الأسواق النفطية تتجه نحو «التوازن» مدعومة بنمو الطلب الآسيوي

الأسواق النفطية تتجه نحو «التوازن» مدعومة بنمو الطلب الآسيوي

توقع مختصون نفطيون استمرار حالة التقلبات السعرية في أسواق الخام خلال الأسبوع الجاري مع ترجيح الميل إلى الانخفاض وذلك نتيجة حالة الترقب في الأسواق لنتائج الاستفتاء المقرر حول استمرار بريطانيا في الاتحاد الأوروبي الخميس المقبل وسط توقعات من مسؤولين بريطانيين بأن خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي قد يكون له تداعيات اقتصادية سلبية واسعة.
ويتوقع المختصون استمرار الضغوط على أسعار النفط كنتيجة لصعود الدولار والمخزونات النفطية في الولايات المتحدة، التي جاءت دون التوقعات في الأسبوع الماضي وتسببت في تراجعات حادة للأسعار قبل أن يختتم الأسبوع على ارتفاعات محدودة.
ويأمل المختصون في بيانات جديدة عن مستويات الطلب توقف تراجع الأسعار وتعزز الاستقرار في السوق خاصة مع استمرار حالة تقلص المعروض من الإنتاجين الأمريكي والكندي وتوقف إمدادات نيجيريا.
ويقول لـ "الاقتصادية"، لاديسلاف جانييك مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، إن تقلبات الأسعار لن تستمر كثيرا متوقعا أن تعبر الأسواق أزمة احتمال انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وأن تعاود التعافي والاقتراب من مرحلة التوازن بحافز من نمو واسع للطلب يجيء من دول آسيا خاصة الهند وباكستان.
وأشار جانييك إلى أن ملف تجميد الإنتاج طرح من جديد هذا الأسبوع ومن المتوقع أن يثار دائما في فترات تراجع الأسعار منوها إلى أن النجاح في تحقيق تقدم في هذا الملف مرهون بتعاون إيران، التي اقتربت بالفعل من استعادة مستويات الصادرات ما قبل فترة فرض العقوبات الاقتصادية، مضيفا أن حالة التنافس التصديري بين نفوط السعودية وروسيا ستستمر في أسواق أوروبا، ولكن النمو في القارة العجوز سيظل محدودا مقارنة بطفرة طلب واسعة ومتوقع قادمة من وسط القارة الآسيوية.
وأوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور ليوناردو ماوتينو المحلل بشركة "أوكسيرا" البريطانية للاستشارات المالية، أنه لا يستطيع أحد على وجه التحديد أن يؤكد ماذا سيحدث إذا انسحبت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ولكن التحليل الاقتصادي يمكن أن يساعدنا على تحديد بعض الآثار المترتبة، مشيرا إلى وجود العديد من التأثيرات على الكثير من القطاعات الاقتصادية الرئيسية مثل النقل بأنواعه والطيران والموانئ والسكك الحديدية، كما أن الكثير من طبيعة الأنشطة التجارية البريطانية ستتغير في حالة الانسحاب البريطاني من التكتل.
وبحسب ماوتينو فإن سوق الطاقة سيتأثر دون شك في حالة الخروج البريطاني حيث من المتوقع زيادة حدة المنافسة في السوق، وتأثر معدلات النمو الأوروبي بالسلب، ما يفرض مزيدا من الأعباء التنموية على الحكومات.
من جهته، قال لـ "الاقتصادية"، ماركوس كروج كبير محللي "إيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، إن الجهود الدولية لضبط حالة المعروض النفطي مازالت مستمرة وتلقى قبولا بين عدد غير قليل من المنتجين مشيرا إلى إعلان فنزويلا أنها ستطرح خلال الاجتماع الوزاري لـ "أوبك" في تشرين الثاني (نوفمبر )القادم فكرة "نطاقات الإنتاج"، التي تحدد لكل الدول المنتجة الأعضاء في المنظمة هامش إنتاجي لا تتجاوزه في محاولة لتخفيف حدة السباق الإنتاجي.
وأشار كروج إلى أن سقف الإنتاج لدول "أوبك" أصبح من القضايا الشائكة التي يتم تجاهلها منعا لتفجير الخلافات وللحفاظ على وحدة المنظمة حيث شهد الاجتماعان الوزاريان الأخيران عدم الإشارة لسقف الإنتاج التقليدي للمنظمة أو تحديد سقف جديد.
في سياق آخر، يحتفل المقر الأوروبي للأمم المتحدة غدا في فيينا بتطبيق معايير كفاءة الطاقة كافة وخفض انبعاثات الكربون وفق الاتفاقية الدولية لمكافحة التغير المناخي، التي وقعت في باريس في كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
وأوضحت لـ "الاقتصادية"، مصادر في الأمم المتحدة، أنه تم اتخاذ تدابير شاملة لرفع مستوى كفاءة استخدام الطاقة، والتحول إلى نسبة 100 في المائة في الاعتماد على الطاقة المتجددة في توليد الكهرباء في واحد من أكبر فروع الأمم المتحدة، التي أصبحت حاليا بالفعل محايدة مناخيا، مضيفة أن الاحتفال سيشهد كلمات عن مستقبل الطاقة النظيفة في العالم وسبل زيادة الكفاءة والاعتماد على التكنولوجيا المتطورة وسيدلى بها كل من يوري فيدوتوف، مدير عام الأمم المتحدة في فيينا ولى يونج المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية "اليونيدو".
وكان تقرير أممي أكد أنه سيتم الإعلان عن وثيقة الاستراتيجية الكاملة لمبادرة الأمم المتحدة من أجل الطاقة المستدامة للجميع في قمة الأعمال والمناخ في لندن يوم 28 من الشهر الجاري، مشيرا إلى أن مبادرة الطاقة المستدامة للجميع التابعة للأمم المتحدة لعبت دورا أساسيا في حصول أغلبية سكان العالم على خدمات الطاقة الحديثة حيث إنها مكون جوهري في خطة الأهداف الإنمائية المستدامة واتفاق مكافحة تغير المناخ في باريس. وأضاف التقرير أن مبادرة الطاقة المستدامة الجديدة للجميع تمثل استراتيجية وأداة قوية لدعم التنمية في العالم منوها إلى تأكيدات المنظمة الدولية على توافر إمدادات الطاقة بأسعار معقولة ودعم نمو موارد الطاقة النظيفة لما لذلك من دور حيوي في ربط النمو الاقتصادي بزيادة مستويات العدالة الاجتماعية وتوافر البيئة الصحية.
وأفاد التقرير بأن تنمية موارد الطاقة النظيفة تحتاج إلى استثمارات ومصادر تمويل بنحو مئات المليارات من الدولار، ولن يتحقق ذلك إلا إذا تم تنفيذ نهج مبتكر لبناء الشراكات بين القطاعين العام والخاص وتحفيز الاستثمارات ومبادرة الطاقة المستدامة ستلعب دورا رئيسيا في تحقيق هذه الأهداف. ونوه التقرير إلى أهمية مواجهة التحديات في مجال الطاقة خاصة ما يتعلق بخفض كثافة الكربون وإتاحة هذا الأمر للجميع وهو ما يتطلب إعادة التفكير جذريا في طريقة إنتاج وتوزيع واستهلاك الطاقة، لافتا إلى أن مبادرة الطاقة المستدامة للجميع تعتمد على نهج استراتيجي يشمل ثلاثة أهداف هي ضمان حصول الجميع على خدمات الطاقة الحديثة وضمان مضاعفة المعدل العالمي للتحسن في كفاءة الطاقة إلى جانب مضاعفة حصة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي. من ناحية أخرى تنطلق في مدينة ميونخ الألمانية اليوم ولمدة أربعة أيام أعمال قمة الاتحاد الأوروبي رقم 32 حول الطاقة الشمسية ويناقش المؤتمر أحدث النتائج والتطورات الصناعية والعلمية وسبل تمهيد الطريق أمام مستقبل أفضل بالاعتماد على الطاقة الكهروضوئية.
ويتحدث أمام المؤتمر - الذي يرافقه معرض متخصص في تكنولوجيا الطاقة الشمسية – مجموعة من كبار المسؤولين في المفوضية الأوروبية والوكالة الدولية للطاقة والاتحاد الدولي للطاقة الشمسية والهيئات المعنية بالطاقة المتجددة، وتركز الأبحاث وأوراق العمل في المؤتمر على بحث أحدث التطورات في إنتاج الطاقة الشمسية والتكنولوجيات الخاصة بها إلى جانب مناقشة مزيج من القضايا العلمية والتكنولوجية والصناعية والتطبيقات ذات الصلة.
وكانت أسعار النفط الخام قفزت في ختام تعاملات الأسبوع الماضي للمرة الأولى في سبعة أيام، لكن عمليات التداول ظلت متقلبة، فقد ارتفع سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 1.98 دولار أو 4.20 في المائة إلى 49.17 دولار للبرميل، وزاد سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 1.77 دولار، أو ما يعادل 3.83 في المائة لتسجل عند التسوية 47.98 دولار للبرميل، وقال محللون إن المستثمرين أغلقوا بعض المراكز المدينة بعد أسبوع من التعاملات المتقلبة التي ساعدت على إحداث بعض التصحيحات في أسعار النفط.

الأكثر قراءة