مخترق النادي
منذ أن أورقت شجرة "تويتر" ومدت ظلالها على الوسط الرياضي السعودي، برزت على السطح مصطلحات جديدة تروج بين عصافير المنصة الجديدة، تزيد في شحن النفوس المستعدة لاستقبال المشاحنات أكثر من غيرها.
على سبيل المثال، في "تويتر"، ظهر مصطلح "فلان مخترق النادي ال..."، وتبدأ المعركة، بين مدافعين بلا هدف حقيقي، ومهاجمين لا هدف لهم، كل يحاول إلصاق نقيصة في النادي الذي لا يحبه، ويرفع من شأن المخترق العظيم في عينه، فتتحول الساحة إلى هرج ومرج وزبد لا ينفع الناس.
مريدو المخترق المفترض، يزعمون أنهم بمسلكهم وجدوا ما يمكنهم من إعلان نصر، ومناهضوه يعتقدون أن المساس بخبر.. خبر فقط في ناديهم كارثة كبرى لا يليق أن يكون حقيقة تمس كيانهم المقدس في دواخلهم، والأمر في حقيقته أبسط من ذلك بكثير، وكثير جدا.
عمل الصحافي هو اصطياد الأخبار وتقديمها للقراء بكل موضوعية، ولا ينبغي تحويل القضية من الجماهير كنوع من الجاسوسية والاستخباراتية والمعسكرات المتضادة، وواجب القارئ الحصيف أن يقرأ الخبر ويخضعه لمشرط الموضوعية بعيدا عن اسم ناقله، هكذا هي الأمور ببساطة.
من حق الصحافي البحث عن الخبر، أيا كانت أطرافه، وليس من بين أجندة الصحافة استهداف أخبار منشأة ما دون سواها، وهذا خطأ يرسخه بعض العاملين بسلوكهم بحثا عن متابعين ربما، وعن صيت زائف يلحقه بقائمة "المخترقين" الوهمية، ولا يعرف هؤلاء أنهم يشوهون وجه الصحافة بترسيخ هذه المفاهيم الخاطئة لدى العامة.
الصحافي الشاطر، لن يعدم الوسيلة في تقصي الأخبار، فهذا عمله، وفي هذا الزمن أصبحت الأخبار تبحث عن الصحافي أكثر من بحثه عنها، ومهما حاول مسؤولو الأندية الاحتياط بالسرية فإن الخبر سيجد صحافيا ينشره، وربما مشجعا على واحدة من منصات الإعلام الجديد، ولكن على الصحافيين ألا ينجرفوا خلف العامة ويرددوا الشعارات الجوفاء نفسها، فيسيئوا للمهنة ولأنفسهم.
أما لماذا يحدث ما يحدث؟، ففي ظني أن كثيرا من مشجعي الأندية وبعض مسؤوليها يريد تحويل الأندية لمعسكرات متناحرة، وفي ذلك طريق لبقائهم، هناك مسؤول ما في ناد ما، كل إمكاناته أنه ينتمي حبا لهذا النادي ويطلق العبارات التافهة تجاه منافسيه، وإذا ما كانت الموضوعية في صدارة معايير البقاء فإن وجوده مهدد تماما، ولذلك يسعى لشحن الجو العام بمعيار بقائه حتى ولو كان التعصب ذاته. ويقابله مسؤول آخر، وبقصد أو من دونه، يحول الأندية إلى تكتلات حزبية تشترط الولاء المطلق فيجد الأول مكانا في المشهد، ويصطف الفريقان في معركة خارج الميدان لا منتصر فيها.
جذور القضية قديمة، قدم الرياضة نفسها، يمكن تلخيصها في فهم عبارة النازي هتلر عندما سُئل: لماذا تظهر بحماسة متفجرة عند إلقاء خطاباتك للجماهير؟ فأجاب: الجماهير المتعصبة أسهل للانقياد.