تنظيم عمل المكاتب والوسطاء العقاريين
في مبادرة تعتبر امتدادا لبرنامج تطوير عمل قطاع الإسكان والقطاع العقاري بصورة عامة في المملكة، تحدثت صحيفة "الاقتصادية" في عددها الصادر بتاريخ 17 حزيران (يونيو) 2018 عن مسودة لتنظيم عمل المكاتب العقارية، وجاء فيها بعض الأنظمة التي يمكن أن تحدث تغيرا في القطاع العقاري، ولعل من أبرزها أن العمولة في عملية البيع لن تكون على المشتري بل على البائع، كما أن عمولة الإيجار لن تكون على المستأجر، بل على المؤجر أو المالك للعقار، وهذا يعتبر تغييرا لافتا بالنسبة للوسطاء العقاريين، كما أن العمولة أيضا يمكن أن يكون لها تنظيم مختلف في هذه اللائحة، إلا أنه لم يعلن شيء بهذا الخصوص. كما أنه وبحسب صحيفة "الاقتصادية"، فإن النظام يجعل العمل في الوساطة العقارية خاصا بالمواطنين في إطار برنامج توطين الوظائف في المملكة. تنظيم السوق العقارية بصورة عامة له أهمية كبيرة، كما أن هذا التنظيم يمكن أن يجعل هذا القطاع أكثر جاذبية للاستثمار من قبل المواطنين والمستثمر الأجنبي، ويعزز الثقة بالاستثمار في القطاع العقاري، خصوصا مع الميل إلى تطوير هذا القطاع من خلال مساهمة الاستثمار المؤسسي فيه، ووجود الصناديق الاستثمارية مثل الريت والصناديق الاستثمارية المتخصصة في القطاع العقاري، ومع وجود شيء من العشوائية في هذه السوق، التي أصبح حجمها تريليونيا في المملكة، كان من الأهمية بمكان العناية بها وتنظيمها بما يزيد من جاذبيتها، ومن هذا المنطلق يمكن أن يكون لتنظيم عمل المكاتب العقارية دور في ذلك، كما قد يكون لوزارة الإسكان وهيئة العقار دور أكبر في جعل السوق العقارية جذابة للاستثمار وأكثر استقرارا ونشاطا. فيما يتعلق بأمر العمولة، فإن جعل مسؤولية دفعها على المالك قد يكون أكثر منطقية؛ إذ إن خدمة عرض العقار ستخدم المالك أكثر من المشتري، كما أن هذا الإجراء سيجعل المكاتب العقارية تتنافس على تقديم خدمات تسويقية أكثر للعقارات، باعتبار أن مالك العقار سيبحث عمن يمكنه بيع عقاره بشكل أسرع وبعرض أفضل، ومن فوائده أيضا أنه يضمن بصورة أكبر وصول عمولة البيع للوسيط العقاري، كما أنه في حالات كثيرة تجد أن البائع للعقار هو الوسيط العقاري، وبالتالي فإنه يأخذ عمولته من المشتري رغم أنه المالك للعقار، ولكن في ظل أن العمولة للوسيط ستكون من البائع فلن يكلف المشتري في هذه الحالة بدفعها، كما أنه في حالة الإيجار أيضا فإن المالك هو المكلف بدفع العمولة، وهو ما قد يقلص من هذه العمولة؛ إذ إن بعض المكاتب العقارية تطلب مبلغا مبالغا فيه من المستأجرين، لكن لن يكون ذلك ممكنا إذا ما كان ذلك من مسؤولية المالك. هناك أمور مهمة في جانب تنظيم عمل الوسطاء العقاريين، منها مسألة ضمان حصول الوسيط العقاري على عمولته، خصوصا في البيع، إذ قد يلجأ البعض إلى تنفيذ عملية البيع بعد أن يتمكن من التواصل مع البائع، ولا يدفع للوسيط عمولته، ومن هنا فإنه من المقترح في حال رغبة البائع عرض العقار لدى وسيط، فإنه يلتزم بتسجيل العقار لدى الوسيط من خلال إجراءات ونماذج معتمدة لدى الوزارة، مع الأخذ في الحسبان أن تنظم الجهة المختصة قيمة العمولة المناسبة على غرار الرسوم الإدارية لدى المؤسسات التمويلية؛ حيث تكون عادلة ومرضية، ولا يحق حينها للوسيط تجاوز هذه النسبة، كما أنه من المقترح تشجيع الوسطاء على تقديم خدمات متعددة تيسر من إجراءات نقل الملكية، ومن ذلك مسألة توثيق تسليم وتسلم قيمة العقار من خلال نماذج معتمدة لدى جهة التوثيق، ومنها التزام الوسيط العقاري بإدخال المعلومات الخاصة بالعقار لدى جهة توثيق البيع، ما يخفف إجراءات التوثيق. فالخلاصة أن تنظيم عمل الوسطاء العقاريين له أهمية كبيرة في ظل بعض العشوائية التي تعيشها السوق العقارية، ومن شأن مثل هذا التنظيم أن يحسن من ظروف عمل الوسطاء العقاريين، ويزيد من إقبال الشباب على العمل في القطاع العقاري، الذي أصبح اليوم حجمه تريليونيا، والتغييرات المتوقعة التي تجعل من عمولة البيع والتأجير على المالك، قد تكون منطقية مقارنة بالحال السائدة اليوم، إلا أنه من المهم أن تكون هناك إجراءات تحفظ حق الوسيط من العمولة، حيث إنه لا يوجد ما يحفظ حقه في حال تمكن البائع والمشتري من التواصل بشكل مباشر، كما أنه من الممكن تنظيم عمولة البيع والتأجير؛ حيث تتناسب مع حجم عمل الوسيط، إضافة إلى تكليف الوسطاء العقاريين بإتمام جزء من الإجراءات، التي تخفف من مهمة جهات توثيق البيع.