"جولدمان ساكس": سوق النفط تعاني عجزا في المعروض.. زيادة الإنتاج مطلب لتفادي الأزمة
أشار بنك جولدمان ساكس إلى أن سوق النفط الخام مازال في حالة عجز للمعروض النفطي، وهو ما يتطلب زيادات متوالية في إنتاج "أوبك" وروسيا وذلك لتفادي وقوع أزمة في مخزون النفط الخام بنهاية العام، متوقعا أن يرتفع إنتاج "أوبك" وروسيا بمقدار 1.3 مليون برميل يوميا في ختام 2018.
وأضاف التقرير، أن الزيادات في العام المقبل 2019 لا يمكن تحديدها بدقة، لافتا إلى أن حجم الخسائر الفادحة في الإنتاج والتصدير في فنزويلا وليبيا وكندا وإيران بسبب عوامل جيوسياسية أبرزها العقوبات الدولية.
من جانبه، توقع تقرير "أويل برايس" الدولي، أن تنضم روسيا قريبا إلى منظمة أوبك كعضو منتسب، مشيرا إلى أن هناك بندا رئيسا في اتفاقية التعاون الثنائي بين الرياض وموسكو تنص على أن التدخلات المشتركة لرفع أو خفض إنتاج النفط هي الآن القاعدة الجديدة لعمل المنتجين.
وأكد التقرير أن الهند والصين تجريان محادثات جادة حول تشكيل أول نادٍ لكبار مشتري النفط الخام في العالم، لافتا إلى أن هذا يعد تحالفا قويا للغاية للمستهلكين وقد يثير قلق بعض الأطراف الأخرى في صناعة النفط الخام العالمية.
وأوضح، أن الدولتين تمثلان 17 في المائة من الاستهلاك العالمي للنفط الخام وهما الدولتان الأكثر تضررا إذا ارتفعت الأسعار، مشيرا إلى أن نادي المشترين يعد أول تكتل مواجه لتكتل المنتجين في منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك".
وتوقع التقرير، ألا يعمل أي كيان منهما على الحد من نفوذ الآخر في سوق النفط العالمية، بل التعاون لتعزيز وتكريس جهود التنسيق المشترك وتحقيق تفاهمات مستمرة بشأن المعروض النفطي ومستوى الأسعار الملائم للمستهلكين.
ورجح أن أوروبا واليابان اللتين كانتا من قبل غير راغبتين في المشاركة في أي مشاريع أو تجمعات تمثل المستهلكين قد تشاركان الآن في نادي المشترين، مبررا ذلك بصعوبة الدورات الاقتصادية في السوق النفطية وتعدد بدائل الطاقة.
وذكر التقرير أن تحالف المشترين للنفط الخام من المرجح على المدى الطويل أن يكون قوة لا يستهان بها في السوق، مشيرا إلى احتياج منتجي النفط الخام إلى البدء في الاهتمام بشكل أكبر حاليا لتطوير التعاون مع هذا الكيان الضخم الجديد.
وفى سياق متصل، مالت أسعار النفط الخام إلى الارتفاع بسبب عدة عوامل داعمة للأسعار في مقدمتها تعطل الإنتاج الكندي وبيانات عن تراجع مخزونات الوقود إلى جانب المخاوف على المعروض النفطي، بسبب العقوبات المرتقبة على صادرات إيران النفطية.
ويقاوم ارتفاع الأسعار التعهدات بزيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا خلال الأشهر القليلة المقبلة، لكن على ما يبدو أن السوق متعطشة لمزيد من الإمدادات النفطية.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية" بيل فارن برايس؛ مدير شركة بتروليوم بوليسي انتلجنس "بي بي آي"، إن دول "أوبك" بقيادة السعودية وشركائها من خارج "أوبك" بقيادة روسيا حريصة على تماسك الاتفاق واستمرارية العمل المشترك للمنتجين، لذا لجأوا إلى زيادة إنتاجية محدودة تمثل نوعا من تقليص تخفيضات الإنتاج الزائدة التي قدرها البعض بمليون برميل يوميا، بينما يرجح البعض الآخر ألا تتجاوز 700 ألف برميل.
