روسيا تكشف عن حجم إنتاجها النفطي لـ "أوبك" في اجتماع فيينا
استهل النفط الخام تعاملات الأسبوع على تسجيل ارتفاعات سعرية بنسبة 3 في المائة هي الأعلى في ثلاثة أسابيع، بتأثير من تزايد حالة التوافق بين المنتجين على تنفيذ اتفاق الجزائر، وهو ما سيتم إعلانه المتوقع رسميا خلال الاجتماع الوزاري لمنظمة أوبك في فيينا في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
وتلقت الأسعار الدعم الأكبر من إبداء إيران والعراق مواقف مرنة واستعدادا للمشاركة في تنفيذ الاتفاق الذي سيقيد المعروض بخفض نحو مليون برميل يوميا، كما تلقت السوق دعما مماثلا من الموقف الروسي الذي تعهد بتجميد الإنتاج ودعم قرارات "أوبك" لاستعادة التوازن في السوق. فيما أكدت لـ "الاقتصادية" مصادر روسية في فيينا، تأكيد حضور ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي الاجتماع الوزاري رقم 171 لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
وقالت المصادر، إن حضور نوفاك يجيء نظرا لأهمية هذه الدورة من الاجتماعات الوزارية لمنظمة أوبك، حيث من المتوقع أن تسفر عن قرار خفض الإنتاج، مشيرا إلى أن روسيا ورغم كونها ليست عضوا في "أوبك"، لكنها شريك أساسي في استقرار سوق النفط، وستعمل على بذل أقصى جهد ممكن لتحقيق التعاون المنشود بين كل المنتجين في "أوبك" وخارجها.
وأضافت المصادر، أن روسيا حاضرة بقوة أيضا في اجتماعات اللجنة العليا للخبراء التي بدأت أعمالها في فيينا أمس وستكون روسيا ممثلة بكبار الخبراء ومسؤولي وزارة الطاقة الروسية، وستحيط بقية المنتجين ببيانات دقيقة وشفافة حول حجم إنتاجها وتوقعاته في الفترة المقبلة. وفى سياق متصل، تعهدت إيران بتقديم الدعم الكامل لتنفيذ اتفاق الجزائر، مشيرة إلى ثقتها بالتوصل إلى اتفاق شامل خلال الاجتماع الوزاري المقبل لمنظمة أوبك.
جاء ذلك في أحدث تقارير منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" عن نتائج مباحثات الأمين العام للمنظمة محمد باركيندو في طهران ومشاوراته مع وزير النفط الإيراني بيجين زنجنه، حيث ناقش باركيندو وزنجنه التطورات الأخيرة في وضع سوق النفط والشكوك الاقتصادية والجيوسياسية التي تواجه السوق.
كما تطرق الاجتماع إلى مستقبل مفاوضات تغير المناخ في ضوء اتفاقية الأمم المتحدة في باريس، وذلك عقب اختتام اجتماعات تغير المناخ الأخيرة في مراكش قبل عدة أيام قليلة.
ونقل التقرير عن باركيندو تقديره للمرونة التي أبدتها إيران في مواقفها، ما سهل التوصل إلى اتفاق الجزائر في 28 أيلول (سبتمبر) الماضي، معربا عن أمله ألا يقتصر الدور الإيراني على المساهمة في الإجماع اللازم لتنفيذ اتفاق الجزائر، لكن أيضا من خلال العمل بنشاط مع نظرائها من الدول الأعضاء في "أوبك" الأخرى لتنفيذ هذا الاتفاق وتطبيقه.
وقال الأمين العام لمنظمة أوبك – في التقرير ـــ إن مشاركة إيران في تنفيذ اتفاق الجزائر هو أمر بالغ الأهمية، مؤكدا تمسكه بالاستمرار في حالة التفاؤل بمستقبل تطبيق هذا الاتفاق التاريخي.
وأقر الأمين العام بوقوع العديد من التغيرات السريعة في الاقتصاد والسياسة في العالم، ما كان له العديد من التأثيرات القوية التي انعكست على وضع سوق النفط، كما شدد على تمسك "أوبك" بضرورة اتخاذ إجراءات فاعلة بالتعاون مع المنتجين من خارج "أوبك" لدعم الاستقرار في السوق، مشيرا إلى أن هذه الإجراءات ستتسم بالعدالة والنزاهة والشفافية.
وأكد التقرير أن مباحثات باركيندو في طهران هي أحدث حلقة في إطار سلسلة من المشاورات التي تقودها "أوبك" مع مسؤولين في الدول الأعضاء في منظمة أوبك، في إطار مسعى المنظمة لضمان توافق الدول الأعضاء ودعم قدرتها على تنفيذ اتفاق الجزائر تنفيذا للتكليفات الصادرة عن المؤتمر الوزاري رقم 170 الذي عقد في الجزائر أيلول (سبتمبر) الماضي.
