استنساخ آلية إدارة الجبيل الصناعية
في إحدى زياراتي لمدينة مومباي الهندية اصطحبني صديق للعشاء في النادي الإنجليزي من فندق أوبروي الذي أسكن فيه، ومن زار هذه المدينة العجيبة يعلم بعد المسافة مع زحمة شوارعها شبه الدائمة. ابتدأ المطر في التساقط قبل خروجي واستمر يتساقط وبكثافة لم أرها مسبقا، عند وصولنا وجدنا صعوبة للانتقال من مبنى الاستقبال إلى مبنى المطعم، خلال العشاء توقف المطر واستمتعنا بالحديث والأكل، وفي طريق العودة لم يكن هناك أي أثر للمطر، تساءلت كيف لمياه المطر أن تختفي بهذه السرعة، أجابني بأن شبكة تصريف الأمطار أنشئت في بداية القرن الماضي خلال الاستعمار الإنجليزي لبلدنا وما زالت تؤدي عملها بتميز كما رأيت.
الأسبوع الماضي أنعم الله على منطقتنا الشرقية الحبيبة بأمطار كثيفة وفي تغريدة لأمانة المنطقة الشرقية "كمية الأمطار التي هطلت على المنطقة الشرقية خلال 24 ساعة تعادل حالة مطرية حدود عام ونصف العام" معلومة إيضاحية مهمة تمنيت أن من يغرد بها جهة أخرى كهيئة الأرصاد.
في مقال للمهندس عباس الشماسي أحد منسوبي الهيئة الملكية للجبيل أقتطع منه : "كشف هطول الأمطار الغزيرة، ضعف بعض البنى التحتية المستوعبة لتصريف الأمطار، وأوضحت بعض الصور المتداولة في وسائل التواصل الاجتماعي كيف أن البنى التحتية في مدينة الجبيل الصناعية مثلا تفوقت جذريا أثناء الأمطار، بينما رأينا رأي العين كيف أن المناطق والمدن المجاورة لها غرقت بعض شوارعها وتجمعت فيها المياه بكميات كبيرة. ترى ما الذي أوصل مدينة الجبيل الصناعية إلى هذا المستوى المتميز وكيف تفوقت؟ هناك ميزتان أساسيتان هما حسن التخطيط، وبيئة العمل الاحترافية المميزة، أوكلت أعمال الاستشارات إلى شركة بكتل العالمية، التي بدورها أسندت أعمال دراسة التخطيط الحضري والإقليمي إلى استشاري بريطاني بالتعاون مع شركة معمارية من ولاية ماساتشوسيتس الأمريكية وأصدر هذا التحالف تقرير بوكانن الذي يتكون من 14 مجلدا، تم تخصيص مجلد مستقل من الـ 14 مجلدا عن تجهيز الموقع والخدمات الذي على أساسه تمت دراسة تجهيزات الموقع والمنافع والخدمات العامة المتمثلة في تصريف الأمطار، والصرف الصحي، والري، والكهرباء، والاتصالات، والنفايات الصلبة، ومحجوزات المنافع والخدمات..".
في أول أيام شهر رمضان الماضي زرت للمرة الأولى مدينة ينبع الصناعية وفوجئت بالتفاوت الكبير بينها وبين مدينة الجبيل الصناعية.
لن أتحدث عن أن الفساد هو السبب كما طرح كثيرون لاعتقادي بوجود أجهزة رقابية كثيرة مهمتها التحقق، وما آمله من مجلس الاقتصاد والتنمية أن يعيد النظر في آلية إدارة المناطق في وطننا وأدوار المحافظات والأمانات وآليات عملها، ويستنسخ تجربة الجبيل الصناعية لثبات نجاحها على كل الأصعدة التي نفذت على أيدي مقاولين محليين وبإدارة سعودية مخلصة.