وأضاف، أن السعودية كمنتج قائد للمجموعة تعلي من شأن المصلحة العامة للمنتجين وللاقتصاد الدولي بشكل أشمل وتدرك حجم التحديات التي تواجه اقتصاديات دول منتجة عديدة بسبب العقوبات أو الأزمة الاقتصادية، وبالتالي قدرتهم على زيادة الإنتاج منعدمة وهو ما حفز نحو التحرك إلى تعديلات محدودة في حصص خفض الإنتاج، لتعزيز المعروض النفطي وفي الوقت نفسه عدم اتساع هوة الخلاف بين المنتجين واعتماد الحلول الوسطية.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية" أندريه جروس؛ مدير قطاع آسيا الوسطى في شركة "أم أم آيه سي" الألمانية للطاقة، أن بعض القلق في السوق من احتمال تضاؤل الطاقة الاحتياطية النفطية، بسبب خطط زيادة الإنتاج من قبل السعودية وروسيا استجابة لمناشدة المستهلكين وعلى رأسهم الولايات المتحدة والهند.
وأضاف، أن الاستثمارات والاستكشافات الجديدة ما زالت تنمو ببطء وليس بالقدر الكافي الذي يعزز الطاقة الاحتياطية، لافتا إلى أن توافق المنتجين والمستهلكين على ضرورة تهدئة الأسعار هو لصالح استقرار السوق ومنعا لصعود الأسعار إلى المستويات المدمرة للطلب.
من ناحيته، لفت لـ"الاقتصادية" ديفيد ليديسما؛ المحلل في شركة " ساوث كورت " لاستشارات الطاقة، إلى أن تعطلات الإنتاج في ليبيا وكندا وإيران أضافت مزيدا من الأعباء للسوق الذي يواجه أيضا انهيارات متلاحقة في إنتاج فنزويلا، لافتا إلى أن التحرك السعودي الروسي جاء ضروريا في هذه المرحلة واستجابة لاحتياجات المشترين الآسيويين وتلبية لدعوة الإدارة الأمريكية.
وبين، أن الطريق أصبح ممهدا أمام كبار المنتجين لحصد مكاسب أوسع وحصص سوقية أكبر، لكن الجميع على قناعة بضرورة التخلي عن المنطق الفردي في تعامل السوق والتركيز على استقرار السوق وصالح الصناعة وتأمين الإمدادات والوفاء بجميع احتياجات الاستهلاك الحالية والمستقبلية.
من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس بعد تقرير يظهر تراجع مخزونات الوقود الأمريكية في ظل توقف منشأة سينكرود كندا للرمال النفطية في ألبرتا التي عادة ما تورد للولايات المتحدة.
ووجدت أسعار النفط دعما في العقوبات الأمريكية الوشيكة على إيران، التي تنذر بقطع إمدادات عن سوق شحيحة بالفعل على الرغم من تعهد منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" بزيادة الإنتاج لتعويض أي نقص في المعروض بسبب تعطل الإمدادات.
وبحلول الساعة 06:50 بتوقيت جرينتش، ارتفع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 37 سنتا أو 0.4 في المائة، عن التسوية السابقة ليصل إلى 74.51 دولار للبرميل. وكان الخام بلغ يوم الثلاثاء أعلى مستوياته منذ تشرين الثاني نوفمبر 2014 عند 75.27 دولار للبرميل.
وبلغ خام القياس العالمي مزيج برنت 78.04 دولار للبرميل، بزيادة 28 سنتا أو بنسبة 0.4 في المائة عن التسوية السابقة. وجاء نشاط التداول محدودا أمس بسبب عطلة يوم الاستقلال في الولايات المتحدة.
وقال معهد البترول الأمريكي أمس الأول، إن مخزونات الخام في الولايات المتحدة تراجعت 4.5 مليون برميل إلى 416.9 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 29 حزيران (يونيو)، مضيفا أن مخزونات البنزين ونواتج التقطير، التي تشمل الديزل ووقود التدفئة، انخفضت أيضا.
ويرجع انخفاض مخزونات الوقود في الأساس إلى توقف منشأة سينكرود كندا للرمال النفطية البالغة طاقتها 360 ألف برميل يوميا قرب فورت مكموري بألبرتا، ومن المتوقع أن يستمر التوقف طوال تموز (يوليو).
وتركز الاهتمام بالسوق على العقوبات الأمريكية الوشيكة على إيران أحد كبار مصدري النفط، إذ طالبت الحكومة الأمريكية جميع الدول بوقف شراء النفط الإيراني من تشرين الثاني (نوفمبر).
ولتعويض النقص المحتمل في إمدادات إيران وتعطل إمدادات في بلدان أخرى من بينها ليبيا وفنزويلا، اتفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" مع روسيا ومنتجين آخرين خارج المنظمة على زيادة الإنتاج من تموز (يوليو).
من جانب آخر، قال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول، أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني انخفاض له على التوالي وأن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 72.69 دولار للبرميل.