من جانبه، قال لـ"الاقتصادية" الدكتور إمبرجيو فاسولي؛ مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، إن مشاورات المنتجين تحقق تقدما إيجابيا يوما بعد يوما، مشيرا إلى أن إعلان العراق أنه سيقدم إلى الاجتماع الوزاري عددا من المقترحات بشأن خفض الإنتاج يمثل تطورا إيجابيا، ويؤكد أنه أصبح معنيا بخفض الإنتاج بعد أن ظل لفترة يركز فقط على المطالبة بإعفائه من خطط خفض الإنتاج.
وأضاف، أن روسيا أيضا تبدي خطوات جادة نحو الاستعداد لتجميد الإنتاج عند المستوىات الحالية، كما أنها تؤكد دوما دعمها قرارات "أوبك" المتوقعة لاستعادة الاستقرار والتوازن في السوق، كما أن مشاركتها بمستوى رفيع في الاجتماع الوزاري المقبل يعد تأكيدا على دعم خطة التوافق والتحرك المشترك لكل المنتجين لضبط السوق.
من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية" ألكس فولر مدير تنمية الأعمال بمبادرة الطاقة الأوروبية، إن تحقيق التقارب في مواقف المنتجين يدعم الأسعار بشكل كبير وستحقق الأسعار مزيدا من النمو في الأيام المقبلة حتى عقد الاجتماع الوزاري لـ"أوبك"، وبعد نجاح التوافق ستحقق مستوىات سعرية أكبر قبل نهاية العام الجاري.
وأشار إلى أن العوامل السلبية في السوق ما زالت مستمرة لكن تأثيرها أقل في المرحلة الراهنة، خاصة ارتفاع الدولار والمخزونات واستمرار التزايد في حفارات النفط الأمريكية.
من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية" سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية للطاقة، أن الموقفين الإيراني والعراقي هما محور نجاح تنفيذ اتفاق الجزائر، وأن المواقف المرنة التي ظهرت أخيرا من الدولتين بعد زيارتين للأمين العام لـ"أوبك" دعمت الأجواء الإيجابية التفاؤلية في السوق.
وتوقع أن يكون تاريخ 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري بمنزلة تدشين لمرحلة جديدة في سوق النفط الخام تقوم على تعويض الكثير من السلبيات التي شابت السوق على مدار السنوات الثلاث الماضية، حيث ستكون بداية لاستعادة التوازن بين العرض والطلب وتحقيق انحسار أسرع لحالة تخمة المعروض في الأسواق، ومن ثم الوصول إلى مستوىات سعرية ملائمة تمكن من عودة الرواج للاستثمارات النفطية.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط نحو واحد في المائة أمس، مع اقتراب "أوبك" من التوصل لاتفاق بشأن الإنتاج يكبح الفائض من المعروض النفطي الذي أبقى الأسعار منخفضة أكثر من عامين.
وارتفعت أسعار التعاقدات الآجلة لخام برنت 49 سنتا أو1.05 في المائة إلى 47.35 دولار للبرميل بحلول الساعة 00:23 بتوقيت جرينتش عن مستوى الإغلاق السابق، فيما ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 0.98 في المائة أو 44 سنتا إلى 46.14 دولار للبرميل.
وقال تجار إن الأسواق تلقت دعما من خطط "أوبك" لخفض الإنتاج، في محاولة لتعزيز السوق بعد هبوط الأسعار على مدى عامين كنتيجة لتجاوز الإنتاج الطلب.
وارتفعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس، مواصلة مكاسبها لليوم الثاني على التوالي، مسجلة أعلى مستوى في ثلاثة أسابيع، بفعل ارتفاع فرص نجاح منظمة أوبك في إتمام اتفاق خفض الإنتاج عندما تجتمع في 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، وذلك بعد مرونة في موقف إيران والعراق الرافض للمشاركة في هذا الاتفاق، إضافة إلى تصريحات الرئيس الروسي بتجميد الإنتاج عند المستوىات الحالية.
وبحلول الساعة 09:03 بتوقيت جرينتش، ارتفع الخام الأمريكي إلى مستوى 47.05 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 46.49 دولار، وسجل أعلى مستوى 47.17 دولار الأعلى منذ الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري وأدنى مستوى 46.45 دولار.
وصعد خام برنت إلى مستوى 47.55 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 46.97 دولار، وسجل أعلى مستوى 47.69 دولار الأعلى في ثلاثة أسابيع وأدنى مستوى 46.94 دولار.
وأنهى النفط الخام الأمريكي "تسليم يناير" تعاملات يوم الجمعة، مرتفعا بنسبة 1.7 في المائة في أول مكسب خلال ثلاثة أيام، وحققت عقود برنت "عقود يناير "ارتفاعا بنسبة 1.8 في المائة بعد تصريحات ألكسندر نوفاك وزير الطاقة الروسي.
وقال نوفاك يوم الجمعة الماضي، عقب الاجتماع مع "أوبك" إن إمكانية التوصل لاتفاق بين روسيا وأوبك، بخصوص مستوىات الإنتاج في تزايد مستمر، وأكد على أن تثبيت الإنتاج أحد الخيارات المطروحة.
من جانب آخر، انخفضت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 42.33 دولار للبرميل يوم الجمعة، مقابل 42.83 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة حقق ثاني انخفاض له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو دولار مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع السابق الذي سجلت خلاله 41.54 دولار للبرميل.