«الفرسان الأربعة» .. شركات ضخمة تقارع اقتصادات دول في مواجهة «غول» الحمائية

«الفرسان الأربعة» .. شركات ضخمة تقارع اقتصادات دول في مواجهة «غول» الحمائية

عشرات من الأسئلة تطرح - سواء كانت واقعية أو افتراضية - عند التحدث عن شركات أمازون، أبل، جوجل، فيسبوك، والمعروفة اختصارا باسم الفرسان الأربعة.
فشركات بذلك التأثير الكوني، وبتلك القيم السوقية غير المسبوقة في مجال الشركات الدولية، حيث قيمة الواحدة منها في الوقت الحالي مئات المليارات، وبعضها على أعتاب التريليون دولار، يجعلها الأعمدة الراسخة للاقتصاد الحديث.
قد يكون من ضمن الأسئلة الواقعية على سبيل المثال من منها سيفوز بقصب السبق، سواء بتحطيم رقم التريليون دولار أو بالتفوق على منافسيه، خاصة أن السنوات الأخيرة شهدت تداخلا في أنماط النشاط التجاري لتلك الشركات، ولكن من يمكنه أن يهزم تلك الشركات ويتفوق عليها؟
بغض النظر عن واقعية الأسئلة المطروحة أو افتراضيتها، فإن ما يجمع عليه الخبراء أن الفرسان الأربعة سيكونون معا لعقود طويلة مقبلة، وقد يشهد المستقبل انضمام شركة أو شركتين فقط.
استطلعت "الاقتصادية" آراء عدد من الخبراء البريطانيين بشأن مستقبل تلك الشركات، وطبيعة الشركات التي يمكن أن تمثل تحديا مستقبليا لها، وتأثير ذلك على التجارة الدولية ومصالح المستهلكين.
ويعتقد الدكتور إل. إم. جون أستاذ الاقتصاد الدولي أن الفرسان الأربعة ظاهرة اقتصادية ستمتد في أقل تقدير إلى نهاية القرن 21، وأن نقطة الضعف الأساسية التي يمكن أن تؤدي إلى تآكل قدرة أي واحدة منها، تعود من وجهة نظره إلى الآثار السلبية للحروب التجارية والحمائية الدولية على أداء تلك الشركات.
ويؤكد لـ"الاقتصادية" أنه في مجال المنافسة البينية بين تلك الفرسان الأربعة، يمكن القول إن مؤشر النمو يسير في صالح "أمازون" و"جوجل" أكثر منه بالنسبة لـ"فيسبوك" و"أبل".
ويضيف: "قد يبدو هذا بالنسبة للبعض غريبا بعض الشيء، خاصة أنه من المتوقع أن تسبق شركة أبل شركة أمازون في الوصول إلى عتبة التريليون دولار، ولكن القدرة الإبداعية لـ"أبل" بدأت تتقلص لصالح منافسين يأكلون تدريجيا من حصة "أبل" في الأسواق، وتلك الظاهرة لا توجد في أمازون على الأقل حتى الآن، فسوق الهواتف الذكية مشبع نسبيا، وعلى الرغم من سعي "أبل" لتنويع مصادر الإيرادات، فإنها لا تزال تعتمد على مصادر محددة تواجه تحديات حقيقية، و"أمازون" لا تواجه تلك التحديات على الأقل في الوقت الراهن، فخلال يوم واحد من التخفيضات في (Prime day) أفلحت "أمازون" في تحقيق مبيعات بأربعة مليارات دولار، ومثل تلك الأنماط التسويقية لا تولد فقط مبيعات، ولكن الأهم أنها تجلب أعضاء جددا للموقع".
وبالنسبة لمنافسي تلك الشركات يقول: "استبعد أن تستطيع شركة ما الإطاحة بأي من الفرسان الأربعة في القريب العاجل، فالمسافة كبيرة بين المنافسين وتلك الشركات، ومع هذا يمكن القول إن اتساع نطاق النشاط التجاري لتلك الشركات، سيؤدي إلى بروز منافسين قادرين على التفوق عليها في قطاع ما، أو في أحد جزئيات النشاط الاقتصادي، ولكن دون أن يعني ذلك بلوغهم القيمة السوقية لتلك الشركات أو تمتعهم بثقل دولي مماثل لها".
