«الطفل الزعيم» .. حب العائلة كأداة للمقايضة

«الطفل الزعيم» .. حب العائلة كأداة للمقايضة
«الطفل الزعيم» .. حب العائلة كأداة للمقايضة

ما إن بدأ الإعلان الترويجي لفيلم «The Boss Baby» حتى تحمس الكبار والصغار على مشاهدته، وتوافدت الحشود في اليوم الأول من العرض في سينما بيروت لحضور فيلم الأنيميشن والمغامرة العائلي، حيث جلس الجميع بشوق ينتظر الطفل الرضيع الذي يرتدي بدلة ويحمل حقيبة، وفي خاطرهم ألف سؤال وسؤال عن هذا الطفل وقصته.
هو ليس طفلا عاديا ولم تجر أحداث ولادته كغيره من الأطفال، بل جاء في سيارة أجرة، نزل منها مترجلا يحمل حقيبة في داخلها قنينة الحليب، في هذه الأثناء يشاهده أخوه تيم من النافذة (يؤدي صوته الممثل توبي ماجوير) وهو فتى ذو خيال خصب بسن السابعة من عمره ويعيش مع والديه (يؤدي صوتهما ليزا كودرو وجيمي كيميل)، كطفل مدلل، ففي اللحظات الأولى من الفيلم يقدم المخرج توم ماكغراث، الذي سبق أن أخرج سلسلة أفلام مدغشقر، فكرة واضحة عن حياة الترف والدلال التي يعيشها تيم بخياله المفرط، فهو يتخيل استحمامه كمغامرة تحت الماء أو يحول جلسة شواء في الفناء الخلفي إلى مواجهة ضد بعض القرود الجياع. ثم يقرأ له والداه كل ليلة ثلاث قصص قبل النوم ويغنيان له نسختهما الخاصة من أغنية "Blackbird" ثم يضعانه في السرير.
لكن هذه الحياة سرعان ما انقلبت رأسا على عقب بعد مجيء شقيقه الجديد بالدوين (الطفل القائد يؤدي صوته الممثل أليك بالدوين)، ويعتبر هذا الفيلم أول عمل يجمع بين النجمين أليك بالدوين وليزا كودرو بعد تعاونهما السابق في المسلسل الشهير «فريندز».

شكوك الطفل
بعد مرور بعض الأيام على وجود الطفل الجديد في المنزل وإحداثة ضجة عارمة جعلت الوالدان يفقدان قوتهما، وبالتالي إهمال ابنهما الأكبر، بدأ تيم بالتساؤل ما إذا كان والداه ما عادا يحبانه، حيث إنهما يمضيان وقتاً أطول في تربية المولود الجديد، ويبدو أنهما قد نسيا كل شيء حوله وحول روتينه الليلي المحبوب. فقرر أن يراقب الطفل القائد ويكشف سره، فلطالما علم منذ اللحظة الأولى لرؤيته له أنه ليس مجرد طفل صغير، وازدادت شكوك تيم حوله إلى أن قرر مراقبته، فسمعه ذات يوم يتكلم على الهاتف بصوت رجل كبير، حينئذ دخل عليه وكشف أمره على أنه في الواقع أحد نخبة رجال الأعمال السفاحين من شركة بيبي كورب، وهي إحدى الشركات المسؤولة عن الأطفال الذين يعطونهم وجبات من الحليب المضاف عليه دواء معين يجعلهم يكبرون في العقل والتفكير، لكن شكلهم لا يزال مثل الأطفال، وتم إرساله إلى تلك العائلة لإنجاز مهمة ما، وستتم ترقيته كمكافأة له ويحصل على مكتبه الخاص. وتتمحور المهمة حول التجسس عن شركة تنتج كلابا غير قابلة للكبر في العمر، وهو ما سيقضي على محبة الأطفال لدى الأهل، واستحواذ الكلاب الصغيرة عليها.
عاش تيم مشاهد خيالية تضمنت الكثير من المؤثرات البصرية المميزة، ومع تقنية العرض الثلاثية الأبعاد أصبح المشاهد أسير اللقطات والحركات الماتعة، ولم تقتصر تلك المشاهد على الإخراج المميز بل أوصل المخرج من خلالها عديدا من الرسائل إلى الأطفال الذين يحتاجون إلى الثقة لبناء قدراتهم، فأثناء قيادة تيم لدراجته الهوائية يندمج في شخصية نارية قوية ويقنع نفسه أنه يستطيع أن يقود من دون أي حادث يذكر، وبالفعل نجح في كثير من الحركات إلا أنه فشل في النهاية واصطدم بالشجرة، وهنا أسرع والداه ليتأكدا من سلامته، وبالتالي يعطي المخرج انطباعا عن خوف الأهل على طفلهم الوحيد واهتمامهم المفرط به.

كشف الحقيقة
يحاول تيم كشف مخطط شقيقه أمام والديه إلا أنهما يرفضان الاستماع إليه، فتوجه إليه وجلس معه يتكلم ولقد برعت كاتبة السيناريو مارلا فرازي في تقديم حوار عميق بين طفلين، واحد يشتكي من إهمال أهله بسبب قدوم المولود الجديد، والآخر بدوره رجل ناضج وصاحب أعمال بجسد طفل صغير يقدم النصح، وكان لافتا عندما تكلم تيم عن تقاسم حب والديه مع أخاه فقال له بالوين «إما أن تتعاون معي وإلا لن أقاسمك الحب، سآخذ منك كل الاهتمام».
شعر تيم في تلك المرحلة أنه ضعيف ولا يملك القوة للحفاظ على والديه، لكنه تعلم أيضا أن الحياة لا تتمحور دائماً حوله، ولا بد من التأقلم مع هذا الواقع.
يستمر العراك والنقاش بين الطفلين وكانت هناك معركة شرسة بين تيم وبالوين ورفاقه الأطفال الذين يساعدونه في تحقيق هدفه، نتج عنها معاقبة تيم بسجنه لمدة ثلاثة أسابيع بسبب تعامله الهش مع شقيقه الصغير، وبالطبع كغيره من المشاهد جمع المخرج بين غرفة تيم المحبوس فيها وسجن حقيقي يخربش فيه المسجون على الحائط وفي قدمه أثقال تدل على التعذيب.

هدنة بين الطفلين
بعد هذه المعركة اتفق الولدان على مساعدة كل منهما الآخر كي يصل بالدوين إلى مبتغاه، وبالتالي يعود إلى دياره ويعيش تيم بسلام مع والديه، فتبدأ حياة الأخوة بالظهور رويدا رويدا وإذا ما كانت اللقطات الأولى من الفيلم تؤثر سلبا في العلاقة بين الأشقاء، فإن تلك المشاهد قد قلبت الأدوار، فأصبح الشقيق الكبير يهتم بأخيه، ويقدم له العون، وقررا الذهاب إلى شركة بوبي كورب التي يعمل فيها الوالدان للحصول علي الملف السري الذي يحوي خطة لتطوير نوع جديد من الجراء سيجعل البشر يرغبون في التوقف عن إنجاب الأطفال للأبد.
في قلب الشركة خطط الولدان جيدا، وبرعا في التنسيق الدرامي المضحك مع لقطات جرافيكية مميزة، إلا أن عنصر التشويق صعد مع بعض المفاجآت، التي أودت إلى خطف الوالدين وسجن تيم وشقيقه، على يد أحد الرجال الذين يحاولون تحطيم شركة بيبي كورب، لكن كيف ستسير الأمور؟ وهل سينجحان في الإفلات وتحقيق رسالتهما سويا؟!
وظهرت رسالة الفيلم التي تتمحور حول الحب والعطاء بوضوح في نهاية الفيلم، خاصة عندما أرسل تيم رسالة حب إلى بالدوين بعد افتراقهما، التي عبر فيها عن استعداده للتخلي عن حب أبويه من أجل شقيقه، وبرع المخرج في هذه اللقطات في مخاطبة عاطفة المشاهد، الذي يتذكر طفولته والتصرفات البلهاء التي كان يقوم بها، أما بالنسبة للأطفال فخاطب عاطفتهم الأخوية وزرع في داخلهم حب الأخ لأخيه.

تشابه بين الطفل وترمب
«ذا بوس بيبي» الفيلم الذي بلغت إيراداته 148 مليون دولار، وأنتجته شركة «دريم وركس»، مأخوذ من كتاب مصور يحمل الاسم نفسه للكاتبة مارلا فرازي، طرحته عام 2010، وحصل الكتاب على عدة جوائز وتم تصنيفه ضمن أفضل الكتب مبيعاً وفقاً لـ Indie Bestseller List، وأيضًا كأفضل كتاب للأطفال عام 2010 وفق موقع A Publisher’s Weekly.
ولقد انتشرت بعض الانتقادات حول شخصية الطفل القائد والبعض شبهها بشخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، إلا أن المخرج أكد أن التشابه مصادفة، رغم أن الطفل الذي يرتدي بدلة طوال الوقت يقول جملة ترمب التي كان يستخدمها في برنامجه «ذا أبرينتس»: أنت مطرود. إضافة الى أن أليك بالدوين قلد شخصية الرئيس الأمريكي في برنامج «ساترداي نايت لايف» الساخر. إلا أن المخرج عاد وأصر رغم كل ذلك على أنها مصادفة.

الأكثر قراءة