«السالنامة» العثمانية الحجازية
تعني كلمة "السالنامة" الكتاب السنوي، وقد بدأ العثمانيون بإصدار أول سالنامة سنة 1263هـ وهي سالنامة الدولة العلية العثمانية ثم بدأ التطور بعد مدة من الزمن يظهر على تلك السالنامات، فظهرت سالنامات رسمية ولكنها تخص هيئة أو وزارة بعينها فصدرت سنة 1283هـ السالنامة العسكرية ثم تبعها ظهور عدد آخر لجهات أخرى كدار الإرصاد والمشيخة الإسلامية ونظارة المعارف وغير ذلك.
ومن تلك السالنامات الرسمية الخاصة سالنامات الولايات العثمانية فقد صدر عن عدد من الولايات العثمانية سالنامات خاصة بها وكان أول ظهور لها سالنامة ولاية طرابزون سنة 1282هـ، أما الولايات العربية فقد صدرت عنها سالنامة بيروت ومتصرفية جبل لبنان وحلب وسورية ومصر وطرابلس الغرب واليمن وبغداد والموصل والبصرة والحجاز.
وجاء ظهور السالنامة الحجازية أو سالنامة ولاية الحجاز سنة 1301هـ أي بعد مضي عام تقريبا من إنشاء المطبعة الميرية في مكة المكرمة ثم تبعتها أربعة أعداد أخرى في سنة 1303هـ و 1305هـ و 1306هـ و 1309هـ، وبهذا يكون ما صدر عن ولاية الحجاز خمسة أعداد فقط ولم تلتزم تلك الأعداد من خلال تاريخ صدورها بمعنى السالنامة الدقيق حيث لم ينتظم وقت صدورها كما هو واضح. وقد جاءت السالنامات الحجازية جميعها باللغة العثمانية إضافة إلى ترجمة العدد الثاني فقط إلى العربية الصادر سنة 1303هـ بينما بقيت الأربع الأخرى دون ترجمة.
#2#
ومما لا شك فيه أن لهذه السالنامات أهمية بالغة لدى الباحثين والمهتمين بالشأن الحجازي لما فيها من أخبار وإحصائيات وأسماء لشاغلي الوظائف العسكرية والمدنية توضح حال الولاية في تلك الفترة وحبذا لو حققت في الوقت الحالي.
وبالنظر إلى الأعداد الخمسة الخاصة بالحجاز نجد تشابها في موضوعاتها ومضمونها مع تغيير العاملين ومقدار المصروفات والواردات و ترتيب الموضوعات وإن كان العدد الثالث والرابع والخامس أكثر تشابها.
وقد بدأ العدد الأول بمقدمة عن مكة المكرمة وذكر التعميرات السابقة للحرم المكي الشريف ثم ذكر ولاة الحجاز في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - والخلفاء الراشدين، ثم ذكر أشراف مكة بدءا من الشريف غالب بن مساعد، ثم جاءت بعد ذلك ترجمة لوالي الحجاز في وقته عثمان باشا، وتلا ذلك ذكر للمساجد والمواقع المأثورة والزوايا والمكاتب الصبيانية في مكة المكرمة، ثم سيق الحديث عن دائرة الإمارة الجليلة مكة المكرمة والعاملين فيها من مدنيين وعسكريين، وكذلك وبصورة مختصرة عن القيادات في جدة والطائف، وتحدث العدد بعد ذلك بحديث مشابه لمكة المكرمة عن المدينة المنورة وختم العدد بذكر الميزانية السنوية للولاية.
#3#
وقد جاء العدد الثاني مماثلا للعد الأول باستثناء بعض الإضافات حيث بدأ بذكر الوقائع المشهورة من عهد سيدنا آدم - عليه السلام - إلى نهاية القرن الثالث عشر الهجري باختصار شديد. ومما أضيف أيضا ترجمة السلاطين العثمانيين، وذكر الألقاب الرسمية لشاغلي وظائف الدولة والحث على التقييد بها عند مخاطبتهم وأحوال التشريفات بين القيادات العليا في الدولة. وقد تمييز هذا العدد عن سائر الأعداد بما نشره من كلمة لمفتي الشافعية في مكة المكرمة أحمد بن زيني دحلان الذي تحدث فيها عن مآثر السلاطين العثمانيين في مكة المكرمة وعن المساجد والمواقع المأثورة وغير ذلك مما يخص تاريخ مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وقد خلا العدد الأول والعدد الثاني من نشر التقويم السنوي وكذلك من خريطة الولاية، وقد اعتذر القائمون على السالنامة من ذلك بعدم وجود الإمكانيات اللازمة لهما في المطبعة.
أما العدد الثالث والرابع والخامس فهي متشابهة إلى حد كبير ولم أجد اختلافا بينها إلا بذكر ترجمة والي الحجاز في العدد الخامس بينما لم توجد في العددين الثالث والرابع.
وجاءت الأعداد مرتبة في موضوعاتها فهي تبدأ بنشر التقويم السنوي ثم ذكر الوقائع المشهورة ثم ترجمة السلاطين العثمانيين فالألقاب الرسمية وأحوال التشريفات ثم ساقت بعد ذلك إحصائية شاملة مفصلة لولايات الدولة ثم ذكر أمراء مكة المكرمة من القرن الهجري الأول إلى وقتهم وكذلك ولاة الحجاز منذ دخول الحجاز تحت الحكم العثماني فأركان الولاية ثم وصف لمعالم الحجاز الجغرافية وكيفية دخول الحجاز تحت الحكم العثماني ثم أوردت العاملين في دائرة الإمارة الجليلة. تلا ذلك معلومات عن مكة المكرمة شملت حدودها وأسمائها ومواقيتها وعمارات الكعبة وتعيين مواقع أبواب الحرم المكي، وتطرقت إلى الحديث أيضا عن الكسوة والمحمل والصرة وجراية الحنطة، ثم نشرت عدة منشورات باللغة العربية عن بعض التعميرات السابقة في الحرم المكي الشريف وتم الحديث أيضا عن عين زبيدة والمآثر الشريفة والمساجد والجبال في مكة المكرمة، وبصورة أكثر اختصار تحدثوا عن المدن الأخرى في الحجاز وإن شابهت المدينة المنورة مكة المكرمة في الحديث، وأشير بعد ذلك إلى الطريق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، ثم ختمت بذكر الميزانية السنوية الخاصة بالولاية.
ومن الأخبار الواردة في السالنامة الحجازية ما جاء في العدد الأول سنة 1301هـ ببيان أسماء المفتين في مكة المكرمة وهم عبدالرحمن سراج مفتي المذهب الحنفي، وأحمد دحلان مفتي الشافعي، ومحمد عابد مفتي المالكي، وخلف بن إبراهيم مفتي الحنبلي. ومما جاء في العدد الثاني سنة 1303هـ عن بعض أعيان المدينة المنورة ورد ذكر محمد بالي مفتي الحنفي، وجعفر برزنجي مفتي الشافعي، وأحمد نظيف مدير الحرم النبوي، وعلوي السقاف نقيب الأشراف. وجاء في وصف جدة في العدد الثالث 1305هـ أن فيها 5 جوامع و30 مسجدا و900 دكان و300 صهريج. وجاء في العدد الرابع 1306هـ أن في الطائف 6 جوامع و7 مساجد و200 دكان. وجاء في العدد الخامس 1309هـ أن في ينبع البحر 3 جوامع و300 دكان.