أسعار النفط عند أعلى مستوياتها في 5 أشهر .. تقترب من 70 دولارا للبرميل
واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها القياسية حيث سجلت أعلى مستوى في خمسة أشهر، لتقترب من 70 دولارا للبرميل، نتيجة تضافر عدد من العوامل الرئيسة القوية الداعمة لاستمرار صعود الأسعار.
ويأتي في مقدمة العوامل، خفض الإنتاج من تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها واتساع خسائر العقوبات الاقتصادية الأمريكية على كل من إيران وفنزويلا، التي تواجه خسائر فادحة تفوق التوقعات السابقة.
وجاء الدعم الأكبر لنمو الأسعار بعد صدور بيانات اقتصادية قوية من الصين، ما أدى إلى انحسار المخاوف بشأن معدل نمو الطلب، إضافة إلى مؤشرات متزايدة عن تباطؤ في إمدادات النفط الأمريكي.
وقال لـ"الاقتصادية" محللون ومختصون نفطيون، إن توقعات شركتي شلمبرجير وهاليبرتون بانخفاض مستوى الإنفاق على أنشطة الحفر الأمريكية خلال العام الجاري بنسبة 10 في المائة تعكس الصعوبات التي يواجهها الإنتاج الأمريكي في المرحلة الراهنة والتي تحول دون استمرار طفرات النمو بالمستويات السابقة نفسها.
وأوضح المحللون أن بعض الشركات الأمريكية تعاني أنشطة الحفر غير المربحة وهو ما يشدد الخناق على الشركات المتوسطة والصغيرة حيث إنها الأقل في القدرة على المنافسة، لافتين إلى وجود أداء ضعيف لعديد من الآبار التي تم حفرها أخيرا، وهو ما أدى إلى رفع مستوى التوقعات بشأن تباطؤ الإمدادات الأمريكية.
وأشاروا إلى أن التباطؤ الأمريكي يعزز الضغوط الصعودية للأسعار بالتوازي مع تخفيضات الإنتاج لتحالف المنتجين "أوبك +" والعقوبات الاقتصادية الأمريكية على إيران وفنزويلا، بينما في المقابل هناك مستوى المخزونات الأمريكية ما زالت مرتفعة نسبيا مع بدء علاجها تدريجيا.
وقال جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا، إن ارتفاع المخزونات النفطية الأمريكية هو أمر مؤقت وهذه المخزونات تواجه ضغوطا واسعة نتيجة انقطاع الإمدادات الفنزويلية ونشاط عمليات التكرير الأمريكية وهو ما يعزز فرص ارتفاع الأسعار، حيث قدر بنك باركليز سعرا مرتقبا للنفط الأمريكي فوق 65 دولارا للبرميل.
وأشار إلى أن منصات الحفر الأمريكية تواصل مسيرة التراجع للأسبوع السادس على التوالي، وهو انعكاس حقيقي لصعوبات كبيرة تواجه الإنتاج الأمريكي وتحول دون استمرار وتيرة الإمدادات المرتفعة كما كانت في السابق، أو كما كان متوقعا لها خلال العام الجاري والأعوام المقبلة.
من جانبه، قال مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، إن تسجيل مستوى إنتاج "أوبك" أدنى معدلاته منذ عام 2015 هو دلالة على الجدية في تنفيذ اتفاق خفض الإنتاج بمستويات مطابقة عالية، إضافة إلى بعض التخفيضات الطوعية لكبار المنتجين وبالتحديد السعودية إلى جانب الأزمة الحادة نتيجة العقوبات في كل من فنزويلا وإيران.
وذكر أن تسجيل الصين أكبر زيادة شهرية في مؤشر مديري المشتريات الصناعية منذ عام 2012 هو دلالة قوية أيضا على تعافي مؤشرات الطلب وبالتالي أدى ذلك إلى تراجع كبير في المخاوف المحيطة بمستقبل النمو الاقتصادي العالمي.
