غدا .. "تصفير" الصادرات النفطية الإيرانية يدخل حيز التنفيذ
من المنتظر، أن يدخل قرار الولايات المتحدة بـ"تصفير" الصادرات النفطية الإيرانية، غدا، بعد إنهاء إعفاءات استمرت لستة أشهر كانت تسمح لأكبر ثمانية مشترين للنفط الإيراني، وأغلبهم في آسيا، بمواصلة الاستيراد بكميات محدودة.
وحذرت واشنطن الدول والشركات من أنها سترتكب خطأ باهظا إذا انتهكت العقوبات الأمريكية باستيراد النفط الإيراني بعد اليوم، الذي تنتهي فيه الإعفاءات الممنوحة لثمانية مستوردين.
يأتي ذلك في وقت قفزت فيه أسعار النفط فوق 73 دولارا للبرميل أمس، مع الاضطرابات في فنزويلا، وبعد أن قالت السعودية إن اتفاقا بين المنتجين لخفض الإنتاج قد يتقرر تمديده لما بعد حزيران (يونيو) إلى نهاية 2019.
وبدا الموقف في فنزويلا، عضو "أوبك" التي تضررت صادراتها النفطية بسبب عقوبات أمريكية وأزمة اقتصادية، مضطربا أمس.
وجاءت التصريحات السعودية من المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، داعمة للأسعار.
وبحسب "رويترز"، قال أوليفييه جاكوب المحلل لدى بتروماتركس "هناك ارتفاع حتى من دون فنزويلا نظرا لتصريحات الفالح".
وكانت العقود الآجلة لخام برنت عند 73.08 دولار للبرميل، مرتفعة 1.44 في المائة عن أحدث إغلاق لها.
وسجلت عقود الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 64.42 دولار للبرميل بارتفاع 1.45 في المائة.
وعادت أسعار النفط إلى الارتفاع بعد فترة قصيرة من التراجعات وجاء الدعم الأكبر لصعود الأسعار من تصريحات المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية، التي أشار فيها إلى احتمالية تمديد اتفاق خفض الإنتاج ليشمل كامل العام الجاري 2019 وذلك في الوقت الذي كان يراهن فيه كثيرون على احتمال وقف خفض الإنتاج خلال اجتماع المنتجين في "أوبك" وخارجها في فيينا في حزيران (يونيو) المقبل.
واهتم مختصون ومحللون نفطيون بتأكيد وزير الطاقة أن الخطوة المقبلة للمنتجين ستعتمد بشكل كبير على مؤشرات المخزونات ومستويات الطلب مع تأكيده أن اجتماع حزيران (يونيو) المقبل، سيسفر عن اتفاق جديد بما يدعم استقرار وتوازن السوق وامتصاص أي نقص أو فائض في المعروض من خلال تأمين حجم الإمدادات الملائمة لاحتياجات المستهلكين.
وأوضحوا لـ"الاقتصادية"، أنه من الواضح أن عملية تعويض الإمدادات الإيرانية ستكون بشكل دقيق ومدروس من قبل "أوبك" بقيادة السعودية حيث لن تتم إجراءات زيادات متعجلة وغير مدروسة قد تقود السوق بالفعل إلى تكرار أزمات تخمة المعروض السابقة.
وأشار المختصون إلى أن الإنتاج الإيراني ليس كبيرا إلى الدرجة التي يتسبب بها توقفه في أزمة في المعروض، وأن "أوبك" قادرة على تعويضه بشكل سريع ولكن الجهود تنصب حاليا حول مدى احتياج السوق إلى زيادة الإنتاج خاصة أن كل المؤشرات الحالية تؤكد أنه مزود بشكل جيد لعدة شهور مقبلة.
وقال، جون هال مدير شركة "ألفا إنرجي" للطاقة، إن أسعار النفط الخام عادت إلى المكاسب مع تلميح السعودية و"أوبك" إلى أنه قد يتم التمسك باتفاق خفض الإنتاج على الرغم من القرار المقابل الخاص بإلغاء التنازلات لمشتري النفط الإيراني وتشديد العقوبات على طهران اعتبارا من الغد.
