نمو الوعي .. وإشراقة أمل على البيئة

لقد بعث الأمر الملكي القاضي بإضافة "البيئة" ضمن المهام الرئيسة لوزارة البيئة والمياه والزراعة أملا كبيرا في نفوس المهتمين بشأن البيئة التي تتعرض للتدمير والاستنزاف والتدهور، ليحقق أمنيات ومطالبات كثير من المهتمين والمتخصصين في شؤون البيئة. وعلى الرغم من أن قرار إضافة "البيئة" أو دمجها مع وزارة الزراعة لم يمض عليه وقت طويل (أي قبل سبعة أشهر تقريبا)، فإن البيئة من المسائل التي لا تحتمل الانتظار، ولكن من المقلق أن موقع الوزارة الإلكتروني يخلو – كلية - من أي إشارة إلى أنشطة أو جهود تخدم البيئة. فهل يفهم هذا الوضع بأنه مجرد الهدوء الذي يسبق العاصفة، أم أن الوزارة منشغلة بشؤون الزراعة والمياه ولم تضع "البيئة" ضمن أولوياتها؟!
وعلى أية حال، فعلى الرغم من ضعف الوعي البيئي لدى الناس الذي ينعكس في قطع الأشجار الخضراء وتدميرها، والقنص الجائر، وقتل الكائنات البرية بمختلف أنواعها وأصنافها دون مبرر أو وجه حق، ليس إلا للتباهي بالبطولة بقنص أكبر عدد ممكن من الغزلان والأرانب والطيور أو الضبان أو قتل الثعالب والذئاب ونحوها، وكذلك لإشباع نزوات معادية للبيئة، أو نتيجة الجهل والجشع لبيع الحطب أو استخدامه في التدفئة. وكما هو معروف، فقد أسهمت هذه السلوكيات المعادية للبيئة في زيادة معدلات التصحر وما نتج عنه من انقراض أنواع من النباتات والكائنات، علاوة على تدمير البيئة الطبيعية والمراعي؛ لدرجة تتطلب سنوات عديدة لإعادتها لأوضاعها السابقة قبل عقدين أو ثلاثة.
ومع هذا الوضع المحزن والمؤلم الذي تشهده البيئة الطبيعية في المملكة، بدأ نور الأمل ينطلق من نهاية النفق كما يُقال؛ فهناك وعي مجتمعي متنام لمواجهة أعداء البيئة والمدمرين لمكوناتها من احتطاب الأشجار الخضراء أو القنص في المحميات الطبيعية أو الرعي الجائر وزيادة التصحر أو دهس النباتات والشجيرات بالسيارات، ولا يقف الأمر عند الوعي فقط، بل بدأت تظهر أفعال وجهود حقيقية، فقد برزت جهود رائعة للشباب في مناطق ومحافظات كثيرة تعكس الحماس الكبير والتعاون الرائع والوعي المتنامي الذي يبعث الأمل في تعزيز المحافظة على البيئة وتنميتها، مثل جهود "رابطة تبوك الخضراء" في زراعة أشجار الطلح، وجهود أهالي مدينة عنيزة في المحافظة على أشجار "الغضا"، وكذلك جهود المواطنين في مدينة الحلوة في محافظة حوطة بني تميم في تسييج "الفياض" وإعادة تشجيرها، والوقوف الجاد ضد من تسول له نفسه قطع الأشجار الخضراء أو القنص في المحميات الطبيعية. ولا يقل عن ذلك أهمية إدراك بعض رجال الأعمال بمسؤولياتهم الوطنية من خلال شراء آلاف شتلات الأشجار الصحراوية (مثل السرح والطلح والسمر) وتوفيرها للناشطين في مجال تشجير الصحاري. ولا ينبغي أن ننسى جهود بعض الشركات في حماية البيئة مثل شركات أرامكو وسابك والمراعي وغيرها.
ولكي تكتمل الجهود وتؤتي ثمارها في خدمة البيئة الطبيعية في بلادنا، اقترح التالي:
1) أن تقوم الجهات المسؤولة، خاصة وزارة البيئة والمياه والزراعة بدور أكثر فاعلية وتأثيرا من خلال وضع الأنظمة ودعم الجهود الفردية والمبعثرة وتنسيقها لزيادة أثرها الإيجابي، إلى جانب تشجيع مزيد من جهود المواطنين.
2) دعم المتطوعين ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بالبيئة والمحافظة عليها.
3) توجيه جهود بعض الجمعيات والمؤسسات الخيرية للمحافظة على البيئة وتنميتها.
4) غرس الوعي البيئي في نفوس الناشئة وتلاميذ المدارس، من خلال إشراكهم في أنشطة التشجير ونظافة البيئة كجزء من الأنشطة غير الصفية.
5) العمل على وضع استراتيجية وطنية للحفاظ على البيئة وتنميتها، وأرجو ألا يكون مصيرها مصير استراتيجية المياه التي طال انتظارها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي