رحلات البر في حائل.. عشق لا تعكره برودة الشتاء أو حرارة الصيف
لم تعد الرحلات البرية هواية يمارسها أهالي حائل بشكل مستمر لقضاء أيام الإجازة الأسبوعية في أحضان الصحراء فحسب، بل أصبحت عشقا أزليا للصغار قبل الكبار ارتبط بالأهالي منذ زمن طويل توارثوه عن الآباء والأجداد حيث لا يمكن أن تعكر صفوه التقلبات الجوية التي تمر بها المنطقة من برودة الجو وحرارته وهبوب الرياح والأعاصير والأمطار.
وأصبحت للرحلات البرية مواعيد مجدولة بشكل أسبوعي في حياة نسبة كبيرة من الأهالي في حائل، حيث ساعد تنوع التضاريس في المنطقة من السهول والهضاب والجبال والأودية والنفود الكبرى على تعدد أماكن الرحلات البرية للأهالي، إذ يفضل الأهالي فصل الشتاء لقضاء الرحلات البرية في أحضان النفود الكبرى وبطون الأودية، التي يقضون فيها أياما عديدة، بينما في فصل الصيف يفضلون التنزه في الجبال وسفوحها ووسط العيون الجارية في أعالي الجبال.
قادنا هذا العشق الأزلي إلى مرافقة مجموعة من عشاق الرحلات البرية استغرقت 48 ساعة وسط النفود الكبرى شمال حائل "80 كيلومترا"، بعيدا عن وسائل التقنية وشبكات الإنترنت، اجتمع فيها كبار السن يستعيدون ذكرياتهم في عيشهم وسط الصحراء مع آبائهم في سنوات مضت ومشقة المعيشة ولذتها في آن واحد، وشباب ارتبطوا بهذا العشق هربا من ضغوط العمل وضوضاء المدينة ووسائل التواصل الاجتماعي، وأطفال متلهفون للخوض في غمار هذا العشق.
وفتح عشاق البر قلوبهم لـ "الاقتصادية" في حديث شيق حوى كثيرا من القصص والقصائد التاريخية المرتبطة بحياة البادية وحبهم للعيش في الصحراء وارتباطهم بالبر بعد أن سكنوا المدن.
وقال نايف الشمري إن الحياة في الماضي وسط الصحراء أفضل بكثير من وقتنا الحاضر رغم صعوبتها وقلة الإمكانات، مشيرا إلى افتقاد مذاق ولذة حياة الماضي في وقتنا الحاضر.
وأوضح الشمري، أن البر عشق لأهالي حائل كون نسبة عظمى منهم كانت تعيش في حقبة من الزمن في وسط الصحراء، ولم يستطع كثير منهم التأقلم في المدن فأصبحت الصحراء عشقا أزليا للحائلي يرتادها بشكل مستمر.
وأشار إلى الخروج في رحلات برية بصحبة الشباب والأطفال للابتعاد عن حياة المدن وضغوط العمل وممارسة الحياة اليومية لآبائهم، بدءا من الصباح في الاستيقاظ مبكرا لأداء صلاة الفجر وجمع الحطب وإشعال النار وتجهيز القهوة والشاي ومن ثم وجبة الإفطار التي يتم تجهيزها على الصاج على الطريقة التراثية وبعد ذلك يذهبون للتجول وسط الصحراء للتمتع بطبيعتها الجميلة قبل القيام بإعداد وجبة الغداء على الحطب الذي يجمعونه من الأشجار في الصحراء، بمشاركة الأطفال.
بدوره، قال عبدالكريم الحمندي، أحد كبار السن وعشاق البر، إنني لم أعش في الصحراء ولكن عشقتها منذ الصغر من خلال الرحلات البرية المستمرة التي أرافق فيها والدي الذي أورثني هذا العشق فأنا مغرم منذ صغري بالبر والصحراء، مضيفا لن يعوقنا البرد ولا الأمطار ولا الحر عن عشقنا. وأكد الحرص على اصطحاب الأبناء الذين يعشقون البر ويتعلمون فيه كثيرا مما ينفعهم في حياتهم، إضافة إلى الاستماع للقصص التاريخية للآباء والأجداد والاطلاع على كيفية معيشة الصحراء.
من جهته، قال أحمد العبده إننا في البر ننسى همومنا بمجرد انقطاع شبكات الاتصال عنا وسط البر فالنفوس تطيب والابتسامة لا تفارق محيا الجميع فنعيش أجواء جميلة في وسط الصحراء مسترجعين الذكريات الجميلة لماضي الآباء والأجداد ونسهر على أنغام القصيد والقصص التاريخية الجميلة التي نفتقدها في المدن بسبب انشغال الجميع بشبكات التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية.