كيف يمكن تحقيق نسبة تملك 60 % للمواطنين في 2020؟

مشكلة الإسكان من المسائل المعقدة والصعبة، بسبب ارتباطها بمجموعة متعددة من العوامل التي قد تكون تحديا لتحقيق هدف زيادة نسبة تملك المواطنين للسكن لتصل إلى 60 في المائة -تشير إليها بعض وسائل الإعلام عن وزارة الإسكان- في عام 2020، لا شك أن الإمكانات التي منحت لكل الجهات التي لها علاقة بموضوع الإسكان كبيرة، إذ إنه يعد أحد أهم العناصر التي تضمنتها "رؤية المملكة 2030"، وقد أكد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده -حفظهما الله- في أكثر من مناسبة أهمية هذا الجانب، وحظي برنامج الإسكان من خلال مجموعة من الإجراءات سواء بالدعم المالي أو التنظيمي بعناية كبيرة، وهذا ما يلقي على فريق العمل المنوط به التخطيط والتنظيم لزيادة نسبة التملك للمساكن في المملكة كثيرا من المسؤولية لتحقيق هذه الأهداف بعد هذا الدعم الكبير.
لا شك أن البرامج التي تقدمها وزارة الإسكان طموحة ومتنوعة، والهدف منها يرتكز إلى أمرين مهمين الأول هو تسريع تمكين المواطن من الحصول على المسكن المناسب له، وتوفير برامج مناسبة لكل شريحة بناء على إمكاناتها المادية، والآخر النظر إلى الموقع الذي تتطلع للتملك فيه، وهذا الأمر وإن كان يظهر على أنه أمر فيه شيء من اليسر والسهولة إلا أنه في الجانب الآخر يحمل كثيرا من التعقيدات والتحديات لتحقيق رغبات المواطنين، حيث إن جهود وزارة الإسكان رغم ما فيها من الابتكار والتنوع إلا أنها لم تحقق فعليا رغبات كثير من المتقدمين لها، لعوامل جزء منها مبرر والجزء الآخر غير مبرر، ولعل للجزء غير المبرر أسبابا من المهم العناية بها من قبل الجهات التي لها علاقة بالإسكان، إذ إنه بعلاجها يمكن أن تزول بعض العوائق التي تحتاج إلى شيء من الوعي أو التثقيف لدى بعض المواطنين الذين يتطلعون للسكن.
فمن المبررات التي يمكن ألا توصف بأنها منطقية أن كثيرا من الأفراد يريد أن يكون شكل التمويل للإسكان شكلا واحدا من خلال القروض التي يقدمها الصندوق العقاري، كما كان عليه الحال في السابق، إذ كان يعيب هذا الخيار الوحيد أمران، الأول هو طول المدة التي يقضيها الفرد في الانتظار للحصول على التمويل الذي قد يمتد إلى أكثر من عشر سنوات رغم محدودية عدد الطلبات حينها، وقيمة ما يدفعه الفرد للإيجار حينها قد يمكنه من الحصول على منزل، والآخر خصوصا في المدن الكبرى أن تكلفة تملك الأراضي عالية جدا، وهذا ما كان سببا في عدم قدرة البعض على الاستفادة من القرض بعد تلك المدة الطويلة من الانتظار، كما أن الحصول على القرض لا يعني بالضرورة الحصول على سكن، فمدة البناء وتكلفته قد تجعل مسألة السكن قد تمتد إلى أكثر من ثلاث أو أربع سنوات بحسب تجارب كثير من المواطنين، وخلال هذه المدة بالتأكيد البعض سوف يتكلف من الإيجار كثيرا، وهنا يمكن التأكيد على ألا يمكن جعل الإقراض الخيار الوحيد، كما أنه لا يمكن الاستغناء عنه، خصوصا في مسألة تملك السكن.
برنامج الإسكان كما أنه يعتني بعلاج مشكلة على المدى القصير التي يتوقع أن تحقق شيئا من التقدم خلال عامين، إلا أنه من المهم وجود استراتيجية للإسكان بالاستفادة من الدعم الحكومي الهائل، وذلك من خلال العمل على إنشاء ضواح حول المدن الكبرى تكون قريبة من المدن المكتملة من ناحية وصول الخدمات، وأن يعمل البرنامج على توفير وسائل النقل من تلك الضواحي إلى المدن الكبرى، خصوصا بعد البدء في مشاريع النقل العام داخل المدن في الرياض حاليا وفي المدن الأخرى قريبا -بإذن الله، وهذا الخيار يعد استراتيجيا باعتبار أنه يخفف الضغط على المدن الكبرى وحالة الطلب الهائلة فيها التي يصعب معها تمكن الفرد من الحصول على سكن، وفي المقابل تتم الاستفادة من البنى التحتية في بعض المدن الصغرى التي يعد تشغيل البنى التحتية فيها محدودا مقارنة بالمدن الكبرى.
فالخلاصة أن برنامج معالجة مشكلة السكن يعد برنامجا مهما ويحظى بعناية حكومية كبيرة، وتحقيق تقدم في زيادة أعداد الذين يملكون مساكنهم يعد تحديا كبيرا في مجتمع ينمو بشكل كبير كما في المملكة، وهنا إضافة إلى الخيارات المتنوعة لوزارة الإسكان لتملك السكن على المدى القصير ينبغي أن يكون معه برامج أخرى استراتيجية مثل بناء ضواح حول المدن بالقرب أو داخل مدن قائمة مع توفير النقل إلى أقرب نقطة للنقل العام داخل المدن الكبرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي