مستقبل القطاع الخاص في السعودية

منذ أن بدأت خطوات التنمية في المملكة كان الاهتمام بالقطاع الخاص والشركات الوطنية من الأولويات الحكومية، فعندما بدأ كثير من الشركات الوطنية حظي بكثير من الدعم كما أنه كان لها الامتياز في أي فرص وطنية ما شجع كثيرا من رجال الأعمال على التركيز في الاستثمار في المملكة والتوسع في تشكيل كيانات وطنية كبيرة، ولم يتوقف الدعم الحكومي عند هذا الحد بل من أجل دعم القطاعات التي قد يواجه فيها المواطن صعوبة تم إنشاء شركات كبرى لإنتاج مجموعة من الصناعات والخدمات في المملكة التي تزيد من فرص تحقيق عوائد أكبر. يضاف إلى ذلك أنه تم تسهيل مشاركة المواطنين في هذه الشركات كمساهمين للإسهام في توفير فرص استثمارية جيدة للأفراد بما يتناسب مع إمكاناتهم المالية دون تحميلهم أعباء الإدارة أو متابعة هذه الاستثمارات فنشأت كيانات كبرى ليس فقط على المستوى المحلي أو الإقليمي بل حتى على المستوى العالمي.
رغم هذا الدعم الكبير ووجود كيانات كبرى وطنية إلا أن ذلك لم يحقق نسبة عالية من مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي ما دعا المؤسسة الحكومية إلى دعم ذلك ببرامج إضافية تهتم بإنشاء كيانات كبيرة إضافية في شكل شركات جديدة سواء بالشراكات مع الشركات الأجنبية، أو من خلال ميلاد شركات من رحم شركات محلية ناجحة لتعزيز فرص استمرار النجاح وزيادة النمو في أنشطة هذه الشركات، كما أنه لدى الحكومة مجموعة من البرامج مثل تخصيص بعض القطاعات الحكومية القابلة للتخصيص وهذا سيكون له أثر في انضمام مجموعة من الكيانات الحكومية إلى القطاع الخاص إضافة إلى زيادة كفاءة وإنتاجية هذه القطاعات التي سيتم تحويلها، كما أنها ستزيد من مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي وتخفف من ترهل الأجهزة الحكومية وتوفر فرص عمل بامتيازات أفضل للمواطنين.
قائمة أكبر 100 شركة في المملكة التي تصدرها صحيفة "الاقتصادية" بشكل سنوي لم تأت بمفاجآت للشركات العشر الأولى التي ضمت شركات مثل سابك والبنك الأهلي التجاري والشركة السعودية للكهرباء ومصرف الراجحي وشركة الاتصالات السعودية ومجموعة سامبا المالية وبنك الرياض والبنك السعودي البريطاني والبنك السعودي الفرنسي والبنك العربي الوطني، لكن من الملاحظ أن هذه الشركات هي غالبا شركات في الأساس أنشأتها الحكومة أو أنها من المصارف التي تمتلك الحكومة جزءا منها أو أسهمت أيضا في إنشائها، اليوم ونحن نتابع تدشين مجموعة من المشاريع العملاقة مثل شركة صدارة، وعزم الحكومة تخصيص مجموعة من ممتلكاتها مثل شركة أرامكو وغيرها من الوحدات الحكومية التي قد تعتبر رؤوس أموالها أضخم بكثير من الشركات التي ضمتها القائمة، إضافة إلى تخصيص الأندية الرياضية، إضافة إلى أن بعض الشركات الجديدة جاءت في مراتب متقدمة مثل شركة التعدين العربية السعودية (معادن) التي حلت في العام الماضي في المرتبة الـ 12 وهذا العام في المرتبة الـ 11، هذه التحولات قد تغير من حالة هذا التصنيف باعتبار أن هناك شركات قد تكون أضخم من بعض الشركات التي جاءت في مراتب متقدمة كما أن هذه الشركات ستزيد من حجم القطاع الخاص ما يزيد من إسهامه في الناتج الوطني للمملكة.
من البرامج الحكومية التي قد تزيد من حجم استثمارات القطاع الخاص وبالتالي ستزيد من قائمة المنافسة على أضخم الشركات في المملكة استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وبرنامج صندوق الاستثمارات العامة في الاستثمار وتأسيس شركات نوعية الذي من شأنه أن يجعل المملكة منطلقا لهذه الاستثمارات النوعية، ومن تلك الاستثمارات النوعية المميزة منصات لتكوين متاجر إلكترونية إقليمية وعالمية التي حققت أرباحا كبيرة لكثير من تلك المبادرات في العالم بصورة أكبر من المتاجر الكبرى عالميا، وهي تنمو وتتضخم بصورة كبيرة ما يزيد من فرص وجود شركات منافسة لهذه الشركات مستقبلا، فمن المتوقع في عام 2020 ألا تكون هذه القائمة بالأسماء الحالية ما لم يكن لهذه الشركات والمصارف خطط للتوسع والتنوع في برامجها الاستثمارية.
فالخلاصة أن قائمة أكبر مائة شركة محلية لم تأت بمفاجآت ولكن هذه الشركات إن لم يكن لديها برامج للتوسع والتنوع سنجد لها منافسا خلال الأعوام القليلة المقبلة خصوصا مع قرب طرح شركة أرامكو للاكتتاب العام والعمل على تخصيص مجموعة من الوحدات الحكومية القابلة للتخصيص، وتخصيص الأندية الرياضية وإنشاء مجموعة من الشركات النوعية الضخمة، إضافة إلى بعض الشركات التي تم إنشاؤها أخيرا بدأت تنافس قائمة الشركات العشر الأولى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي