عرين الأسرار
يرمقني الجبل العاتي
من خلف مناظيره السحيقة
ولسانُ حاله يقول:
أمازلتَ موجودا هنا؟
لقد طالت إقامتك هذا العام.
أعرف أنك تحاول الكتابة عنيّ
وأنك مولود تحت ظلالي الداكنة
وستموت كذلك
رغم كل هذا الفراق
لن تهرب من جوارحي
التي لاحقتك أحلامُها
في أماكن كثيرة.
كان الحب الوحشي بيننا مُتبادلا.
وسيحين وقت استلامك
بين الأبناء والأحفاد،
الذين تزاحمت أجداثهم
في شِعابي،
راضيا مرضيّا
ومن غير شفقة هذه المرّة..
هكذا بكل وضوح
من غير حيلة ولا رمز
فهذه قد ذابتْ
في سطوع شمسي وعريها.
وأعرف أنك مع صِبية حُفاة
تسلّقتم أضلاعي الحادّة
مُجبرين القطا على النزول من وكناتِه.
وهربتْ بك الخيل العاشقةُ
في (سناو) مخترقة أفواج
البشر لتقف عند حصانِها
المربوط على نخلة في أطراف البلدة.
أعرف ذلك وغيره
في حياتك المليئة بالأرامل والجرحى.
كثيرون حاولوا قبلك
جاءوا من بلاد بعيدة
عبروا بحارا مضطربة وأراضي شعثاء
ألّفوا كتبا في علم الطبقات
والأرواح الصامتة.
حاولوا واجتهدوا
تحت ظلال الأشجار الباسقة
أو في الليالي القائضة كالجحيم،
لكنهم جميعا لم يصلوا
الى عرين الأسرار
الذي تنهبه العواصفُ كل ليلة.