المشتريات الآسيوية تنعش آفاق الطلب على النفط

المشتريات الآسيوية تنعش آفاق الطلب على النفط
النفط قرب أدنى مستوى في شهرين بسبب مخاوف من وفرة المعروض.

تلقت أسواق النفط بارتياح نتائج اجتماعات مجموعة العشرين في الصين، التي ركزت على مكافحة التأثيرات السلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ومكافحة الإرهاب في العالم من خلال تعزيز النمو الاقتصادي. وتوقع مختصون تحدثوا لـ"الاقتصادية" أن تشهد المرحلة المقبلة تعافيا في الطلب بدعم من المشتريات الآسيوية، خصوصا من الهند والصين.
وفي هذا السياق، يقول لـ"الاقتصادية"، كيث بالمر مدير شركة إكسبرو للخدمات النفطية في آسيا، إن صعوبات النمو الاقتصادي في عديد من دول العالم لن تؤثر في حقيقة أن الطلب العالمي على الطاقة في نمو متزايد خاصة في الهند ودول آسيا ذات الكثافة والنمو السكاني المرتفع.
وأضاف كيث بالمر أنه من هذا المنطلق سعت "إكسبرو" لتعزيز الشراكة وتأكيد وجودها في السوق الهندية، حيث فازت الشركة بعقود جديدة مع شركة الهند للنفط والغاز بقيمة تتجاوز 17 مليون دولار على مدى ثلاث سنوات وتشمل العديد من المشروعات في جميع أنحاء المناطق الغربية والشرقية من الهند والحقول البحرية في مومباي وحوض كريشنا جودافاري.
وأشار كيث بالمر إلى أن "إكسبرو" تثمن بشدة الثقة الكبيرة التي أولتها لها الهند خاصة في مجال اختبارات الآبار حديثة الاستكشاف، منوها إلى ضرورة تعزيز الشراكة بين الشركات الوطنية والدولية في مجالات صناعة النفط كافة للتغلب على التحديات التي تواجه سوق الطاقة خاصة حالة التقلبات السعرية الحادة.
ونوه كيث بالمر إلى أن الهند لاعب رئيس في منظومة الطلب العالمي على الطاقة كما تسعى لتكون منتجا أيضا ودورها يزداد نموا ورسوخا في السوق في المرحلة الحالية وفي السنوات المقبلة مشيرا إلى تطلع الشركة لإضافة الكثير من الاستثمارات النفطية في الهند خلال السنوات المقبلة.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، سبنسر دال كبير الاقتصاديين في شركة بريتيش بتروليوم "بي بي" العالمية للطاقة، أن حالة ضعف الطلب، التي كانت السمة الأساسية في السوق ستتراجع في السنوات المقبلة وتصحح ذاتها ما سيقود إلى تعافي الأسعار وتوازن السوق من جديد. وأشار دال، إلى السنوات الماضية شهدت تركز ضعف الطلب على الطاقة في الاقتصادات النامية، حيث إن الزيادة في استهلاك الطاقة خارج دول منظمة التعاون والتنمية لم تتجاوز 1.6 في المائة في عام 2015 وهو ما يعتبر أقل من نصف متوسط نموها على مدى السنوات الـ 10 الماضية.
ويعتقد دال أن الصين ستظل المحرك الرئيس لمستويات الطلب على الرغم من تقلبات الأداء الاقتصادي الصيني حيث شهد في العام الماضي تباطأ النمو في استهلاك الطاقة إلى 1.5 في المائة فقط وهو ما يعتبر أضعف معدل نمو منذ أواخر عقد التسعينيات وحتى مع ذلك، ظلت الصين أكبر سوق في معدلات النمو في مجال استهلاك الطاقة. إلى ذلك، قال لـ"الاقتصادية"، المهندس برت ويكيرنك مدير أنظمة التشغيل في شركة "كيوا" الدولية للغاز في هولندا، إن السوق يغلب عليه التوجس وعدم اليقين بشأن النمو الاقتصادي بسبب تصاعد أعمال الإرهاب في ألمانيا والخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي وهو ما أثر على المعنويات الاقتصادية وعمق المخاوف في السوق.
