«بيتكوين» عملة «مذهلة» مشكوك فيها
الارتفاع الجنوني في قيمة العملة الإلكترونية "بيتكوين"، يطرح كثيرا من التساؤلات بل والمخاوف لدى شرائح وجهات عديدة، لاسيما مع بلوغ عائد الاستثمار فيها 2.9 مليون لكل دولار. هذه العملة انتقلت عبر عدة محطات مهمة في الآونة الأخيرة، لاسيما مع اعتراف ألمانيا بها، ما قدم لها مزيدا من الدعم، وقيام اليابان بالتعامل بها بمستويات مرتفعة أيضا. فضلا عن أن عملات إلكترونية أخرى لم تتمكن من الاقتراب منها من حيث القيمة أو الحضور أو حتى القبول. وهذه العوامل دفعت قيمة "بيتكوين" إلى هذا المستوى الكبير حيث بلغت 2880 دولارا أخيرا، ارتفاعا من 0.001 دولار في عام 2009. وهي تعادل اليوم 2556 يورو، و2230 جنيها استرلينيا و20 ألف يوان صيني.
ومع ذلك لا تزال المخاوف تحيط بهذه العملة، خصوصا مع تردد البنوك المركزية الكبرى في الاعتراف بها، فضلا عن غموض مبتكرها أو الجهة التي تقف وراءها، على الرغم من تقدم ساتوشي ناكاموتو الياباني العام الماضي بالاعتراف بأنه يقف وراءها، وأنه ماض في الحصول على مزيد من الاعتراف بها. والمشكلة الأكبر التي تواجه "بيتكوين"، وغيرها من العملات الإلكترونية الصغيرة الأخرى، أنها ليست خاضعة لمعايير ومراقبة البنوك المركزية. ومن هنا ترتفع حدة المخاوف، من تعرضها إلى انهيار كبير ربما خلف أزمة كبيرة أيضا، مع تزايد المتعاملين بها حول العالم. يضاف إلى ذلك، أن كثيرا من الجهات التنظيمية الكبرى، تعتقد أن ارتفاع قيمة هذه العملة لا يبدو منطقيا، وأن في مثل هذه الحالة كل شيء وارد لاحقا.
من هنا، فإن ما تسعى له العملة المشار إليها، الحصول على اعتراف عالمي بها، في حين أن إعلان قاض فيدرالي أمريكي بأن "بيتكوين" هي نوع من أنواع النقد، لم يحقق لها الأمان المنشود، لأن الإدارة الأمريكية لم تعترف بها بعد، ولا يبدو في الأفق أنها ستقدم على ذلك. والحق، أن البنوك المركزية العالمية الكبرى، والمؤسسات المالية لم تقدم حتى اليوم أي تبريرات لإبقاء "بيتكوين" في وضعيتها القانونية الراهنة، بينما يعتقد كثيرون أن هذه المؤسسات سترضخ في النهاية إلى حقيقة وجود "بيتكوين" ودورها في الحراك الاقتصادي بصورة عامة، لاسيما مع عدم طرح هذه المؤسسات بدائل ضرورية لها. فعلى الرغم من علامات الاستفهام حولها، إلا أن العملة الإلكترونية تتسيد المشهد الرقمي في هذا المجال، ولا يبدو أن بديلا لها سيظهر قريبا.
ويبدو أن الحقيقة الماثلة على الساحة، تتلخص في أن "بيتكوين" ستحصل على الاعتراف بها في مرحلة لاحقة، خصوصا من منطلق أنه لابد للجهات التنظيمية العالمية أن تمنع حدوث أي انهيار أو ارتباك من جراء تداول "بيتكوين" في مرحلة لاحقة ما. فالذين يرغبون في مثل هذا الاعتراف، يعتقدون أن من واجب المؤسسات المالية المشار إليها أن تتخذ إجراءات وقائية، وهذه الإجراءات تنحصر في الواقع في قبول هذه العملة، بعد أن أثبتت جدارتها بصورة مختلفة في السنوات القليلة الماضية، فضلا عن أنها لم تخرج عن النطاق المالي العام. غير أن هناك نقطة مهمة في هذا المجال، تتعلق بإمكانية وسهولة استخدام العملة في عمليات غير مشروعة، مثل غسل الأموال والتجارة الممنوعة بكل أشكالها. وعلى هذا الأساس يرى الداعمون للعملة، أن تسرع المؤسسات التنظيمية المالية باعتمادها، لأن ذلك لا يوفر آلية مالية إلكترونية شرعية فحسب، بل يضبط العمل بها كغيرها من العملات المعترف بها عالميا، خصوصا أنها أصبحت بالفعل حقيقة نقدية عالية القيمة.