم اللغة أن البرقع خاص بنساء البادية، جاء في لسان العرب: "قال الليث: جمع البرقع البراقع، قال: وتلبسها الدواب وتلبسها نساء الأَعراب وفيه خرقان للعينين".
وجاء في "عيون الأخبار" لابن قتيبة" "أبو الغصن الأعرابي قال: خرجت حاجا، فلما بقباء تداعى أهله وقالوا: الصّقيل الصقيل! فنظرت وإذا جارية كأن وجهها سيف صقيل، فلمّا رميناها بالحدق ألقت البرقع على وجهها، فقلنا: إنا سفر وفينا أجر، فأمتعينا بوجهك، فانصاعت وأنا أعرف الضّحك في وجهها وهي تقول:
وكنت متى أرسلت طرفك رائدا
لقلبك يوما أتعبتك المنـاظـر
رأيت الذي لا كله أنـت قـادر عليه
ولا عن بعضه أنت صابر

الأكثر قراءة