وأشار ويكيرنك إلى حالة وفرة المعروض لن تستمر كثيرا بسبب تقلص الاستثمار كما وجدنا استمرار اضطراب الإنتاج في كندا بسبب التسرب النفطي وأيضا في نيجيريا بسبب الهجمات على المنشآت النفطية في دلتا النيجر وهو ما أصاب المعروض النيجيري بالشلل وفشلت أكثر من مرة جهود الهدنة وإنهاء الصراع في هذا البلد المنتج والمؤثر في السوق الدولي. وأكد ويكيرنك أن الاقتصاديات الخليجية كانت أكثر صلابة في مواجهة تقلبات سوق النفط واستمرار حالة ضعف الأسعار وهو ما جعلها تحظى بإشادة وتقدير من صندوق النقد الدولي حيث ركزت على سرعة التحول نحو الاقتصاد المتنوع كما لجأت إلى إجراءات فعالة أخرى مثل خفض الإنفاق العام وتقليل الدعم والتوسع في الخصخصة وتحسين المنظومة الضريبية وكلها عوامل مكنتها من التوازن وامتصاص صدمات السوق. إلى ذلك، استهل النفط الخام تعاملات الأسبوع على تسجيل انخفاضات جديدة نتجت بشكل أساسي عن نمو المخاوف من حالة وفرة المعروض النفطي، التي دعمها استمرار ارتفاع الدولار واستمرار تزايد منصات الحفر الأمريكية للأسبوع الرابع على التوالي. وزادت المخاوف في السوق بسبب الهجمات الإرهابية الأربع التي وقعت في ألمانيا الأسبوع الماضي، حيث يتوقع تراجع معدلات النمو هذا العام في أكبر اقتصاد أوروبي كما يشهد الاقتصاد الياباني ثالث أكبر مستهلك للطاقة في العالم حالة من التباطؤ النسبي وسط ترقب خطة تحفيز اقتصادي واسعة أقرتها البلاد.
ومازالت السوق متأثرة بالمعنويات الاقتصادية المنخفضة بسبب الهجمات الإرهابية المتلاحقة في أوروبا إلى جانب تداعيات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي واشتعال المنافسة في الانتخابات الأمريكية إلى جانب محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.
وبحسب "رويترز"، فقد تراجع سعر خام القياس العالمي مزيج برنت في العقود الآجلة 24 سنتا إلى 45.45 دولار للبرميل في حين انخفضت أسعار الخام الأمريكي 25 سنتا إلى 43.94 دولار للبرميل، ويقترب الخامان من أدنى مستوى في شهرين سجلاه الأسبوع الماضي.
ويقول متعاملون إن النفط يتعرض لضغوط من استمرار وفرة المعروض والمصاعب الاقتصادية المتزايدة، وأشار "مورجان ستانلي" في مذكرة إلى تنامي احتمال تكوين مخزونات أكبر من المعتاد، ومع استناد التداولات في السوق بشكل متزايد إلى بيانات وزارة الطاقة الأمريكية، فقد يكون ذلك محفزا لمزيد من الهبوط.
وأفاد بنك "باركليز" أن الطلب العالمي علي النفط في الربع الثالث من 2016 ينمو بأقل من ثلث الوتيرة المسجلة قبل عام متأثرا بالنمو الاقتصادي الضعيف، مشيرا إلى تلاشى دعم الطلب من الدول المتقدمة في الوقت الذي يتباطأ فيه النمو في الصين والهند. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية في وقت سابق من الأسبوع الماضي إنه بينما تراجعت المخزونات الأمريكية إلا أنها عند مستويات مرتفعة تاريخية بوصولها إلى 519.5 مليون برميل في هذا الوقت من السنة، وفضلا عن ذلك أشار متعاملون إلى أن شركة "جينسكيب" المتخصصة في معلومات السوق أشارت إلى زيادة بواقع 725 ألفا و176 برميلا خلال الأسبوع المنتهي في 19 من تموز (يوليو) في مخزونات مركز كاشينج لتسليم عقود الخام الأمريكي في أوكلاهوما، وشجع هبوط الأسعار في الولايات المتحدة التجار على إرسال الوقود الأمريكي إلى أوروبا فيما زاد الإمدادات بالمنطقة.
وأظهر تقرير شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة الذي يحظى بمتابعة وثيقة أن منتجي النفط الأمريكيين زادوا عدد منصات الحفر للأسبوع الرابع على التوالي مع توقعات بأن تؤدي العودة إلى الإنتاج في الآونة الأخيرة إلى انحسار تراجع إنتاج الخام المحلي، حيث أضاف المنتجين 14 منصة نفطية في الأسبوع المنتهي في 22 تموز (يوليو) ليصل إجمالي عدد المنصات إلى 371 مقارنة بـ659 منصة قبل عام. ويعتقد محللون ومنتجون أن مستوى 50 دولارا للبرميل هو مستوى مهم يشجع على العودة إلى الإنتاج بعد انخفاض الأسعار بأكبر وتيرة منذ عقود بما أدى إلى تراجع عدد منصات الحفر منذ تسجيل مستوى الذروة عند 1609 منصات في تشرين الأول (أكتوبر) 2014.
وانخفضت عقود الخام الأمريكية من 50 دولارا للبرميل منذ أواخر حزيران (يونيو) بسبب تجدد المخاوف بشأن تخمة الإمدادات إلى نحو 44 دولارا للبرميل في الوقت الذي يتوقع فيه محللون وشركات زيادة عدد المنصات خلال النصف الثاني من هذا العام وحتى 2017 و2018 إذ من المتوقع ارتفاع الأسعار في ذلك الوقت.

الأكثر قراءة