«حكايا مسك» تصنع الدهشة في نفوس الزائرين وتحرك شغفهم للإبداع
صنعت فعاليات مهرجان "حكايا مسك" الدهشة في نفوس الزائرين للمهرجان في يومه الأول، وحركت شغفهم نحو الإبداع في المجال الفني، بتعريفهم بأساليب لم يعرفوها من قبل، واستخدام تقنيات حديثة لم يجربوها سابقا.
وشهدت الفترة الصباحية من يوم أمس حضورا كبيرا من طلاب المدارس، من مختلف المراحل الدراسية الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية، فيما توافدت في الفترة المسائية مجموعات من الأسر والشبان الراغبين في زيارة المهرجان والالتحاق بورش العمل.
وجاء المرشد الطلابي بندر الشيخ إلى المهرجان برفقة نحو 70 طالباً، جالوا في أقسامه، وشاركوا في ورش عمله المتنوعة، وخرجوا منه باكتشاف قدرات ومواهب جميلة لدى بعضهم لم يكونوا يعلمون بها سابقا.
وقال لـ "الاقتصادية" بندر الشيخ "إن زيارة المهرجان مثل فرصة لتنمية مهارات الطلاب واكتشاف مواهبهم، حيث لاحظ الجميع مثلاً من خلال ورش الرسم وجود طلاب من مدرسته يملكون مهارات عالية في الرسم"، مضيفاً "دور المدرسة الآن هو تنمية هذه المواهب والمهارات لدى طلابنا".
وبين أن طرق العرض المستخدمة في المنصات وورش العمل والأجهزة المتطورة المتوافرة فيها أثرت كثيراً في الطلاب وشدت انتباههم.
الطالبان هاني المعلوي وعبدالهادي الأحمري، أكدا الأثر الذي أحدثته ورش العمل في أنفسهما وفي زملائهما الطلاب، خصوصاً ورش الرسم، وتعرفهما على كيفية استخدام العقل في التفكير الإبداعي.
بدوره، أوضح لـ "الاقتصادية" محمد العبيد، وهو مخرج فني وأحد مقدمي ورش العمل في المهرجان، أن ورش العمل شهدت حضوراً لافتاً من مختلف الأعمار، واصفاً التفاعل من الحضور في النقاش بأنه "جميل ومثرٍ"، ففيما يتعرف بعضهم على برامج التصميم للمرة الأولى، بدا آخرون أكثر احترافية وامتلاكاً للموهبة ورغبة في تطويرها بشكل أكبر.
وأشار العبيد إلى أنه قدم في ورشة العمل عرضا عاما عن التصميم الجرافيكي، متناولاً كيف يمكن تحويل الفكرة التي يتعلم زائر "حكايا مسك" كتابتها وصياغتها كقصة ورسمها إلى رسم متحرك باستخدام برامج التصميم المعروفة، وتطويرها بعد ذلك إلى فيلم فيديو.
وأضاف "بعض الزوار ممن لم تكن لديهم أي معرفة سابقة بالتصميم الجرافيكي تحمسوا بعدما اطلعوا على بعض التجارب، وهذا الشغف يكفي"، مشيراً إلى وجود عديد من المواهب المتميزة بين المشاركين.
#2#
من جانبها، قالت لـ "الاقتصادية" هلا المزيني، مسؤولة قسم الجرافيك في المهرجان "إن اليوم الأول شهد إقبالاً كبيراً من طلاب المدارس، واستمتعوا بزيارة أقسامه الأربعة: الكتابة، والرسم، والأنيميشن، والإنتاج، فيما توجه طلاب المرحلة الابتدائية إلى قسم "المؤلف الصغير".
وأوضحت المزيني أن المهرجان يمثل جولة في عالم الإنتاج الفني، تبدأ بتعريفهم بأساسيات تحويل الفكرة إلى نص مكتوب، ثم التعرف على طرق رسمها المتنوعة، لينتقل بعدها إلى تعلم طريقة تحريك الرسومات ومن ثم إنتاجها في عملي فني مصور.
وأشارت إلى أن الزوار يعيشون رحلة صناعة المحتوى الإبداعي والإنتاج الفني من بدايتها إلى نهايتها، من خلال مرورهم بالمنصات وورش العمل الموجودة في أقسامه الأربعة، تبدأ بـ "محترف الكتابة" حيث يتعرفون على مهارات كتابة القصة ونصوص الأفلام، ليأخذوا طريقهم إلى قسم الرسم للتدرب على تقنيات الرسم الكرتوني ورسم الشخصيات، ثم ينتقلون بعد ذلك إلى قسم "الأنيميشن" لتعلم أساليب وتقنيات تحريك الرسومات والدبلجة الصوتية، ليصلوا أخيراً إلى قسم الإنتاج، حيث يتعلمون تقنيات التصوير الفوتوغرافي وصناعة الأفلام وإنتاج فيديوهات اليوتيوب.
وبينت المزيني أن كل قسم من الأقسام الأربعة يضم مجموعة من المنصات يتلقى فيها الزوار مواضيع نظرية عامة، وورش عمل تقدم للزائز مبادئ العمل الفني، وتلهمه في مجالات الكتابة، والرسم، والأنيميشن، والإنتاج، ليكمل طريقه ودراسته في هذه المجالات وتطوير مهاراته فيها.
وشهدت الفترة الصباحية لفعاليات مهرجان "حكايا مسك"، عقد ثلاث ورش عمل وثلاثة عروض مسرحية في قسم "المؤلف الصغير"، وست ورش في قسم "محترف الكتابة" وثلاث ندوات.
أما ساحات الرسم فشهدت انعقاد ست ورش عمل وستة عروض مسرحية للرسم، بينما سجل معمل الأنميشن "الرسوم المتحركة" ست ورش عمل وثلاث ندوات، والحال كذلك في قسم "استديو الإنتاج"، كما شهدت الفترة المسائية إعادة انعقاد جميع هذه الورش والندوات من الساعة الخامسة حتى الساعة العاشرة مساء.
#3#
وانطلقت في الفترة المسائية فعاليات "سوق حكايا" التي يشارك بها 30 شابا وشابة لعرض إبداعاتهم في من لوحات رسم ومجسمات وأعمال حرفية، بينما بدأت فعاليات "مسرح حكايا" بفقرة "حكايا شباب" تبعها عرض مرئي لأفلام قصيرة، كما استضاف المسرح الدكتور عبدالله المغلوث، في فقرة "حكايا مرابطين"، يتحدث خلالها عن تجربته في تغطية أحداث الحد الجنوبي، يتبع ذلك عرض مسرحية "حبل غسيل".
وسجلت أروقة قسم "المؤلف الصغير" توافد مئات من طلبة المرحلة الابتدائية، وبدأت ورش العمل في عقد جلسات عملية عن كيفية تعلم كتابة القصة، والتأليف، عبر أقسام خصصت، وجهزت بأحدث وسائل التقنية لتعلم كتابة القصة، التي كانت بمثابة جلسات عصف ذهني يقودها متخصصون في الكتابة وأساليبها، مستعرضين مراحل كتابة القصة من الفكرة مروراً بالرسم حتى الوصول إلى إنتاج قصة قابلة للنشر.
وقدم القائمون على قسم "المؤلف الصغير" أساليب مبتكرة لتعليم المشاركين في اليوم الأول طرق الكتابة، وتأليف القصة من خلال الجمع بين قيم التعليم والتدريب والتثقيف، إضافة إلى إدخال بعض الفقرات الترفيهية والتفاعلية.
وتحدث عدد من المشاركين في ورش العمل التي جرت في اليوم الأول عن مشاركتهم وتفاعلهم، إذ يقول محمد الرابغي، "إن سبب حضوره إلى قسم المؤلف الصغير هو الرغبة في المشاركة وتجربة تأليف القصص والكتابة، ولا سيما أنها تقدم بطرق مبسطة وسهلة في إيصال المعلومة مع التطبيق العملي، والتجربة من خلال كتابة القصة، وإنتاجها، وطباعتها في نفس الوقت".
من جهته، قال محمد عمر، البالغ من العمر 12 عاماً، "إنه استفاد من التطبيقات العملية في القسم"، بينما قال زميله عطية محمد الذروي، "إنه تمكن من كتابة قصته التي كانت حول المدينة المنورة"، مبيناً أن تجربته في كتابة القصة والتأليف كانت مفيدة بالنسبة إليه شخصياً، خصوصاً أنها شرعت له الأبواب للدخول إلى عالم القصة، والكتابة، معتبراً أن مثل تلك الورشة مهمة في تنميه المهارات، وتطوير الإبداعات.
وتحوّلت ساحات الرسم ضمن فعاليات الأقسام الإبداعية في ملتقى "حكايا مسك"، إلى خيمة لتأمل الزائرين في تفاصيل لوحات معروضة على الجوانب، ومن ثم ورش عمل وعروض مسرحية يقدّمها رسامون بهدف إتاحة الفرصة أمام الحضور لبث آمالهم والتعبير عنها عبر الرسم.
وأجواء تلك الساحات دفعت بطلاب المدارس ممن زاروا الملتقى خلال الفترة الصباحية، إلى خوض تجربة محاكاة واقعية، بدأت بجانب فكري نظري لتنتقل فيما بعد إلى عرض عملي كان نتاجه أثر من 40 ورقة رسمها الطلاب من تلقاء أنفسهم.