من ناحيته، أوضح ماركوس كروج كبير محللي شركة أيه كنترول لأبحاث النفط والغاز، أن واحدة من أكبر المخاطر السلبية على سوق النفط الخام قد يتم تفاديها تماما إذا حدثت انفراجة في المفاوضات والمحادثات التجارية بين الصين والولايات المتحدة بالشكل الذي يؤدي إلى إلغاء التعريفات المتبادلة وإنعاش النمو الاقتصادي العالمي.
وأشار إلى أن السوق لا تستطيع الاستمرار على وتيرة واحدة لفترة طويلة وبدون شك ستؤدي الارتفاعات المتتالية إلى إغراء مزيد من المستثمرين على زيادة الإنتاج، خاصة من منتجي النفط الصخري وهم الأكثر والأسرع استجابة لتحركات الأسعار، كما أن أنشطة المضاربة في السوق ما زالت مرتفعة، ما تؤدي إلى ارتدادات سعرية بين الفترة والأخرى.
بدورها، قالت كاتي كريسكي المحللة النفطية ومختص شؤون "أوبك"، إن تخفيضات الإنتاج التي تنفذها دول "أوبك" وخارجها نجحت على مدار الربع الأول في وقف تدهور الأسعار وإحداث تقدم ملحوظ في علاج تخمة المعروض وارتفاع مستوى المخزونات النفطية، مشيرة إلى أن تحالف المنتجين متمسك بالحفاظ على هذه التخفيضات على مدار الربع الثاني لاستكمال خطة استعادة التوازن في السوق.
وأشارت إلى أن شراكة المنتجين في "أوبك" وخارجها تزداد قوة بمرور الوقت، وأن الاجتماع المقبل للمنتجين في فيينا سيكون فرصة قوية لمراجعة وتقييم وضع السوق والتوافق على سياسات الإنتاج في النصف الثاني من العام، الذي من المتوقع أن يكون أفضل سواء على مستوى الأسعار أو نمو الاستثمار وتوازن العرض والطلب.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط إلى أعلى مستوى في نحو خمسة أشهر، مدعومة ببيانات اقتصادية صينية قوية قلصت المخاوف بشأن الطلب فضلا عن إمكانية فرض عقوبات جديدة على إيران وحدوث تعطل أكبر للإمدادات الفنزويلية.
وبحسب "رويترز"، فإنه بحلول الساعة 06:36 بتوقيت جرينتش، زاد خام القياس العالمي برنت 15 سنتا بما يعادل 0.2 في المائة ليصل إلى 69.16 دولار للبرميل، وذلك بعد أن لامس 69.50 دولار وهو أعلى مستوى منذ منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 14 سنتا أو 0.2 في المائة إلى 61.73 دولار للبرميل بعد أن تجاوزت حاجز 62 دولارا للمرة الأولى منذ أوائل تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي.
ودعمت الأسعار ببيانات إيجابية من أكبر اقتصادين في العالم: الولايات المتحدة والصين. وأظهرت البيانات، أن قطاع الصناعات التحويلية الصيني عاد إلى النمو على غير المتوقع في آذار (مارس) الماضي للمرة الأولى في أربعة أشهر.
وارتفعت معظم أسواق الأسهم في آسيا، حيث عززت بيانات الصناعة القوية ثقة المستثمرين.
وجاءت بيانات الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة هي الأخرى أفضل من المتوقع في آذار (مارس) الماضي، ما ساعد المستثمرين على تجاوز بيانات مبيعات التجزئة الضعيفة لشهر شباط (فبراير) الماضي.
وعلى صعيد الإمدادات، أبلغ مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية الصحافيين، أن واشنطن تدرس فرض عقوبات إضافية على قطاعات جديدة من الاقتصاد الإيراني.
وأشار المسؤول إلى أن الولايات المتحدة قد لا تمدد الإعفاءات من العقوبات المفروضة على صادرات النفط الإيرانية. وتنتهي الإعفاءات الممنوحة لثمانية مستوردين في الشهر المقبل.
وارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 68.31 دولار للبرميل، مقابل 67.23 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو دولارين مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 66.19 دولار للبرميل.