«التعاون الإسلامي»: منظمة الأمن الغذائي ستخفض الأسعار وتقلل الفجوة بين الدول

«التعاون الإسلامي»: منظمة الأمن الغذائي ستخفض الأسعار وتقلل الفجوة بين الدول

أبلغ “الاقتصادية” السفير حميد أوبيلويارو، الأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في منظمة التعاون الإسلامي، أن المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي التي بصدد أن تبدأ خطواتها خلال الأيام المقبلة، ستكون الجهة المسؤولة عن جميع برامج الأمن الغذائي في الدول الإسلامية، وذلك على نسق برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله - للأمن الغذائي الذي أطلقته السعودية قبل أكثر من ثماني سنوات.

وأكد السفير أوبيلويارو أن المنظمة حصلت على مشاركة مبدئية من نحو 25 دولة من الدول الأعضاء، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يزداد العدد إلى 40 دولة عقب انعقاد أول اجتماع تأسيسي للمنظمة الوليدة في مدينة أستانا بكازاخستان خلال الفترة من 26 إلى 28 أبريل الجاري على هامش اجتماع وزراء الزراعة في الدول الإسلامية.

وأضافت أن المنظمة تستهدف تحقيق الأمن الغذائي عن طريق تقليل الفجوة بين احتياجاته المتنامية في الدول الإسلامية، ومعدلات النقص والتلف في السلع عن طريق تعزيز الاستثمار التجاري، ما سيسهم في تخفيض الأسعار عن طريق إنتاج السلع الغذائية محليا في الدول الأعضاء، وبالتالي زيادة التجارة البينية من ناحية أخرى، وفيما يلي نص الحوار..

بداية.. حدثنا عن النتائج التي انتهت بها القمة الإسلامية في تركيا أخيرا من الناحية الاقتصادية؟

من أهم الأمور التي خرجت بها القمة الإسلامية في إسطنبول اعتماد البرنامج العشري الجديد للمنظمة، إذ انتهينا العام الماضي 2015 من خطة عشرية، وبدأنا العام الحالي بخطة عشرية جديدة، وراجعنا خلال القمة أبرز ما جرى من أهداف في الفترة الماضية، والمتركزة على تنمية التجارة البينية بين الدول الأعضاء في المنظمة، وأقرت الدول الأعضاء البرنامج الجديد 20\25.

ما أبرز إنجازات الخطة العشرية الماضية، وأبرز ملامح الخطة الجديدة التي ستنتهي في 2025؟

حققنا أمورا كثيرة، ونحن راضون عما أنجز، خصوصا فيما يتعلق بتنمية التجارة البينية بين الدول الأعضاء، إذ إن الهدف في الفترة الماضية كان الوصول إلى نسبة 20 في المائة بمعدلات التجارة البينية، وانتهى عام 2015 وحققنا 19.81 في المائة، والآن بنينا رقما جديدا وهو تحقيق 25 في المائة بنهاية 2025، بزيادة 5 في المائة خلال عشر سنوات، وهو رقم منطقي جدا وواقعي، إذ نمت التجارة البينية بين الدول الأعضاء خلال العشر سنوات الماضية نحو 6 في المائة بعد أن كانت 14 في المائة في 2004.

كما أن زيادة معدلات التجارة البينية صعبة جدا، لأن ذلك يتعلق بتقليل معدلات التجارة البينية بين الدول الخارجية الأوروبية والأمريكية، وهو صعب جدا على الدول العربية التي تحكمها العلاقات الدولية، كما أن زيادة حجم التجارة البينية بين الدول الأعضاء تقلل المعدلات مع الدول الخارجية والعربية، والنسبة الكبرى من التجارة البينية بين الدول الأعضاء هي تجارة نفطية، وهو ما تشجع عليه المنظمة من خلال خمس آليات، مثل: تمويل التجارة.

وتبنّت القمة الإسلامية أيضا برنامجا تنمويا اقتصاديا جديدا يتعلق بتنمية دول آسيا الوسطى، يستهدف خمس دول في مجالات أربعة: الطاقة، الزراعة، النقل، والتجارة، على غرار البرنامج الذي تبنته المنظمة في خطتها العشرية الماضية لتنمية دول إفريقيا، علاوة على تبنيها أيضا مقترحا تقدم به رئيس كازاخستان لبلورة خطة بنية تحتية مشتركة بين الدول الإسلامية، وتمت الموافقة عليه، لأنه برنامج يدمج الجهود المقدمة لتنمية إفريقيا ودول آسيا والمناطق الإقليمية الأخرى، مثل الدول العربية وشمال إفريقيا وشرق آسيا، لتشمل جميع الدول، وقد بدأنا به بالفعل.

