الطفل «الهامور»
شدتني الحلقة الرابعة من مسلسل "سيلفي 2" التي كان عنوانها "مقطع فيديو"، والابتزاز الذي تعرض له "الوزير" بسبب مقطع خشي أن يتسرب في مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما جعله يقوم بأمور تحت تأثير الخوف على الرغم من أنها من صميم عمله ألا وهي مقابلة الجمهور والاستماع لهم وحل مشاكلهم.
الحلقة جسدت واقعا نعايشه وله شواهد عدة.. فالمواطن مهما بلغ من البساطة لا بد من احترامه، ومن لا يحترمه أو ينهره من المسؤولين - كما حدث في "مقطع الوزير" - فمصيره الإقالة وليس الاستقالة بناء على طلبه.
في الحلقة حالة "بودي" أن أتحدث عنها ألا وهي شخصية "دواء كحة"، ذلك الطفل "الهامور" الذي يحرك الرأي العام كما يريد في "تويتر"، ويخيف الوزير ويرعبه وأصبح بالنسبة له كالكابوس المزعج المرهق لدرجة استدراجه وإغرائه بالمال طمعا في سكوته.
طبعا هناك الكثير من "نمونة" دواء كحة في مواقع التواصل الاجتماعي، ونشهدهم بوضوح في المجال الرياضي، وتأثيرهم قوي يفوق أحيانا قوة صحف مجتمعة، ولكن من منحهم تلك القوة ومن جعلهم يتملكون كل ذلك التأثير الذي مكنهم من إقالة مدربين والتأثير في نفسيات اللاعبين، وفي أحيان إسقاط رؤساء أندية، والتأثير في قرارات اللجان في "اتحاد القدم"، وتسييرها كما يشتهون من خلال "وسم" يحركونه بضغطة "زر".
أذكر أني قلت في أكثر من مرة وعبر حسابي في "تويتر": غير مقبول أن يدير ناد كبير بحجم الهلال أو النصر أو الاتحاد مجموعة من الحسابات المجهولة في "تويتر"، وأن تتحكم في قرارات إدارات تلك الأندية وأن تبعد من تشاء وتقيل من تشاء، ولكن غير المقبول أصبح مع الأسف الشديد واقعا، والكثير من رؤساء الأندية يخشون ردة فعل تلك الحسابات أو ما يسمون "الهوامير" أكثر من ردة فعل الصحف، بل إن بعضهم يتابعهم ويتودد إليهم ويجتمع بهم في الخفاء وأحيانا ينفق عليهم طمعا في تحييدهم.
"الزبدة".. نحن من جعل من هؤلاء مشاهير، ونحن من جعل من الأطفال أصحاب رأي وتأثير، ونحن من نتابعهم ونروج لهم ونغذيهم، ونحن من جعل من طفل "هامورا" يقود آلافا من الأشناب "القطيع"، نحتاج إلى تجاهلهم وعدم التفاعل معهم حتى لا نجد رقابنا تحت سيوف "دواء كحة" وبقية الأطفال "الهوامير".