أسعار النفط فوق 52.6 دولار لأول مرة في 2016
واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية لليوم السابع على التوالي، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ بداية العام عند 52.62 دولار للبرميل، وذلك بدعم من اتفاق المنتجين في الجزائر الأسبوع الماضي على خفض الإنتاج، وقد تلقت دعما إضافيا من انخفاض كبير وغير متوقع في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية، لتسجل أعلى مستوى خلال العام الجاري.
وعزز اتجاه الأسعار نحو مزيد من الارتفاعات تصريحات نور الدين بوطرفة وزير النفط الجزائري الذي تحدث عن إمكانية إقرار "أوبك" في اجتماع فيينا الشهر المقبل مزيدا من الخفض للانتاج بنسبة قد تزيد 1 في المائة عما تم الاتفاق عليه فى الجزائر (700 ألف برميل يوميا).
وعكست تصريحات الوزير الجزائري وحدة الصف داخل المنظمة وتجاوزها مرحلة الخلافات السابقة مشددا على أن المزيد من الآفاق الإيجابية ينتظر "أوبك" بعدما نجحت في التوافق على قضايا السوق وتمكنت من الرد على المشككين في دورها والزاعمين بانتهاء تأثيرها في السوق.
يأتي ذلك فيما كشف ديل بينو أولوخيو وزير النفط الفنزويلي عن أن أعضاء من "أوبك" سيجتمعون الأسبوع المقبل لإجراء محادثات بشأن تنفيذ اتفاق الجزائر، مع انضمام روسيا للمناقشات حول كيفية مشاركة المنتجين من خارج المنظمة في قرار خفض الإنتاج مؤكدا أن "أوبك" بدأت مرحلة جديدة من استعادة نفوذها في السوق والعودة إلى دورها المؤثر والقيادي في توجيه السوق وعلاج اختلالاته.
وفى هذا الإطار، قال لـ "الاقتصادية"، الدكتور فيليب ديبيش رئيس المبادرة الأوروبية للطاقة، إن عقد اجتماع جديد غير رسمى بين "أوبك" وروسيا في إسطنبول خلال الأيام القادمة يؤكد جدية كل المنتجين في التحرك نحو استعادة الاستقرار وتعافي الأسعار في السوق مشيرا إلى أن الاجتماع سيكمل ما تم الإعلان عنه في الجزائر الأسبوع الماضي من تحرك مشترك نحو خفض الإنتاج معتبرا أن الفترة الحالية ستكون من أزهى فترات الاتصالات والتعاون بين كبار المنتجين خاصة أن السوق يسير بخطى متسارعة نحو تعافي الأسعار.
وأضاف ديبيش أن فكرة رفع قيمة خفض الإنتاج من 700 ألف برميل يوميا إلى 1.2 مليون برميل يوميا توجه جيد ومؤثر وسيقود إلى قفزات سعرية جيدة يقدرها البعض بنحو15 دولارا في البرميل مشيرا إلى أن أولى الخطوات في طريق خفض الإنتاج للتغلب على حالة تخمة المعروض قد بدأت بالفعل وستعقبها خطوات عديدة مماثلة إلى حين الوصول إلى الخفض الأمثل الذي يقود إلى توازن العرض والطلب في السوق.
وأشارت ديبيش إلى أن أصعب الخطوات قد اجتازتها "أوبك" بالفعل وهي توحيد الصف وتضييق هوة الخلافات وإعلاء المصالح المشتركة والعمل معا لرقي صناعة النفط ومن ثم ستكون الاجتماعات المقبلة للمنتجين أكثر فاعلية وتأثيرا في الأسواق.
إلى ذلك، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندرياس جيني مدير شركة "ماكسويل كوانت" للخدمات النفطية، أن الانخفاض الكبير وغير المتوقع في مستوى المخزونات النفطية الأمريكية هو دون شك مؤشر جيد على تعافي قادم أوسع في مستويات الطلب على النفط مشيرا إلى أن مشكلة تخمة المعروض ما زالت مؤثرة ولكنها تتجه للانحسار التدريجي. ونوه جيني إلى أن بعض العوامل الضاغطة على الأسعار ما زالت موجودة مثل صعود الدولار وارتفاع الحفارات الأمريكية ولكن تأثيرها سيكون محدودا مقارنة بخفض الإنتاج في أوبك وخارجها وأيضا تقلص المخزونات.
#2#
وأضاف جيني أن الاتساع المستمر فى حصة دول "أوبك" السوقية التي كانت قرب 30 في المائة من المعروض العالمي وبسبب تقلص الإنتاج خارج المنظمة زادت إلى قرابة 40 في المائة فرض عليها العودة إلى دورها القديم في قيادة السوق خاصة أنها الكيان المنظم الأكبر وربما الأوحد في سوق النفط مشيرا إلى أن هذا التحول رد بقوة على المشككين في دور "أوبك" والزاعمين بانتهاء دورها في السوق.
من ناحيته، أكد لـ "الاقتصادية"، فرانك يوكنهوفر مدير مشروعات "سيمنس" في بلجيكا وهولندا، أن انتعاش الأسعار سينعكس بشكل إيجابي واسع على الاستثمارات التي شهدت حالة من التقلص الواسع على مدار العامين الماضيين وتم الغاء العديد من المشروعات وتأجيل البعض الآخر بسبب ارتفاع التكلفة.
وأشار يوكنهوفر إلى أن إنتاج النفط الصخري سيشهد نموا من جديد خاصة مع توقعات بلوغ سعر البرميل 60 دولارا خلال فترة وجيزة حيث استطاع منتجو الصخري في الفترة الماضية في خفض التكاليف والتأقلم مع مستويات الأسعار المنخفضة الذي انعكس على عودة تزايد الحفارات النفطية الأمريكية من جديد لتسجل مستويات ارتفاع قياسية جديدة.
وأضاف يوكنهوفر أن الاستثمارات تتجه حاليا إلى تبني استراتيجيات جديدة ومتطورة تهدف للتعجيل بمعدلات النمو وتعظيم الأرباح من خلال تبني مشروعات متميزة تساعد على تلبية الخطط الطموحة في النمو وعلى تحقيق تقدم في ملفات مهمة مثل خفض الانبعاثات وزيادة الاعتماد على مشروعات الغاز خاصة في توليد الكهرباء إلى جانب تطوير مصادر الطاقة المتجددة.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد ارتفعت أسعار النفط مدعومة بانخفاض كبير غير متوقع في مخزونات الخام الأمريكية لتصل إلى أعلى مستوياتها في العام الجاري التي بلغتها في حزيران (يونيو).
ووصلت أسعار النفط لأول مرة منذ بداية العام الجاري عند 52.62 للبرميل، في الساعة 6:30 بتوقيت جرينتش، متخطية أعلى مستوياته البالغة 52.51 دولار في 8 حزيران (يونيو) السابق.
إلى ذلك قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن مخزونات الخام في الولايات المتحدة تراجعت الأسبوع الماضي حتى مع قيام مصافي التكرير بخفض الإنتاج في حين زادت مخزونات البنزين وتراجعت مخزونات نواتج التقطير.
وتراجعت مخزونات الخام ثلاثة ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 30 أيلول (سبتمبر) بينما توقع المحللون زيادتها 2.6 مليون برميل.
وتراجع استهلاك الخام بمصافي التكرير 302 ألف برميل يوميا حسبما أظهرت البيانات، وهبط معدل تشغيل المصافي 1.8 نقطة مئوية، وزادت مخزونات البنزين 222 ألف برميل في حين توقع المحللون في استطلاع أجرته رويترز أن تزيد 702 ألف برميل.
وانخفضت مخزونات نواتج التقطير التي تشمل الديزل وزيت التدفئة 2.4 مليون برميل مقابل توقعات بأن تنخفض 700 ألف برميل، وهبطت واردات الخام الأمريكية 58 ألف برميل يوميا الأسبوع الماضي.
وأفاد محللون أنه رغم ذلك فإن المخزونات قرب أعلى مستوياتها على الإطلاق وحتى احتمال حدوث خفض متواضع في الإنتاج من قبل أكبر مصدري النفط في العالم ربما لا يكون كافيا لإطلاق موجة صعود أقوى للأسعار.
وأشار متعاملون إلى أن انخفاض الأسعار في التداولات المبكرة أمس يعكس ضعفا في السوق الحاضرة نظرا إلى أن تخمة إمدادات الوقود عالميا ما زالت قائمة.