من جهته، يرى الباحث الاقتصادي جراهام سكوت أن عبور أي من الفرسان الأربعة عتبة التريليون دولار أمريكي لن يحدث أي تحول جوهري في نشاط أو قدرة تلك الشركة أو مكانتها في الاقتصاد العالمي، ولن ينعكس كثيرا على منافسيها القريبين منها.
ويشير لـ"الاقتصادية" إلى أن القيمة السوقية لأحد الفرسان الأربعة قد تكون 950 مليارا أو تريليون دولار ولكن مع ذلك لن يحدث أي فرق في طبيعة النشاط أو القدرة الاقتصادية بشكل كبير، الفرق الوحيد أنها ستبدو في نظر قوى السوق الشركة الأكبر أو الأعظم، هذا بالطبع يعزز وضعها في البورصة الدولية، ولكن لا يحدث تغيرات جوهرية في الشركة ذاتها.
ويقول: "التحدي الحقيقي الذي يواجه تلك الشركات هو استشراء روح الحمائية الاقتصادية في المجتمع الدولي، وتفشي الحرب التجارية، إذ قد يستتبع ذلك فرض غرامات على تلك الشركات كما فعل الاتحاد الأوروبي أخيرا، ضد شركة جوجل، وفرض عليها غرامة بقيمة خمسة مليارات دولار، ما يعني إضعاف القدرة الربحية لها وتآكل قدرتها في مجال تراكم رأس المال، ما يضعف إمكانيتها الاستثمارية في مجال الابتكار والإبداع الذي يحقق لها مزيدا من الأرباح، كما يضعف جاذبيتها في البورصات الدولية، وهذا المناخ من الممكن أن يؤدي لتقلص الفترة الزمنية التي ستقود خلال الشركات الأربع الاقتصاد العالمي، بحيث يمكن أن تبدأ في التراجع والتقلص بمنتصف القرن الحالي".
ولكن الخبير الاستثماري تيم توم يتبنى وجهة نظر مختلفة بعض الشيء.
ويقول لـ"الاقتصادية"، إن "ما يعرف بالفرسان الأربعة يبدو للوهلة الأولى قصة نجاح مثيرة للغاية، ولكن يجب أن نأخذ في الاعتبار أيضا أن تلك الشركات ليست مجرد شركات تقنية أو تجارة تجزئة أو موقع تواصل اجتماعي عملاق، إنما شركات عملاقة للغاية بحيث تستخدم قدرتها لإخراج منافسيها من السباق، فأحد الاتهامات الموجه لمحرك البحث جوجل أوروبيا أنه يلحق الضرر بمنافسيه عبرة ميزة استعراض المستخدم الخاص به جوجل Plus، أما شركة أبل فإنها تضع شروطا على منافسيها تجعل من الصعب عليهم تقديم خدمات بث تنافسية تتنافس مع Apple Music، أما "أمازون" فإنه يستخدم الموقع كمكتب بيع مهيمن لتوجيه المستهلكين".
ويضيف: "بمرور الوقت باتت تلك رمزا للولايات المتحدة الأمريكية وقوتها، ومن ثم فإنها تحصل أيضا على دعم الدولة في مواجهة خصومها، خاصة إذا كان المنافسون ينتمون إلى اقتصاديات أخرى مثل الاقتصاد الصيني".
وأكد أنه من الصعب توقع أن تستطيع أي شركة منافسة الفرسان الأربعة قريبا، ولكن من الممكن أن تتآكل قدرات تلك الشركات لأسباب داخلية، عبر استقطاب الكفاءات لصالح المنافسين، أو قدرة المنافسين على ابتكار منتجات تكنولوجية أو سبل تسويق أكثر كفاءة وأقل تكلفة، مبينا أنه مع هذا تظل تلك الاحتمالات بعيدة نسبيا نظرا للقدرات المالية الهائلة لتلك الشركات وللدعم الحكومي الذي تحظى به.

الأكثر قراءة