يقولون الجرائم تتزايد
زوج يقتل زوجته، أب يعنف طفلته الرضيعة انتقاما من زوجته التي هجرته، ابن عاق يقتل أمه لأنها لم تعطه المال لشراء المخدرات.. إلى آخر تلك الصور التي تتصدر مشهد الإعلام.
الحقيقة أن الكلام السابق، يغدو اجتزاء للحقيقة، ما لم نذكر أن مثل هذه القصص، جزء من الحدث اليومي في مختلف أرجاء العالم. فالسلوك البشري المعقد، يفرز أحداثا فردية شديدة التعقيد. ولهذا السبب يوجد الأمن والقضاء ومؤسسات المجتمع المدني التي تتابع قضايا العنف الأسري وحقوق الإنسان. وهذه المؤسسات ينبغي أن تسعى للحد من ذلك، من خلال تحديد دوافعه والسعي لإيجاد حلول تمنع حصول ذلك مرة أخرى. البعض يشكو من تزايد الجرائم والعنف، وهذا صحيح جداً، ومشهود في مختلف أرجاء العالم. ونشرات الأخبار وبرامج التوك شو العربية وغير العربية تصب في آذاننا يوميا نقاشات عن هذا العنف المتزايد.
ولهذا لم يعد مستساغا أن يتباهى إنسان ويزهو بنفسه وبأسرته والمجتمع المحيط به، ويعتقد أن كل الخطايا والأخطاء عند سواه. هذه الصورة مغلوطة. وبعض الأحداث والجرائم تتحول في غمضة عين من مجرد ردة فعل إلى جريمة يعاقب عليها القانون.
وفي المقابل فإن الإمعان في جلد الذات، هو في بعض ملامحه، جزء من النفاق والتسامي الزائف. نعم علينا أن ننحاز إلى الفضيلة والبر بالوالدين وحماية الأطفال والنساء من الإيذاء ومواجهة العنف والتحرش، والحفاظ على كرامة وحقوق الناس. ولكن لا ينبغي أن يأخذنا الحماس إلى التجاوز على أسرة هذا المخطئ أو ذاك. ولا تعميم تلك الخطايا على المجتمع بأكمله. ولا حتى التطرف في تنزيه أنفسنا بشكل مبالغ فيه.
إن علينا أن نتذكر دوما، أن المجتمعات البشرية، فيها نسب متفاوتة من الصالحين وغير الصالحين، من الأسوياء والمرضى النفسيين، ووفق ذلك لا يمكن اعتبار هذا المجتمع أو ذاك مجتمعا خاليا من العيوب، أو حتى اعتباره مجتمعا موبوءا.
تفعيل الأنظمة والقوانين، وفتح القنوات بين المتضرر والأدوات التي تحمي المجتمع من الضرر، هذه هي الأمور الفارقة بين مجتمع وآخر. الجزء الآخر المهم معرفة القنوات الرسمية التي تحمي الحقوق، والتوعية المستمرة بأن الحقوق لا تؤخذ بالذراع. وأن الحوار لا ينبغي أن ينتهي إلى التعدي الذي قد يفضي للإيذاء أو حتى القتل. وأخيرا من المهم التذكير أن الإنسان السوي لا يستقوي على امرأة أو طفل أو إنسان ضعيف. وهذا العوج تقومه السجون بالتعاون مع المتخصصين في علاج الاعتلال النفسي والاجتماعي.