"غرين بنك".. البلدة الأمريكية التي لا تعكر هدوءها الهواتف المحمولة
تعتبر بلدة غرين بنك غربي ولاية ويست فرجينيا الأمريكية مختلفة عن أي بلدة أخرى في العالم، إذ تفرض قيودا شديدة على إشارات الهواتف المحمولة وشبكات الإنترنت (واي فاي) وغيرها من عناصر "الحياة المعاصرة" بحسب بي بي سي.
غير أنه ربما تشهد البلدة تغيرا ملحوظا في المستقبل.
ويقول مايك هولستين، الذي أمضى حياته الوظيفية متأملا في السماء: "الكون هائل للغاية".
ويشغل هولستين منصب مدير أعمال في مرصد غرين بنك، الذي يعد العمود الفقري لتليسكوب غرين بنك الضخم.
وفي يوم ثلاثاء ملبد بالغيوم وقفت وسط التلسكوب متأملا، لأشعر حينها بصغر حجمي أمامه.
وعلى الرغم من أن تلسكوب غرين بنك يضطلع بمهام كثيرة، إلا أن المهمة الوحيدة التي يتحدث عنها الجميع هي "الاستخبارات الفضائية".
فالتلسكوب يستمع لأي إشارات تواصل أو نشاط "كائنات أخرى" يأتي من خارج كوكب الأرض.
وإذا كانت الكائنات الغريبة على علم بأذننا الضخمة (التلسكوب) الموجهة ناحية مركز المجرة، فلن يكون هناك إعلان عن جمال كوكبنا أفضل من بلدة غرين بنك.
فالبلدة الواقعة في منطقة غرب فرجينيا الريفية الساحرة، يتوسطها تلسكوب غرين بنك الضخم الذي يهيمن على مناظرها الطبيعية الخلابة.
"شعب فريد"
لم أكن الصحفي الوحيد الذي يأتي إلى هنا. ففي الحقيقة، تعتبر غرين بنك مصدر سحر مستمر للصحفيين من جميع أنحاء العالم.
فالأجانب يأتون هنا لسببين، الأول مشاهدة عجائب العلم وتطوراته، والثاني رؤية هذا الشعب الفريد الذي اختار العيش هنا.
وتقع بلدة غرين بنك في قلب منطقة الغابات الوطنية الهادئة البعيدة عن الموجات الإذاعية، وهي منطقة تبلغ مساحتها 33 كيلومترا مربعا تفرض فيها قيود شديدة على أنواع محددة من الإذاعات والترددات، حتى لا تتسبب في تشويش العديد من الأجهزة الموجودة على التلال، مثل مرصد غرين بنك، وكذلك محطة "شوغر غروف" الاستخباراتية.
وبالنسبة لأولئك الذين يعيشون في المنطقة المجاورة لتلسكوب غرين بنك، فهناك قواعد صارمة. هاتفك المحمول هناك مثلا لا فائدة منه، ولن تجد كذلك إشارة للتلفزيون، ولن تعثر على إشارة "واي فاي" قوية، إلا أنهم يعترفون بأن كل هذا يعتبر معركة خاسرة. فالحياة المعاصرة تحقق انتصارا تدريجيا. فمعايير شبكات "واي فاي" الجديدة لا تتداخل مع الترددات الموجودة كما كان في السابق.
غير أن هذه العزلة الرقمية النسبية تعني أن غرين بنك باتت ملاذا لأولئك الذين يشعرون حرفيا بحساسية التشويش الإلكتروني.
وتعرف هذه الحالة باسم اضطراب فرط الحساسية الكهرومغناطيسي.
وتباينت الآراء حول ما إذا كانت هذه الحالة موجودة بالفعل، إضافة إلى آراء طبية كثيرة تشير إلى خطأ هذا الاعتقاد، وتذهب إلى إنها حالة نفسية أكثر منها فيزيائية.