كما تقرر الإعلان عن إنشاء منظمة جديدة متخصصة في الأمن الغذائي لتكون بمنزلة مظلة للجهود السابقة في هذا المجال من خلال برامج البنك الإسلامي للتنمية ومكتب "أيسيسكو" في الجزائر لبرامج الأمن الغذائي، إذ سيعقد الاجتماع التنسيقي الأول لمنظمة الأمن الغذائي على هامش اجتماع وزراء الزراعة في الدول الإسلامية بمدينة أستانا بكازاخستان خلال الفترة من 26 إلى 28 أبريل الجاري.

حدثنا أكثر عن الهيكل التنظيمي للمنظمة الجديدة؟

منظمة الأمن الغذائي منظمة تعمل تحت مظلة منظمة التعاون الإسلامي، ولها برنامج عمل عشري وهيكل تنظيمي وميثاق خاص، وتستهدف تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء، وتضم حاليا في عضويتها 25 دولة، ونتوقع أن يصبح عدد الدول الموافقة على الميثاق 40 أو 45 دولة بعد انعقاد الاجتماع الوزاري لوزراء الزراعة، حيث سيفتح المجال لحضور ممثلين عن جميع الدول الأعضاء بصفة مراقب أو عضو، ومن المقرر أن يجري اختيار رئيس للجهاز التنفيذي والأعضاء بالانتخاب.

وماذا عن هدف المنظمة الجديدة، ولماذا كازاخستان؟

فكرة المنظمة مستقاة من مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي الخارجي، وستكون على نفس نسق المبادرة، إذ تستهدف تأمين جميع السلع الزراعية بما فيها القمح والذرة والأعلاف الخضراء والزيوت النباتية وجميع أنواع المنتجات الزراعية، وتقوم على أساس اتفاقيات بين الدول وأخرى تجارية عن طريق تمكين المستثمرين ورجال الأعمال من الدخول والاستثمار في مجال الأمن الغذائي بين الدول الأعضاء، حيث إن بعض الدول الإسلامية تمتلك القدرة المالية، وأخرى ليس لديها تلك القدرة وإنما تملك أراضي زراعية جيدة، ومن هنا تأتي فرصة التكامل الزراعي بين الدول الأعضاء، إلى جانب أن القطاع الزراعي يوفر نحو 70 في المائة من الفرص الوظيفية في عدد من الدول، كما أن 25 دولة من الـ 65 دولة من الدول الأعضاء في المنظمة هي دول زراعية.

وتهدف المنظمة بشكل أساسي إلى تبادل التقنية بين الدول الأعضاء من خلال الاستثمار، وستكون هناك منظومة متكاملة في مجال التبادل التقني والمعرفي بين عدد من بيوت الخبرة المتقدمة في الدول الأعضاء، علاوة على تأمين البنية التحتية فيما يتعلق ببنك المعلومات الزراعية على مستوى الدول لمعرفة مواطن النقص والوفرة، وتأمين احتياطي الأمن الغذائي وفق دراسات، وتحديد صندوق محدد للزراعة وآخر للبحث العلمي والبنية التحتية والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وسيجري تحديده في الاجتماع المقبل.

وجرى اختيار كازاخستان تحديدا لأنها كانت أسرع استجابة في طلب المنظمة لاستضافتها المنظمة الجديدة، إذ كان الاختيار وقع على السودان، إلا أنها لم تتجاوب مع المنظمة بسرعة، وعوضا عن ذلك ستستضيف مكتبا إقليميا للمنظمة الجديدة.

وهناك جهتان تستهدفان مجال الأمن الغذائي، هما: مكتب الأمن الغذائي الذي حشد أكثر من ملياري دولار لتأمين الأمن الغذائي والزراعي، وبرنامج إعلان جدة التابع للبنك الإسلامي للتنمية بالتعاون مع صندوق "إيفاد" للتنمية الزراعية بمبلغ 1.5 مليار دولار.

ألا يعد ذلك تشتتا في جهود الأمن الغذائي؟

لا.. هذا لا يعتبر تشتتا، بل تكاملا، إذ إن أولويات كل جهة تختلف عن الأخرى، وكلما كثرت المجموعات الصغيرة كثر النشاط والحراك، كما أن هناك مجالا واسعا لتحيق الأمن الغذائي عن طريق استخدام التقنيات العلمية الحديثة التي غالبا ما تكون مكلفة، ولا تسعى المنظمة الجديدة لإعادة اكتشاف العجلة كما يقولون، إنما نستهدف إيجاد طريقة علمية جديدة لرفع معدلات كفاءة برامج الأمن الغذائي بما يتناسب مع المتطلبات الخاصة للدول الإسلامية.

