مسجد البيعة.. إرث تاريخي ومكانة إسلامية
مسجد البيعة يعد من المساجد التاريخية، تمت على أرضه أول بيعة في الإسلام، واكتسب أهميته التاريخية من هذا الحدث التاريخي المهم.
ويعود تاريخ تشييد مسجد البيعة إلى سنة 144هـ، عندما بناه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في الموضع الذي تمت فيه البيعة تخليداً لهذه الذكرى.
ويقع المسجد على بعد 500 متر تقريبا من جمرة العقبة الكبرى، ويشاهده الحجاج العابرون لمنطقة الجمرات، وهو عبارة عن مصلى لا سقف له يحوي محرابا وملحقا معه فناء كبير، يطل على منى من الناحية الشمالية في السفح الجنوبي لجبل "ثبير" المطل على الشعب المعروف باسم "شعب الأنصار" أو "شعب البيعة". ويوجد فيه حجران كتب على أحدهما عبارة "أمر عبدالله ــ أمير المؤمنين أكرمه الله ــ ببنيان هذا المسجد" في إشارة إلى الخليفة العباسي، وفيه رواقان من الجهتين الشامية واليمانية بطول 23 ذراعا وعرض 14 ذراعا ونصف الذراع، كل منهما مسقوف بثلاث قبب على أربعة عقود وبابين. وطول المسجد من محرابه إلى آخر الرحبة 38 ذراعا تقريبا. وما زال المسجد يحتفظ بشيء من مساحته ونقوشه الإنشائية الأثرية، إذ يوجد فيه نقش إنشائي يؤرخ لعمارته وآخر تذكاري من الفترة نفسها، ونقش إنشائي مؤرخ بسنة 625هـ.
وظل المسجد متواريا عن الأنظار خلف الجبل حتى بعد التوسعة الجديدة وإزالة الجبل في إطار توسعة مشعر منى لطرق المشاة والحافلات، ضمن مشروع منشأة الجمرات، ظهر للجميع بالقرب من جسر الجمرات. وتمت بيعة العقبة الأولى في هذا الموضع من منى سنة 12 من البعثة 621م، حيث بايع 12 شخصا من قبيلتي الأوس والخزرج من المدينة، كما أن بيعة العقبة الثانية كانت في الموضع ذاته، وذلك أثناء موسم حج سنة 13 من البعثة 622م، وحضر هذه البيعة 73 رجلا وامرأتان من أهل المدينة المنورة، ودعوا النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي إلى المدينة، وقالوا: إلى متى ندع رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد في جبال مكة، وعرفت هذه البيعة أيضا ببيعة العقبة الكبرى. وبنى أبو جعفر المنصور سنة 144هـ (761م) مسجدا في موضع البيعة، كما هو مدون في اللوحة التي لا تزال مثبتة في جدار المسجد للقبلة من الخارج، وهو مكون من فناء مكشوف تتقدمه مظلة.