مخاطر الاستثمار في صناديق الريت
صناديق الريت REIT تعد من الفرص الاستثمارية الجديدة في السوق، التي بدأ يتوسع طرحها في السوق المالية اليوم، إذ أصبحت إعلانات طرحها الجديد في السوق تتزايد، إذ إنه مطلب لإحداث تنوع في السوق وإتاحة الفرصة لكثير من الأفراد للاستثمار في العقارات ذات العوائد الجيدة على المدى البعيد، خصوصا أن الاستثمار العقاري حاليا لا يتناسب مع عموم المستثمرين من الأفراد، إذ إن الاستثمار فيه مكلف حاليا بشكل كبير، كما أن الاستثمار في أصل واحد يشوبه كثير من المخاطر، إضافة إلى أن قدرة الأفراد على إدارة أصولهم العقارية فيها بعض العوائق والصعوبات التي تضعف معها كفاءة الاستثمار، فعلى سبيل المثال لا الحصر مسألة التسويق للعقار والحصول على فرص أفضل للتأجير تكون غالبا قدرة الأفراد فيها أضعف، كما أن الجهات التي لديها ملاءة مالية تجد أن التعامل مع الأفراد فيه شيء من المخاطر لحالة التغير في القرارات التي يمكن أن يتخذها الفرد مقارنة بالشركات الكبرى ومديري الصناديق، ومن هنا نجد أن الاستثمار العقاري من خلال الشركات قد يجد فيه الأفراد نوعا ما تقليلا للمخاطر، إلا أن صناديق الريت ليست بالضرورة استثمارا منخفض المخاطر، لما ينتاب هذا النوع من الاستثمارات من وجود احتمالات متشابهة مع استثمارات الأفراد في العقارات، التي يمكن أن يصيبها شيء من الخسائر، سواء بوجود أضرار في العقارات ومتطلبات صيانتها، أو بسبب كوارث يمكن أن تحدث لتلك العقارات مثل الحرائق وغيرها، أو من خلال الانخفاض الذي يمكن أن يشهده أي قطاع من القطاعات الاستثمارية في السوق. في الآونة الأخيرة بدأ الحديث عن أن هناك شيئا من التلاعب في صناديق الريت العقارية، وذلك بسبب أن تلك العقارات التي تمتلكها هذه الصناديق مبالغ في تقييمها بغرض وجود مصالح مشتركة بين ملاك العقار والصناديق التي تستحوذ على هذه العقارات، وأن تقييم هذه العقارات مبالغ فيها جدا بأسعارها الحالية، بل البعض يقدم نماذج لبعض تلك العقارات التي استحوذت عليها الصناديق بضعف سعرها المستحق، ويظهر -والله أعلم- أن في ذلك تبسيط للأمور خارج عن طبيعة الإجراءات التي يمر بها طرح الصندوق، وعدم النظر في موضوع حرص المؤسسات المالية على أن تكتسب سمعة جيدة لدى المستثمرين عموما، خصوصا أن هذه الصناديق ما هي إلا جزء يسير من حجم نشاط المؤسسات المالية، والضرر الذي سيلحق المؤسسة المالية سيكون كبيرا فيما لو حصل تواطؤ من مثل هذا النوع، إضافة إلى أن هذه المؤسسات لن يكون لديها محاسبة من قبل هيئة سوق المال أو المستثمرين، كما حصل في مجموعة من الحالات المتعلقة بالأسهم التي تم فيها محاسبة شركات ومستثمرين وفرض عقوبات شديدة عليهم، بل إن مثل هذا النوع من الاستثمارات التي تشرف عليها مؤسسات حكومية فيه شفافية عالية وهو ما جعل البعض يدعي فعلا عدم كفاءة بعض هذه الصناديق، وإن لم يكن متخصصا في ذلك. لا بد من معرفة المستثمر بشكل عام حجم المخاطر التي يمكن أن تواجهه من أي استثمار، فالمخاطر عنصر رئيس ولا يكاد يخلو منه أي شكل من أشكال الاستثمارات، ولكن تتفاوت المخاطر باعتبارات مختلفة، وهنا تأتي أهمية أن يكون المستثمر على وعي كاف بمخاطر الاستثمار، فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بـ"الريت" فإنه من الوارد هلاك بعض الأصول أو حصول أضرار بها، أو حصول ظروف معينة لا يتمكن منها الصندوق من تحصيل كامل العوائد التي كان يتوقعها، ولذلك من المهم دراسة أنواع الأصول التي يمتلكها الصندوق وتنوعها ونوعية المستأجرين ومدة الإيجار، إضافة إلى مستقبل تلك الأصول التي يمكن أن يحقق بعضها عوائد أفضل أو أنها في مواقع جيدة يتوقع أنها لا تكون شاغرة مستقبلا لمدد طويلة، إضافة إلى أهمية العناية بالإدارة الخاصة بالصندوق ككفاءتها وهذا نجده معلنا مع كل طرح. فالخلاصة، أن صناديق الريت هي أحد أشكال التوسع في فرص الاستثمار في السوق المالية السعودية وزيادة في عمق وحجم السوق، وقد يكون لها أثر جيد في استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتوفير أدوات متنوعة للاستثمار بالنسبة لعموم المستثمرين من المواطنين، إلا أنها لا تخلو من المخاطر، ومن هنا تأتي أهمية وعي المستثمر فيها قبل الاكتتاب أو الشراء من خلال النظر في نوعية الأصول وتنوعها وعددها، إضافة إلى مدد العقود في تلك الأصول، والفرص المستقبلية لنمو عوائد تلك الأصول، أو إمكانية بيعها بأسعار أفضل من سعر الشراء.