كيف ستسهم المنظمة الجديدة غي توفير الأمن الغذائي في ظل تقلب الأسعار وتحكم دول معينة بزراعة بعض المنتجات الزراعية مثل القمح؟

المنظمة تستهدف تحقيق الأمن الغذائي عن طريق تقليل الفجوة بين احتياجاته المتنامية في الدول الإسلامية، ومعدلات النقص والتلف في السلع عن طريق تعزيز الاستثمار التجاري، التي ستسهم في تقليل الأسعار عن طريق إنتاج السلع الغذائية محليا في الدول الأعضاء، وبالتالي زيادة التجارة البينية من ناحية أخرى بما يحفظ الثروات للأجيال القادمة.

سلعة القمح تحديدا تسيطر على عملية تصديرها أمريكا، كيف ستعملون على تأمينها؟

هذا هدف المنظمة كذلك، إذ إن تأمين زراعتها بكميات كبيرة في الدول الإسلامية الأعضاء بالمنظمة بما يكفي حاجة جميع الدول، سيسهم في تجنب الدول الإسلامية خطورة التقلبات السياسية والاعتماد على الأجنبية في تأمينها، والآن نستهدف الاستثمار في الزراعة بالمياه المالحة حتى لا نعتمد على دول أخرى، وهي صورة أخرى من صور القوة الإسلامية والاتحاد الإسلامي المطالب بالاستفادة من العلوم والتكنولوجيا.
كما أن مشاكل الدول الإسلامية يمكن حلها بالتركيز على الناحية الاقتصادية والتجارية، فهم متحدون جدا بالأمور الاقتصادية التي لا تعتبر جدلية، على عكس الشؤون السياسية.

حذرت منظمة الأغذية العالمية من اتساع الفجوة الغذائية رغم معدلات الإنتاج القياسية.. كيف ستعمل المنظمة في ظل هذه الأوضاع؟

المنظمة الجديدة تستهدف القضاء على هذه التحديات بعمل الدراسات والأبحاث اللازمة لتخطي تحديات الزراعة الجيوسياسية، وكذلك الفنية، مثل تلك المتعلقة بالآفات الزراعية، إذ تستهدف المنظمة إيجاد سياسة موحدة للزراعة في الدول الأعضاء تهتم بالقضاء على معوقات الاستثمار الزراعي، وتبادل الأبحاث العلمية فيما يتعلق بتحسين الزراعة، حتى لا تكون الدول وحدها تكافح مثل هذه الأمور.

كيف ترى تجربة المملكة بعقد شراكات استثمارية في المجال الزراعي مع عدد من دول الجوار، مثل: مصر والسودان؟

تجارب السعودية في خلق شراكات استثمارية مع عدد من الدول في المجال الزراعي تعتبر ناجحة، إلا أن الاستثمار في بعض الدول وتصدير كامل الإنتاج قد يتسبب بمجاعة فيها، وبالتالي لا بد من إيجاد نسبة وتناسب بين المنتجات القابلة للتصدير والنسبة اللازمة للاستهلاك المحلي، حتى لا يحدث عجز في تلك الدول، وهذا ما تستهدفه المنظمة الجديدة من خلال توحيد السياسات وإيجاد وثيقة تفاهم تتضمن وثيقة سلوكية للاستثمار الزراعي بين الدول في المنظمة، إذ إن القوانين الدولية والمنظمات المتخصصة بالزراعة فشلت في إيجاد حل لهذا الأمر، خصوصا مع الدول التي تمتلك مجريات مياه حيوية.

ونحن نتحدث عن الأمن الغذائي لا بد من ألا نغفل جانبا مهما وهو الأمن المائي، خصوصا أن الدول الإسلامية تعاني صراعات على المياه؟

هناك لجان مشكلة لحل كل تلك المشاكل، ونحن من خلال المنظمة سنتعاون مع هذه المنظمات بما يخدم أهدافنا لبرمجة الاستخدام الأمثل لتقنية المياه بما يخدم تحقيق الأمن الغذائي، كما نستهدف كذلك دراسة جميع الأنشطة ذات العلاقة بالأمن الغذائي والتجارة الغذائية، مثل قطاع النقل والصناعة، خصوصا أن حجم الفجوة الغذائية يتسع عاما تلو الآخر، ففي عام 2000 كان حجم الفجوة الغذائية يقدر بنحو 16 مليار دولار، وفي 2015 أصبح العجز 79 مليار دولار، كما أن الإحصائيات الدولية تقول إن هناك 54 دولة مهددة بالأمن الغذائي، منها 28 دولة إسلامية، وهو رقم كبير جدا يقدر بـ 50 في المائة من العالم الإسلامي.

الأكثر قراءة