وأشار إلى أن إعلان السعودية أن إنتاجها في أيار (مايو) لن يتجاوز عشرة ملايين برميل يوميا وصادراتها ستبقى أقل من سبعة ملايين برميل يوميا يؤكد الحرص على ضبط المعروض وعدم التسرع في زيادة الإنتاج لحين استعادة التوازن الكامل في السوق وضمان علاقة صحية بين العرض والطلب بشكل مستدام.
من جانبه، ذكر دان بوسكا كبير محللي بنك "يوني كريديت" البريطاني، أن إعلان السعودية عن احتمال التمسك باتفاق خفض الإنتاج حتى نهاية العام الجاري لا يعني رغبة في إشعال الأسعار ولكن يؤكد عدم احتياج السوق إلى زيادات واسعة تفوق الحاجة وربما يتم تمديد خفض الإنتاج ولكن بمستويات أقل ولن يتضح ذلك إلا بعد مراجعة الطلب والمخزونات في شهر حزيران (يونيو) المقبل الذي سيشهد اجتماع المنتجين الموسع.
وأشار إلى أن دعم المعروض وتعويض الإنتاج الإيراني ربما يأتي من خلال وقف التخفيضات الطوعية الواسعة التي نفذتها السعودية أخيرا، وأدى إلى هبوط مستوى الصادرات النفطية إلى أقل من سبعة ملايين برميل يوميا وهو المستوى الذي سيستمر ربما على مدار الشهرين المقبلين على أقل تقدير.
من ناحيته، قال أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الإدارية، إن الغاء التنازلات الأمريكية لثماني دول من مشتري النفط الإيراني اعتبارا من الغد أثار بعض القلق في أوساط المستهلكين وهذا القلق مبعثه الخوف من ارتفاع مفرط في الأسعار وأيضا صعوبة تدبير بدائل من المستوى نفسه من النفط الثقيل، فيما قام بعض المستهلكين مثل كوريا الجنوبية بإعادة تأهيل المصافي للتعامل مع النفط الأمريكي الخفيف لتجنب ندرة محتملة في المعروض من النفط الثقيل.
ولفت إلى أنه في هذا الصدد لجأت كل من الصين والهند إلى التفكير في إنشاء ناد لمشتري النفط الخام يتولى التفاوض الجماعي مع المنتجين حول مستوى الأسعار المناسب وضمان تأمين مستوى الإمدادات الملائمة، مبينا أن المنتجين من جانبهم وخاصة في "أوبك" حرصاء على توطيد علاقات الشراكة مع المستهلكين.
بدوره، أوضح ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستشارات الطاقة، أن التقلبات السعرية ما زالت مهيمنة على السوق وهي بتأثير مباشر من إلغاء التنازلات الأمريكية لمشتري النفط الإيراني حيث انخفضت الأسعار بنسبة 3 في المائة يوم الجمعة الماضي وهو أكبر انخفاض يومي وذلك بعد أنباء عن ضغوط أمريكية لحث المنتجين على زيادة الإمدادات.
وذكر أن تصريحات المهندس خالد الفالح عن احتمال التمسك بخفض الإنتاج أدت إلى عودة ارتفاع الأسعار في ضوء قناعة "أوبك" باستراتيجية تعاملها مع السوق ورفض الزيادات غير المدروسة والإصرار على انتظار نمو في الطلب وتراجع المخزونات وهو ما يعني أن الضغوط لن تؤدي إلى تنازل "أوبك" عن استراتيجية عملها مع السوق التي لا تتوقف على ظروف مؤقتة بل تأخذ في الاعتبار مستقبل الصناعة وتوازن السوق.
من جانب آخر، تراجعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 71.07 دولار للبرميل أمس الأول مقابل 72.38 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني تراجع له على التوالي، كما أن السلة خسرت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 72.44 دولار للبرميل.