ويرى مهنا طيب مقدّم العرض المسرحي الروائي والرسام، فاعلية إشراك الحضور في ممارسة الرسم المباشر مع المشاركين من الرسامين ومناقشة رسوماتهم مباشرة في نفس الوقت.
#4#
وقال طيب "مثل تلك المناقشات تركت انطباعاً إيجابياً لدى كل طالب تقدّم برسمه أمام زملائه عبر منصة الرسم، وهو ما زرع في داخلهم حب أوراقهم ليتهافتوا على تذييلها بتوقيع الرسامين في الساحات".
ولفت إلى تقديمه عرضين مسرحيين اليوم وورشة عمل مكثفة لمدة ساعة ونصف تحوي مهارات الرسم والتركيز في التفاصيل، في حين سيقدم عرضا مسرحيا وورشة عمل اليوم ومثلها غدا.
وعلى الجانب الآخر من ساحات الرسم، أعشاب طبيعية تعرف باستخدامها كمشروبات ساخنة، فضلا عن بذور تدخل في بهارات المأكولات، سخرتها الرسامة إيمان سراج، في لوحاتها لتعتمد عليها كليا كألوان طبيعية تنتج منها لوحات فنية مختلفة.
وأضافت الرسامة إيمان سراج "أستخدم الشمندر والكركم والزعفران واللبن والطحين وبن القهوة على اختلاف أنواعها ما بين العربية والتركية وحتى سريعة التحضير، وذلك للرسم بها والدمج فيما بينها بهدف الحصول على درجات ألوان مختلفة".
وذكرت أن لكل خامة طريقة في إعدادها كألوان، إذ بعضها تحتاج إلى غليها على النار، في حين يكتفى بإضافة الماء العادي للبعض الآخر بكميات مختلفة باختلاف درجات الألوان المراد الوصول إليها.
وأفادت بأن القهوة تعد من أصعب الخامات المستخدمة في الرسم مقارنة بالألوان المائية العادية، إلا أنها تعتبر أكثر سهولة من الإكروليك، مبيّنة أن المنتج الأخير من الأعمال المرسومة بالقهوة يشبه كثيراً الرسم بالألوان المائية.
ولفتت إلى أن اللوحة الواحدة تستغرق ما بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع بمعدل أربع ساعات عمل يومياً، ولا سيما أن كل طبقة من طبقات الألوان المستقاة من تلك الأعشاب والبذور تحتاج إلى التجفيف قبل وضع الطبقة الثانية عليها.
إلى ذلك، يدير 110 متطوعين من الفتيات والشباب فعاليات ملتقى "حكايا مسك" في نسخته الثانية في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية وعلى مدار ثلاثة أيام متتالية، ليكملوا به ساعات التطوع الـ100 ساعة، المطلوبة منهم كأحد شروط التخرج من جامعة الأعمال والتكنولوجيا في جدة.
وتشارك 60 طالبة ومثلهن من الطلاب، يتفاوتون في مستويات التطوع، فمنهم القادة والقائدات، وآخرون ما زالوا تحت التدريب ضمن نادي التطوع التابع للجامعة، الذي يقدّم لهم برامج تدريبية متعددة، إلى جانب عشرة متطوعين إضافيين لسد النقص وقت الحاجة.
وأكدت سحر الحسيني، وكيلة شؤون الطالبات في جامعة الأعمال والتكنولوجيا، استمرار تدريب المتطوعات قبل وأثناء وبعد فعاليات الملتقى، موضحة أن كل متطوعة حريصة على تمثيل نفسها بصورة مشرّفة من خلال هيئتها وتعاملها مع الزوار.
وأشارت الحسيني إلى تدريب القائدات من المتطوعات للمستجدات في التطوع، فضلاً عن عقد اجتماعات لمناقشة أبرز الملاحظات والثغرات والعمل على تحسينها وتلافيها أولاً بأول. ولفتت إلى ضرورة إتمام كل طالبة في الجامعة 25 ساعة تطوعية خلال الفصل الدراسي الواحد، في حين تنضم الطالبة للعمل داخل الجامعة إذا لم تكمل ساعات التطوع المطلوبة منها قبل التخرج.
بينما أكد بدر الغانم، مشرف المسؤولية الاجتماعية في جامعة الأعمال والتكنولوجيا، أن المتطوعين والمتطوعات القائمين على فعاليات "حكايا مسك"، تمكنوا من التواصل مع الناس بمهارات عالية، إلى جانب إدارة الحشود والإسعافات الأولية.
وقال الغانم "إنه يتم إخضاعهم لدورات تدريبية وورش عمل تعقد داخل الجامعة بالشراكة مع جهات رسمية، كالغرفة التجارية الصناعية، تتيح لهم الحصول على شهادات معتمدة، عدا عن تجارب تدريبية يتم تنظيمها في نفس مواقع الفعاليات".