أوروبا تواجه الانسحاب الأمريكي من اتفاقية «الأطلسي» بتمرير «سيتا»
يومان فقط مرا على توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وثيقة انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق الشراكة عبر الهادئ "تي بي بي"، إلا ومررت لجنة التجارة الدولية في البرلمان الأوروبي توصية مؤيدة لاعتماد الاتفاق الاقتصادي والتجاري الشامل "سيتا" بين كندا والاتحاد الأوروبي.
وفي اليوم ذاته أيضا، قال المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي: "التجارة لا يمكن أن تتجزأ، وعليه سيتفاوض الاتحاد الأوروبي لإبرام العديد من الصفقات التجارية هذا العام".
واعتبرت، لويز فاكنر، عضو الوفد التجاري الأوروبي لدى منظمة التجارة، أن هذا التصويت سيقرب الصفقة التجارية الواسعة بين الدول الـ 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وكندا خطوة واحدة نحو التصديق النهائي.
وستقرر الجلسة العامة للبرلمان الأوروبي في 15 شباط (فبراير) المقبل ما إذا كانت ستقتفي أثر لجنة التجارة الدولية في التصويت لمصلحة الاتفاقية مع كندا.
وفور اعتماد الاتفاقية في الجلسة العامة، يمكن أن تدخل الاتفاقية حيز النفاذ بعد انتهاء إجراءات تصديق البرلمانات الوطنية في جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، حسبما صرحت فاكنر لـ "الاقتصادية".
وأضافت فاكنر أن عدة أعضاء في لجنة التجارة الدولية أشاروا مباشرة إلى التطورات في السياسة التجارية الأمريكية في ظل الإدارة الجديدة خلال مناقشة الاتفاقية قبل التصويت، إلى أن أغلبية حزب الشعب الأوروبي، ومجموعات الاشتراكيين والديمقراطيين، ومجموعات الأحزاب الليبرالية قد دفعت باتجاه اعتماد الاتفاقية مطالبة السياسيين في الاتحاد الأوروبي تأييد قيام تجارة حرة وأسواق مفتوحة.
غير أن آن - ماري مينور، عضو لجنة التجارة الدولية، أشارت لـ "الاقتصادية" إلى أن الانقسام الواضح الذي أظهره التصويت، بإدلاء 15 عضوا من أصل 41 في اللجنة لمصلحة رفضهم للاتفاق، يوضح أن هناك معارضة لا تزال كبيرة.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك، أوضح يانيك جادو نائب رئيس لجنة التجارة الدولية، من مجموعة أحزاب اليسار، وآن-ماري مينور عضو اللجنة، وموريل إيمانويل عضو مجموعة الاشتراكيين، لماذا حاولوا معا تأجيل اعتماد الاتفاقية بين 6 إلى 12 شهرا على الأقل، وتركز موقف هؤلاء في وجود أوجه عدم يقين قانوني واقتصادي لم تعالج في هذه الصفقة.
وذكرت مينور، أن اللجنة المشتركة التي سيتم إنشاؤها لتنفيذ "التعاون التنظيمي" بين الشريكين التجاريين هي بمنزلة "طابور خامس لجماعات الضغط من الشركات التجارية الكبرى"، وحرصت مينور، ومعها المعارضون للاتفاقية النأي بأنفسهم عن التوجهات العقائدية للسياسة التجارية للرئيس الأمريكي الجديد.
وقالت مينور، إن ترمب يضع قواعد فلسفية في نهجه المعارض لاتفاقية التجارة عبر الهادئ، أما نحن فنختلف عنه، إذ تقوم معارضتنا على أسس تتعلق ببنود الاتفاقية.
من جهتها، ذكرت فاكنر، أنه إذا أراد معارضو الاتقاقية الفوز بالتصويت ضدها في الجلسة العامة، فينبغي أن يحصلوا على مزيد من الدعم من طرف مجموعات الأحزاب المنقسمة حول هذه القضية.
أما مينور، فقد أشارت إلى أن المعارضين للاتفاقية، وبينهم مجموعة كبيرة من النواب الفرنسيين، والنمساويين، والبلغاريين، وبعض النواب من هولندا يسعون حاليا إلى تأجيل التصويت المقرر في شهر شباط (فبراير) المقبل.
لكن الدعم القوي لإبرام الاتفاقية جاء من سيسيليا مالمستروم، المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي التي ناشدت الأعضاء البرلمان للتصويت لمصلحتها، وحذرت المفوضة الأوروبية من استخدام التجارة كـ "كبش فداء سهل" في قضية خسارة الوظائف وعدم المساواة.
وقالت مالمستروم، إنه على العكس من ذلك، فإن التشغيل الآلي (الأتمتة) هو أكبر قاتل للوظائف، ودافعت عن استخدام السياسة التجارية لدعم التنمية الاقتصادية في الداخل والخارج.
وبحسب مالمستروم، فإنه إذا هيمن علينا الهاجس الخطأ بأن التجارة الحرة تلغي الوظائف، فنكون بذلك قد وضعنا كل مشكلات التغيرات الاقتصادية على عاتق التجارة الحرة أو العولمة، ولن ننتهي من حل مشاكلنا، وسنؤجل الحل فقط.