روسيا.. وكبح جماح الأسد وطهران
من رئيس هو باراك أوباما تفوه بخطوطه الحمر ثم وقف يتفرج على طاغية سورية وهو يقتل شعبه ويهدم منازلهم على رؤوسهم إلى رئيس هو دونالد ترمب فاجأ العالم بقصف مطار الشعيرات الذي انطلقت منه الطائرات التي أمطرت الموت الكيماوي الرهيب على خان شيخون.
من رئيس هو باراك أوباما أدار من وراء ظهر الحلفاء التاريخيين لأمريكا مباحثات سرية مع إيران توسلا لمجد يفلت منه من خلال توقيع اتفاق نووي ملتبس المضمون ورديء الإعداد ومع من لا يستحق سوى الردع عن إشعال فتن الإرهاب في دول الجوار والعالم مصرا على تهديد سلام العالم، إلى رئيس هو دونالد ترمب يقول وتقول إدارته معه إنه اتفاق سيئ مع دولة هي الراعية الأولى للإرهاب في العالم.
من رئيس هو باراك أوباما أفلت العقال لروسيا وإيران وميليشيات «حزب الله» وعصابات الإرهاب لتعيث فسادا وخرابا وتغولا على العراق وسورية إلى رئيس هو دونالد ترمب يرغم الدب الروسي على كنس طائراتها من المجال الجوي في سورية ويعيد نسج علاقات التسليح والتدريب مع بعض المعارضة ويعيد الحديث عن تفهم المعارضات الأخرى مصرا على سورية من غير الأسد.
وطبعا تلك بعض من التباينات حيث نتائج مواقف باراك أوباما باتت وصمة في سجله الذي يكاد يخلو من إنجاز يشهد له على المستوى الإنساني، ليشهد أن دماء العراقيين والليبيين والسوريين أهدرت على مدى السنوات الماضية على نحو فاجع، فيما نتائج مواقف ترمب توحي بأن طريق جنيف بحل سلمي للمأساة السورية يخطو في المسار بفرملة لدور الدب الروسي، فبعد أن كان وزير خارجية أمريكا كيري يهرول للقاء وزير خارجية روسيا لافروف صار الأخير يلهث للقاء وزير خارجية أمريكا الجديد ويبدأ وقف إطلاق النار من الأستانة، وفي حين بلع باراك أوباما لسانه وهو يرى روسيا وإيران تصولان وتجولان لدعم نظام الأسد وإزهاق الشعب السوري كان آخر صوت سمعه العالم للرئيس ترمب: أن على روسيا أن تكبح جماح الأسد وطهران وبما لا تخفي فيه قصدية الإشارة إلى روسيا نفسها.
هذه التباينات ليس من الممكن قراءتها على أنها مجرد مناورات سياسية، طالما أمريكا اليوم وجودها على الأرض يرسل إشارة مؤكدة أن ما كان لم يعد مسموحا له أن يستمر، وطالما أيضا أن تصريحات ترمب وإداراته لا تحمل أي قدر من الكلمات التي لا تعني سوى هذا المعنى.
الأيام المقبلة كفيلة بإظهار مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة، وأنه لمن المبكر القول عما ستؤول إليه هذه المواقف الأمريكية الجديدة. لكن الشيء الذي يمكن الرهان عليه هو أن كوابيس الرعب في المنطقة التي رزحت تحتها على مدى السنوات الماضية في ظل اللامسؤولية واللا اكتراث من قبل إدارة باراك أوباما في سبيلها إلى الانجلاء. والأمل أن يكون انجلاء فيه البلسم لجراح عميقة ندوبها ستحتاج إلى أجيال لكي تزول، فهذا الليل آخره نهار.