مدير «فنون حائل»: الفن لا يحتاج إلى محسنين .. والغنائيون انهزاميون

مدير «فنون حائل»: الفن لا يحتاج إلى محسنين .. والغنائيون انهزاميون

قال خضير الشريهي مدير فرع جمعية الثقافة والفنون في حائل، إن الفن لا يحتاج إلى محسنين أو متعاطفين، بل يحتاج إلى مؤمنين بدوره ورسالته وقيمته، واصفا الفنانين الغنائيين بالانهزاميين، كونهم حصروا فنهم في الاستراحات الخاصة وفضلوا السلامة، خوفا من دخول مساحة تجلب لهم الهم ـــ بحسب وصفه. وكشف في حوار خاص مع "الاقتصادية"، عن الإعلان خلال الأيام القليلة المقبلة عن إقامة أكاديمية الفنون التطوعية، مطالبا من يقف معاديا للجمعية عليه أن يعيد قراءة المجتمع، وإلى نص الحوار:

هل أنت راض عما تقدمه في الجمعية؟

لست راضيا، والإحباط ينهش بشراسة كل الأحلام التي جئت أحملها، ولكن رغم كل شيء بدأ الأمل يتجدد بعد إعلان رؤية المملكة 2030 ولعل في الوقت متسعا لنشارك في تحقيق تلك الرؤية على أرض الواقع.

ما أبرز العوائق التي تعترضكم في عملكم؟

عدم الاستقلالية، فنحن فرع نتبع المركز الرئيسي في الرياض، وهذا يترتب عليه ضعف الدعم الحكومي المخصص، وحزمة من الإجراءات البيروقراطية التي تحد من العمل، إضافة إلى صورة اجتماعية نمطية تقف في وجه الفن، تجرمه وتحرمه أحيانا، وتكاد تكون الجمعية المؤسسة الوحيدة بين كل هذه المؤسسات الحكومية والخاصة التي تتبنى الفن وتختص به، في حين تقف مؤسسات التعليم موقف المتفرج الذي ينتظر ما ستؤول إليه تجربتك لتتبناها أو ترفضها، أضف إلى ذلك عدم وجود أي تعليم ممنهج متخصص في الفنون، فالأمر يخضع لاجتهادات أفراد متى ما تشبعوا ذاتيا تخلوا عن فنهم وعنك.

ماذا تقدم الجمعية الآن للشباب؟

في ظل الظروف الحالية، نحن عاجزون عن تقديم عمل احترافي مستمر، وكل ما نقدمه مسكنات قد تثمر وقد تفشل، ونتحرك في نطاق ضيق، فمن خلال البرامج التي ننفذها نستهدف الهواة في مجالات الفنون، ونضع في كل عام خططا يتجه معظمها للهواة لأنهم أقل تكلفة، ولكننا ننجح في تحريك المياه الساكنة، ونوجد من لا شيء أشياء تجعل من ينتسب إلى الجمعية راضيا إلى حد ما.

ما أبرز الفنون التي تقدمها الجمعية الآن؟

في حائل ما زال التركيز على الفنون الفردية كالتصوير الفوتوغرافي والفن التشكيلي، إضافة إلى حوارات المنتدى الثقافي، أما الفنون الجماعية وهي الأهم، فما زلنا نبني أسسها، فالمسرح مكلف ويحتاج إلى عمل مستمر لا يهدأ، وبمجرد التوقف تتسرب الفرق التي تعمل فيه، وأما الفنون الشعبية فهي أفضل حالا، وقد كونا خمس فرق تؤدي العرضة والسامري، ومستمرة ومزدهرة لأنها تمارس أعمالا خاصة بها في المناسبات الخاصة ما حافظ على بقائها.

تدخلت إحدى الجهات الحكومية في إلغاء إحدى الحفلات الغنائية التي نظمتها الجمعية قبل موسمين وبررتم في حينها أن الإلغاء بسبب عطل فني، ما خفايا هذا الإلغاء؟

هذه قصة محزنة ومخجلة، وتفاصيلها لا تصلح للنشر، ولكن قد يأتي اليوم الذي نرويها لأجيال لا تعرف كيف كان الفن مخيفا وبعبعا يرعب بجماله وإنسانيته. وفعلا لم يكن عطلا فنيا، ولكننا فضلنا حفظ ماء وجه الفن وتلك الجهة التي تدخلت ومنعت، وعدتنا بأسلوب جديد استطعنا من خلاله التحرك ولو على الهامش.

استمرت الجمعية في إحياء المسرح الغنائي بعد ذلك وأقيمت عدة أمسيات غنائية .. لماذا لم تتدخل تلك الجهة مرة أخرى لإيقافها؟

الأمسيات الفنية الموسيقية لها وضع خاص، وتتطلب موافقة عدة جهات، وموافقة تلك الجهات في مصلحتنا ومصلحة ما نقدمه، ولكن لم تكن الموافقة النظامية وحدها كافية، فهناك مع الأسف نظام خفي فرضه تيار متشدد، وعلى الرغم من أن فروعا أخرى للجمعية في بعض المناطق تقدم تلك الأمسيات بكل سلاسة وهدوء، ولكننا في حائل واجهنا ضغطا عنيفا وصل إلى التهديد أحيانا، ففضلنا أن نقيم تلك الأمسيات دون إعلان عام وأن نكتفي بالشباب الذين نستطيع الوصول إليهم من خلال وسائل تواصل خاصة، ولو أعلن عن أي أمسية موسيقية بشكل رسمي فلن تجد مكانا فارغا وستجذب الشباب حتى إن فرضت رسوم على دخول المسرح، وهذا عن تجربة، فالأمسية التي ألغيت كانت تذكرة الدخول بـ١٠٠ ريال، ونفدت ٤٠٠ مقعد، ولكننا اضطررنا إلى إعادة الأموال بعد الإلغاء.

قدمت الجمعية عدة أعمال سينمائية وكان لمديرها وجود بالمشاركة في دور "شيخ القبيلة" .. هل هذه المشاركة تشجيع للشباب أم أن هناك موهبة اكتشفت في هذه المشاهد؟

"شيخ القبيلة" فزعة، وتجربة خاصة بي لن تتكرر، وكانت تلك الحلقة تجريبية على أن يستبدل دوري بممثل آخر بعد تسويق الحلقة، التي كانت ضمن ٣٠ حلقة أخرى، واتفقنا مع مؤسسة إنتاج لتسويقها على القنوات التلفزيونية، ولكن المؤسسة لم تنجح في التسويق، ولم أر مبررا لإيقاف نشر الحلقة بعد الجهود التي قدمها الزملاء مع أنني اشترطت عدم النشر قبل التمثيل، والتجربة كانت جميلة وأصداؤها محفزة لعمل آخر ولكنني لن أعود للتمثيل لأنني لست ممثلا.

أعلنتم استعداد الجمعية للتحول إلى صالة عرض سينمائية مثالية "متى أتيح المجال لكم وأن لديكم الاستعداد والقدرة على تنظيم الحفلات الموسيقية والمسرحيات؟ هل لديكم الإمكانات؟ وهل هذا الإعلان استفزاز للبعض؟

القدرة البشرية هي أفضل ما تتمتع به الجمعية، ومن تلك الطاقات البشرية سنحقق النجاح، والسينما أصبحت في كل بيت، ويحملها في جواله كل شخص، ودور عرض السينما تتطلب وجود القطاع الخاص بإمكاناته المادية العالية، ولكن هناك من يقلقه العمل الجماعي المنظم، ويواجهه بعمل جماعي منظم، ونحن لدينا نظام، وما تقره الأنظمة سنعمل وفقه، وعلى من يقف موقفا معاديا ومتشددا أن يعيد قراءة ما يحدث في المجتمع، وأن يعي أن الجدل في أمر بدهي فرضه الواقع مضيعة للوقت، ودورنا حاليا سيقف على التدريب وإقامة الورش لصناعة الأفلام القصيرة فقط.

عزوف الفنانين المعروفين في حائل عن المشاركة في البرامج التي تقدمها الجمعية، هل هو عدم قناعة بما تقدمه من عمل؟

المشكلة لا تتجاوز "كم تدفع؟"، فكثير منهم ينتظر العائد المادي، والشعارات التي يرفعها تتهاوى عند أول طلب لإقامة دورة أو ورشة، وهذا من حقه لو كانت الجمعية تملك المال، ونحن حالنا يقول "لا خيل عندي أهديها ولا مال"، ولكن الحال لن يسعده أيضا.

الجمعية مؤسسة مجتمع مدني وتقوم على مشاركة المجتمع هل فعلتم العمل التطوعي من خلال أنشطتكم؟

أكاد أجزم بأننا نجحنا في هذا الجانب، ونسعى إلى إشراك جميع الأعضاء الراغبين في أعمال تطوعية، ومن خلال الأعضاء الذين تزايد عددهم أخيرا سنطلق "أكاديمية الفنون التطوعية" التي تستهدف الأطفال من خلال برامج ممنهجة تحقق رغباتهم وتسهم في اكتشاف مواهبهم وصقلها، وسنعلن تفاصليها حال اكتمال هذا المشروع، وهو حتما لن يهدف إلى الربح ولا جمع المال، ولكنه واجب وطني نقدمه لشموع هذا البلد.

كيف ترى تعاون الفنانين خاصة الغنائيين؟

مع الأسف، موقفهم انهزامي وليست لديهم القدرة على تبني قضاياهم والدفاع عنها، خاصة مع وجود موقف معاد معلن من البعض، والفنانون معذورون في موقفهم، فحين يخاف الإنسان لن يبدع، ولا يجتمع الفن والخوف، وفضلوا أن يحصروا أنشطتهم في الاستراحات الخاصة، وأن يبتعدوا عن الجمعية، مع أننا اجتمعنا بعدد كبير منهم وخرجنا باتفاق يتضمن إنشاء أول فرقة موسيقية رسمية متكاملة قبل عام، ولكنهم فضلوا السلامة خوفا من دخول مساحة تجلب لهم الهم، وحقيقة الفن لا يحتاج إلى محسنين أو متعاطفين، بل يحتاج إلى مؤمنين بدوره ورسالته وقيمته، وهذا الأمر لن يتحقق حاليا في الأغلب، بل يتطلب وقتا وعندما ينطلق الفن من المدارس، سيولد هذا الإيمان.

قدمت الجمعية أنشطة عدة لاقت إقبالا كبيرا في العام الماضي ثم تراجعت .. لماذا؟

لأننا ننتظر الدعم المخصص لنا ولم يصل إلى الآن، وعسى أن يكون في تأخيره خير، وأنشطتنا التي تقام منذ ثلاثة أشهر بلا ميزانيات وبجهود الأعضاء فقط.

تعاني الجمعية خطة التقشف التي فرضت عليها .. كيف تغلبتم على هذا العائق؟

ما زالت خطة التقشف تعصف بنا ونعانيها، ولكن بهمة الشباب وإصرارهم استطعنا التقليل من آثارها.

الأكثر قراءة