منتجو النفط يتطلعون إلى 70 دولارا للبرميل
أفاد تقرير "أويل برايس" الدولي أن أسعار خام برنت نجحت في الحفاظ على مستوى 60 دولارا للبرميل منذ 10 أيام، مما أثار تطلعات المنتجين إلى مستوى 70 دولارا للبرميل على المدى القصير، مشيرا إلى أن الأمر أصبح ممكنا بسهولة وليس حلما بعيد المنال كما كان يتصور المنتجون في السابق.
وأوضح التقرير الدولي أنه رغما عن أن منظمة "أوبك" لم تتحدث يوما عن استهداف مستوى سعري معين إلا أن المحللين يعتقدون أن دفع أسعار النفط إلى مستوى 60 دولارا كان واحدا من أهداف "أوبك" ضمن صفقة خفض الإنتاج التي ركزت بالأساس على استعادة التوازن في السوق.
وأشار التقرير إلى أنه قبل ثلاثة أسابيع من قمة "أوبك" في 30 نوفمبر في فيينا، بدأ بعض منتجي النفط بالفعل في التفكير في أن مستوى 70 دولارا للبرميل قد يكون بمثابة "السعر العادل" للنفط في الفترة القادمة.
وقال التقرير إنه كلما نجحت "أوبك" في قيادة السوق نحو مستوى أعلى من أسعار النفط، فإنه في المقابل من المرجح أن يؤدي ذلك إلى موجة جديدة من انتعاش إنتاج النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة في العام المقبل.
في سياق متصل، مالت أسعار النفط أمس إلى الانخفاض المحدود بعد ارتفاعات قياسية سابقة بعد صدور بيانات ضعيفة عن واردات الصين من النفط الخام، ولكن الانخفاضات جاءت محدودة بسبب الدعم الأقوى الذي يتلقاه السوق من اتفاق خفض الإنتاج الذي تقوده "أوبك" بالتعاون مع المنتجين المستقلين والمرشح للتمديد على مدار العام المقبل.
ويرجع الانخفاض المحدود في الأسعار أيضا إلى جني الأرباح فيما تظل الأسعار قرب مستويات مرتفعة هي الأعلى مدار عامين ونصف العام والذى تحققت بسبب الإجراءات السعودية القوية لمكافحة الفساد علاوة على تراجع المخزونات النفطية الامريكية.
وفي هذا الإطار، أوضح لـ "الاقتصادية"، الدكتور أمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، أن الإجراءات السعودية ضد الفساد قادت أسعار النفط إلى تسجيل مستويات قياسية في الارتفاع وساعد على ذلك تقلص الحفارات النفطية وتراجع المخزونات الأمريكية مما جعل أسعار النفط تواصل مسيرة الارتفاع بوتيرة سريعة مع توقفات مؤقتة بسبب جني الأرباح وبعض العوامل الأخرى مثل أداء الاقتصاد الصيني.
وأضاف فاسولي أن كثيرا من المؤسسات المالية الدولية عدلت توقعاتها بالفعل لأسعار النفط الخام في الربع الأخير من العام الحالي والربع الأول من العام المقبل، مشيرا إلى أن أبرز الأمثلة في هذا الصدد مؤسسة "مورجان ستانلي" التي رفعت توقعاتها لخام برنت في الربع الاخير إلى 62 دولارا للبرميل بدلا من 55 دولارا للبرميل بحسب تقديرات سابقة.
وألمح فاسولي إلى أن إعلان منظمة "أوبك" في تقريرها السنوي تحسن مؤشرات الطلب ووجود اتصالات مكثفة بشأن تمديد خفض الإنتاج سيضيف دون شك الكثير من الزخم للاسعار ويعزز أجواء الثقة في قرب استعادة السوق لحالة التوازن الكامل والاستقرار المستدام.
ومن جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، أوسكار إنديسنر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية، إن حديث الأمين العام لـ "أوبك" محمد باركيندو عن جهود لجعل سوق النفط أقل تأثرا بالعوامل الجيوسياسية مهمة صعبة نتيجة للارتباط الوثيق بين السياسة وأوضاع الطاقة في العالم.
وأشار إنديسنر إلى أن الأسواق تتأثر دون شك بالاجراءات الجديدة لمكافحة الفساد والتى اتخذتها السعودية والتى سيكون لها بالتأكيد تأثيرات إيجابية على الاقتصاد السعودي وعلى اقتصاديات المنطقة بشكل عام، لافتا إلى أن العوامل الجيوسياسية تتوالى على المنطقة حيث لم يتعاف السوق بعد من تأثيرات أزمة انفصال كردستان والإجراءات العقابية التي قامت بها العراق وتركيا ضد خطوط نقل الخام من الإقليم إلى العديد من الأسواق الرئيسية في جنوب أوروبا.
ونوه إنديسنر إلى أن التقرير السنوي لأوبك تحدث عن انتعاشة واسعة في الإنتاج الصخري الأمريكي خلال السنوات المقبلة نتيجة تنامي الأسعار ونشاط عجلة الاستثمار مرة أخرى، ولكنه لم يرى تهديدا حقيقيا من وراء ذلك على استقرار السوق نتيجة النمو الواسع المقابل في مستويات الطلب ونجاح جهود المنتجين في تقييد المعروض النفطي وامتصاص فائض المخزونات بالسوق.
ومن ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية"، أندريه يانيف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، أن الإجراءات السعودية لمكافحة الفساد دفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوى في عامين ونصف العام، وهو ما دعم جهود المنتجين في تعافي السوق ورفع سقف طموحات المنتجين في مستويات قياسية جديدة للنفط الخام بما يعزز وضع موازنات الدول المنتجة.
وأشاد يانيف بتصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، التي أكد فيها على أن جهود مكافحة الفساد تعزز التنمية وتشجع على جذب الاستثمارات الدولية في ضوء تحقق معدلات مرتفعة من مستويات الشفافية خاصة في تلك المرحلة التي تركز فيها السعودية على تعزيز الاستثمار ونجاح خطة الخصخصة الجزئية لشركة "أرامكو".
وأضاف يانيف أن تقرير "أوبك" رصد زيادات كبيرة في إنتاج دول خارج المنظمة، ولذا يلاحظ جهود واسعة لحث المنتجين على الانضمام إلى اتفاق خفض الإنتاج وتحقيق نسبة مطابقة مرتفعة للدول المشاركة بالفعل في الاتفاق مشيرا إلى وجود اتصالات مكثفة تقودها السعودية وروسيا في هذا الصدد لتوسعة اتفاق خفض الإنتاج خاصة مع البرازيل وهي أكبر منتج في أمريكا اللاتينية والتى لديها خطط واسعة لمضاعفة انتاجها.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، فقد هبطت أسعار النفط أمس مع تراجع واردات الصين من الخام إلى أدنى مستوى في عام، وإن كان التجار قالوا إن السوق بشكل عام تظل مدعومة بتخفيضات الإنتاج التي تقودها أوبك، مشيرين إلى أن السوق تراقب بقلق التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط وتواصل توخي الحذر بشأن التجارة.
وبحسب "رويترز"، فقد انخفض خام القياس العالمي مزيج برنت 31 سنتا، أو ما يعادل 0.5 في المائة، إلى 63.38 دولار للبرميل وإن كان لا يزال غير بعيد عن أعلى مستوى في نحو عامين ونصف العام البالغ 64.65 دولار للبرميل والذي سجله في وقت سابق هذا الأسبوع.
ونزل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 31 سنتا، أو ما يعادل 0.5 بالمئة، إلى 56.89 دولار للبرميل مقارنة مع سعر التسوية السابقة لكنه ما زال أيضا غير بعيد عن أعلى مستوى منذ تموز (يوليو) 2015 الذي سجله في وقت سابق هذا الأسبوع عندما بلغ 57.69 دولار للبرميل.
وما زالت السوق بشكل عام مدعومة إلى حد كبير بالجهود المستمرة التي تقودها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وروسيا لكبح الإمدادات من أجل رفع الأسعار.
وأعلن معهد البترول الأمريكي هبوط مخزونات النفط في الولايات المتحدة 1.56 مليون برميل خلال الأسبوع المنتهي في الثالث من تشرين الثاني (نوفمبر)بينما توقع محللون انخفاضا قدره 2.7 مليون برميل.
وارتفعت مخزونات البنزين 520 ألف برميل خلال الأسبوع الماضي كما تراجعت مخزونات نواتج التقطير – التي تشمل وقود التدفئة والديزل – حوالي 3.13 مليون برميل.