محللون دوليون لـ"الاقتصادية": سوق النفط تتجه بقوة لمواصلة المكاسب.. وطفرة "الأمريكي" لن تستمر كثيرا
استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع وأول تعاملات الربع الثاني على ارتفاع لتواصل حصد المكاسب التي حققتها على مدار الربع الأول من العام التي بلغت نحو 40 في المائة.
وتلقت المكاسب السعرية الدعم الأكبر من خفض الإنتاج الذي تنفذه "أوبك" وحلفاؤها إلى جانب تفاقم تأثير العقوبات في كل من فنزويلا وإيران، إضافة إلى تحسن مؤشرات الطلب وتراجع المخاوف على النمو الاقتصادي العالمي نتيجة التقدم في محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين.
وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون إن السوق تتجه بقوة نحو مواصلة المكاسب السعرية في مؤشر على نجاح شراكة المنتجين في "أوبك" وخارجها، مؤكدين أنه رغم تجدد الدعوات لفتح صنابير الإنتاج مرة أخرى ولكن "أوبك" على قناعة بضرورة الافيستمرار في خطتها التي حققت كثيرا من النتائج الإيجابية فيما يتعلق بخفض المعروض والسيطرة على فائض المخزونات.
وأفاد المحللون بأن نمو الإنتاج الأمريكي سيكون فعليا أقل من التوقعات المسبقة بعد تباطؤ أنشطة الحفر وضعف الطلب النسبي وعزوف بعض المصافي الآسيوية عن الاعتماد على الإنتاج الأمريكي مع البحث عن بدائل للنفط الفنزويلي وإنتاج "أوبك" الثقيل، لافتين إلى أن الإنتاج الأمريكي قد لا يتجاوز 13 مليون برميل يوميا في العام المقبل بعدما كانت توقعات سابقة تشير إلى احتمال أن يتجاوز 14 مليون برميل يوميا.
وذكر المحللون أنه بناء على ذلك عادت المطالبات والضغوط على "أوبك" لزيادة الإنتاج خاصة من قبل الإدارة الأمريكية ولكن "أوبك" رغم علاقتها الطيبة وشراكتها الواسعة مع الولايات المتحدة لها رؤيتها الخاصة لاستعادة التوازن في السوق من خلال التمسك بخفض الإنتاج إلى حين ضمان علاقة متوازنة ومستدامة بين العرض والطلب.
وقال روبين نوبل مدير شركة أوكسيرا للاستشارات المالية، إن نمو الإنتاج الأمريكي على الأرجح سيأتي بوتيرة أبطأ من التوقعات السابقة، مشيرا إلى أن عديدا من المصافي الآسيوية بدأت في رفض استقبال الإنتاج الأمريكي بسبب مشكلات تتعلق بالتلوث وهو ما سيؤثر في مستويات الطلب على الإنتاج الأمريكي ويحد من مستوى طفرات النمو السابقة.
وأوضح أن تعديل التوقعات بشأن نمو الإنتاج الأمريكي مطروح بقوة في السوق في المرحلة الراهنة، مشيرا إلى أن بنك جولدمان ساكس من أبرز المتوقعين لانكماش الإنتاج الأمريكي خاصة مع انخفاض عدد الحفارات الأمريكية إلى أدنى مستوى في 11 شهرا.
ولفت إلى أنه في حالة استمرار هذا الاتجاه سيكون حجم الإمدادات الأمريكية أقل بكثير من التوقعات السابقة وقد لا تتجاوز في العام المقبل 13 مليون برميل يوميا بحسب أحدث البيانات الدولية.
من جانبه، أكد فيتوريو موسازي مدير العلاقات الدولية في شركة سنام الإيطالية للطاقة، أن توقف محطة التصدير الرئيسة للنفط الخام في فنزويلا إضافة إلى مجمع تكرير النفط الثقيل يعكس حجم فداحة خسائر الإنتاج في فنزويلا التي تواجه عقوبات أمريكية صارمة في ظل تعقد المشهد السياسي وزيادة الصراع على السلطة.
