وزارة الإسكان .. ومعالجة مشكلة السكن
أحد أهم ما يشغل المجتمع هو كيفية الحصول على سكن، ففي الوقت الذي يشهد فيه المجتمع نموا كبيرا وتزايدا لأعداد الأسر سنويا في المجتمع في المملكة يواجه الاقتصاد مجموعة من التحديات لعل من أبرزها إضافة وظائف سنويا للسوق لتستوعب الأعداد الهائلة من الشباب الذين يدخلون سوق العمل، والتحدي الثاني هو تمكين المواطن من تملك السكن الذي يحتاج ليؤويه وأسرته ويشعر معه بشيء من الأمن والاستقرار، فالمملكة ولأكثر من أربعة عقود دعمت تملك المواطن للسكن من خلال برنامج صندوق التنمية العقارية الذي، هذا الصندوق، أقرض خلال تلك الفترة ما يقارب مليون مواطن، واستفاد من هذا البرنامج كثير من المواطنين في الحصول على سكن، وكانت طريقة صندوق التنمية العقارية لدعم المواطن في الحصول على سكن هي الإقراض على أن المواطن عليه مسؤولية تملك الأرض وترتيب أمور البناء ولعل هذه الطريقة واجهت مجموعة من التحديات خلال الفترة الماضية منها ازدياد حجم قائمة الانتظار التي بلغت تقريبا في عام 2016 أكثر من 400 ألف مواطن ينتظرون الدعم بالإقراض من خلال صندوق التنمية العقارية وهذا العدد من الطلبات يحتاج إلى أكثر من 200 مليار ريال تقريبا ومع تزايد حجم الطلبات سنويا سيتضاعف هذا العدد بصورة أكبر مستقبلا، كما أن من التحديات التي تواجه هذا الصندوق هو التزام المقترضين بالسداد إذ إنه وبحسب ما صرح مدير الصندوق في لقاء في عام 2016 أنه بلغت قيمة المتأخرات أو المماطلة في السداد قرابة 30 مليار ريال، كما أن 50 في المائة من المستفيدين بحسب ما ذكر مدير الصندوق حينها لا يلتزمون بالسداد. ومن التحديات التي تواجه صندوق التنمية العقارية قدرته على تلبية الطلب المتزايد حيث أصبحت قائمة الانتظار تمتد إلى أكثر من عشر سنوات، كما أن الدعم المالي لا يمكن المواطن بالضرورة من تملك السكن إذ يواجه البعض صعوبات في الحصول على أرض كما هو الحال في المدن الرئيسة وارتفاع تكلفة البناء الذي جعل البعض يمضي سنوات ليتمكن من إتمام منزله وبهذا يمكن أن تمتد فترة امتلاك المواطن لمسكن أكثر من 15 عاما.
في المقابل وزارة الإسكان كان لديها مجموعة من الخيارات من المنتجات السكنية فمن ذلك قيام الوزارة ببناء الوحدات السكنية في مختلف مناطق المملكة ومدنها سواء الرئيسة أو الصغيرة، والتمويل العقاري من خلال المصارف التجارية، كما أنها أعلنت خلال هذا العام فقط عن أكثر من 120 ألف منتج سكني ومن المتوقع أنها في نهاية العام تتجاوز 150 ألف منتج سكني وبطبيعة الحال فإن الإعلان عن هذا العدد من المنتجات لا تعني بالضرورة تنفيذها إذ إن بعض المواطنين قد لا يقبل بالخيارات التي قدمت له من قبل الوزارة لتنوع رغبات المواطنين إضافة إلى أن تنفيذ هذا البرنامج له يتطلب القبول النهائي والتنسيق مع جهات أخرى مثل المصارف التي تقدم التمويل.
لعل الملاحظ أن هناك تباينا في كل برنامج من ناحية الميزة التي يحققها للمواطن فبرنامج صندوق التنمية العقارية يقدم التمويل دون النظر إلى ملاءة المواطن وليس هناك إجراءات صارمة للسداد رغم رهن الصندوق للعقار وهذا القرض الحكومي يعتبر مجانيا إضافة إلى أن الصندوق يقدم خصما للمواطن فيما لو تم السداد مبكرا، كما أن إجراءات السداد تعتبر ميسرة جدا ولا علاقة للمصارف التجارية به، أما في حالة برنامج وزارة الإسكان الحالي فيتميز بسرعة تقديم الخيارات للمواطن إضافة إلى تنوع تلك الخيارات كما أنه يأخذ في الاعتبار تباين ظروف المواطنين فالأكثر حاجة سيجد نفسه مقدما على غيره من المواطنين في حين أن البعض قد لا يقبل البرنامج انضمامه باعتباره غير محتاج للدعم.
لعله عند المقارنة بين البرنامجين لدعم تملك المواطنين للسكن نجد أن عامل الزمن له أثر كبير، إذ إن الحصول على السكن بتوفير لمدة مقدارها عشرة أعوام يعني توفير ما يقارب تكلفة المسكن فإذا ما أخذنا في الاعتبار ما ينفقه المواطن على الإيجار بمقدار 8 في المائة من قيمة المسكن وإذا ما أخذنا عامل التضخم والاحتمال في ارتفاع أسعار الإيجار خلال هذه المدة سنجد أن المستأجر سيدفع إيجارات بمقدار قيمة السكن الذي يستأجره كما أن الزيادة المستمرة ستجعل هذه التكلفة تتضاعف في أسعار العقارات، فعامل الزمن بلا شك له دور كبير وهو ما دفع كثيرا من المواطنين إلى عدم انتظار دعم صندوق التنمية العقارية واللجوء إلى المصارف للحصول على التمويل.
فالخلاصة أن البرنامج الحكومي لدعم تملك المساكن بدأ بإقراض مالي استفاد منه قرابة مليون مواطن ومع تزايد عدد السكان وتزايد قائمة الانتظار أصبح من الأهمية بمكان تقديم برامج متنوعة لتمكين المواطن من التملك مبكرا، ورغم الميزة لبرنامج صندوق التنمية العقارية إلا أن عامل الزمن سيكون في مصلحة برنامج الوزارة إذا ما استطاعت تقليص فترة تملك المواطن للسكن متى ما كان مؤهلا لذلك.