وذكر أن هذا الموقف الإنتاجي المتدهور في بلد رئيس وعضو مؤثر في "أوبك" مثل فنزويلا لا شك أن له تداعيات واسعة على السوق ولكن في المرحلة الراهنة قد يدعم خطة "أوبك" في خفض الإنتاج ويحفز نحو معالجة أسرع لفائض المعروض والمخزونات.
وأضاف "رأينا أن هذه الحالة أدت إلى تحقيق مكاسب سعرية قياسية في الربع الأول من العام الجاري ولكنها ليست جيدة على المدى الطويل وبالتحديد فيما يخص أمن الإمدادات".
من ناحيته، قال ديفيد لديسما المحلل في شركة ساوث كورت لاستشارات الطاقة، إن وتيرة الأسعار المرتفعة من المرجح أن تواصل مسيرتها وستكون لها نتائج مباشرة وواضحة على الاجتماع المقبل للمنتجين في حزيران (يونيو) المقبل الذي يأتي في ظل أجواء من الثقة مع حدوث تقدم واسع في علاج وفرة المعروض وفائض المخزونات واستعادة مستوى أسعار جيد للنفط الخام.
ولفت إلى أن الضغوط ستكون أقل على المنتجين في الاجتماع المقبل نحو تعديل سياسات الإنتاج وربما تكون النجاحات الحالية حافزا على الاستمرار في مستويات الإنتاج نفسها خاصة أن المؤشرات تؤكد أن طفرة الإنتاج الأمريكي لن تستمر كثيرا على الوتيرة نفسها وأن حالة من التباطؤ بدأت بالفعل تتضح ملامحها في السوق.
بدورها، أوضحت المحللة الصينية أمبر لي من شركة رينج الدولية، أن وفرة النفط الأمريكي الخفيف جعلت الطلب عليه يضعف بينما الطلب على النفط الثقيل أخذ في النمو بقوة بسبب شح المعروض خاصة مع تصاعد وتيرة العقوبات ضد فنزويلا والتخفيضات الطوعية لكبار منتجي "أوبك" وعلى رأسهم السعودية.
وأشارت إلى أن تعافي الأسعار سيدعم رواج الاستثمارات في موارد الطاقة التقليدية بعد فترة من التباطؤ الملحوظ حيث توجهت أغلب الاستثمارات إلى موارد الطاقة المتجددة، مبينة أن ارتفاع الأسعار ضرورة لدعم ميزانيات الدول المنتجة ولكنه يجب ألا يرتفع إلى المستوى المدمر للطلب، حيث يجب أن يؤخذ في الاعتبار دوما مصالح الدول المستهلكة وهو ما تراعيه بالفعل "أوبك"، إذ تتبنى عددا من برامج الحوار الفعالة مع الصين والهند والاتحاد الأوروبي.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط الخام الأمريكي أمس، لأعلى مستوياتها منذ بداية 2019، وصعد "برنت" دولارا واحدا، بعدما حقق الخامان القياسيان أكبر مكاسبهما في الربع الأول من أي عام خلال نحو عشر سنوات بدعم من شح المعروض ومؤشرات إيجابية للاقتصاد العالمي.
وبحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 13:25 بتوقيت جرينتش، صعد خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي في العقود الآجلة 57 سنتا أو 0.95 في المائة إلى 60.71 دولار للبرميل، بعدما لامس لفترة وجيزة أعلى مستوياته في أكثر من أربعة أشهر عند 60.92 دولار. وزاد الخام الأمريكي 32 في المائة في الربع الأول.
وارتفع خام القياس العالمي برنت في العقود الآجلة تسليم حزيران (يونيو) 86 سنتا أو 1.3 في المائة إلى 68.44 دولار للبرميل، بعدما صعد أكثر من دولار في وقت سابق من التعاملات وربح 27 في المائة في الفترة من كانون الثاني (يناير) إلى آذار (مارس).