النفط يرتفع بفضل عوامل الإمدادات متجاهلا التوترات الجيوسياسية والحرب التجارية
ارتفعت أسعار النفط أمس، حتى في الوقت الذي تسبب فيه بدء تنفيذ زيادة أمر بها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للرسوم الجمركية على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار في إبقاء التوترات مرتفعة في النزاع التجاري بين أكبر اقتصادين في العالم.
وبحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت 67 سنتا إلى 71.06 دولار للبرميل، بعد أن لامست المستوى المرتفع البالغ 71.23 دولار للبرميل.
وصعدت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 35 سنتا إلى 62.05 دولار للبرميل، بعد أن بلغت 62.49 دولار للبرميل في وقت سابق.
أظهر مسح حديث ارتفاع إنتاج منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" من الخام من أدنى مستوى في نحو 4 سنوات خلال أبريل (نيسان) الماضي.
وكشف المسح الصادر عن وكالة "ستاندرد آند بورز جلوبال بلاتس"، أن إنتاج "أوبك" النفطي ارتفع على أساس شهري بمقدار 30 ألف برميل يوميا خلال الشهر الماضي ليصل إلى مستوى 30.26 مليون برميل يوميا.
وكانت منظمة أوبك قد أعلنت في آذار (مارس) الماضي تراجع إنتاجها النفطي للشهر الرابع على التوالي عند أدنى مستوى في أربع سنوات.
وذكر المسح أن مستويات الإنتاج الفردي بين أعضاء "أوبك" الـ 14 تباينت خلال نيسان (أبريل) الماضي مع تراجع الإنتاج في كل من إيران وأنجولا مقابل ارتفاع كبير للإنتاج في نيجيريا والعراق وتعاف في ليبيا وفنزويلا.
وخفضت السعودية إنتاجها النفطي خلال الشهر الماضي إلى 9.82 مليون برميل يوميا، وهو أدنى مستوى في أكثر من أربع سنوات، وفقا للمسح.
وذكر المسح أن إنتاج إيران تراجع بمقدار 120 ألف برميل يوميا ليصل إلى 2.57 مليون برميل يوميا خلال الشهر الماضي،
ويتجه خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط لتحقيق مكاسب محدودة على أساس أسبوعي، وقامت الولايات المتحدة بتصعيد حرب الرسوم الجمركية مع الصين عبر زيادة الرسوم على سلع صينية بقيمة 200 مليار دولار إلى 25 في المائة، لكن المفاوضات ستتواصل.
وأصدر الرئيس الأمريكي أوامر زيادة الرسوم الجمركية، قائلا إن بكين "خرقت الاتفاق" عبر التنصل من تعهدات سابقة، كما قال إنه سيبدأ الإعداد لفرض رسوم بنسبة 25 في المائة على واردات صينية أخرى بقيمة 325 مليار دولار.
وتتلقى الأسعار الدعم بفضل شح الإمدادات والأوضاع الجيوسياسة في ظل استمرار تخفيضات الإنتاج التي تنفذها منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" والعقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا.
وقال دبلوماسي أمريكي كبير إن الولايات المتحدة لن تمنح أي إعفاءات أخرى تسمح لأي دولة بشراء النفط الإيراني دون مواجهة عقوبات الأمريكية.
وأوضح برايان هوك المبعوث الأمريكي الخاص لإيران في إفادة صحفية أن أسواق النفط العالمية استوعبت بالفعل وقف صادرات النفط الإيرانية بالكامل.
وارتفع خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط أكثر من 30 في المائة لكل منهما منذ بداية العام الحالي.
ويكبح انخفاض غير متوقع في مخزونات النفط الأمريكية أيضا تراجعات أسعار الخام، وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة هبطت على غير المتوقع الأسبوع الماضي رغم انخفاض إنتاج المصافي، مع تراجع الواردات.
وانخفضت مخزونات الخام بمقدار أربعة ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في الثالث من أيار (مايو)، مقارنة بتوقعات المحللين التي كانت تشير إلى زيادة قدرها 1.2 مليون برميل.
وتراجع صافي واردات الولايات المتحدة من الخام الأسبوع الماضي بمقدار 432 ألف برميل يوميا إلى 6.7 مليون برميل يوميا.
وذكرت إدارة معلومات الطاقة أن المخزونات في مركز التسليم في كاشينج بولاية أوكلاهوما ارتفعت بمقدار 821 ألف برميل.
وتراجع استهلاك مصافي التكرير من الخام بمقدار 41 ألف برميل يوميا، مع انخفاض معدلات التشغيل 0.3 نقطة مئوية.
وهبطت مخزونات البنزين بمقدار 596 ألف برميل، في حين كان المحللون قد توقعوا في استطلاع للرأي هبوطا قدره 434 ألف برميل.
وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة أن مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، تراجعت 159 ألف برميل، بينما كان من المتوقع أن تنخفض 1.1 مليون برميل.
في المقابل، أظهرت بيانات جمركية أن واردات الصين من النفط سجلت زيادة غير متوقعة في نيسان (أبريل) لتبلغ مستوى قياسيا رغم تعطل العمل بمصاف بسبب أعمال صيانة في الوقت الذي جمعت فيه المصافي التابعة للدولة مخزونات من الخام الإيراني تحسبا لإلغاء إعفاءات.
وبلغت الواردات في الشهر الماضي 43.73 مليون طن ما يوازي 10.64 مليون برميل يوميا، وفقا لبيانات الإدارة العامة للجمارك في الصين.
ويأتي ذلك مقارنة بالواردات في آذار (مارس) التي بلغت 9.26 مليون برميل يوميا، كما يمثل ارتفاعا بنسبة 11 في المائة عن مستوى الواردات في نيسان (أبريل) من العام الماضي.
وأظهرت البيانات أن الصين، أكبر مستورد للنفط في العالم، اشترت 164.9 مليون طن من الخام في أول أربعة أشهر من العام الحالي ما يوازي نحو 10.03 مليون برميل يوميا بزيادة 8.9 في المائة عن الفترة نفسها من العام الماضي.
وأشارت بيانات الجمارك الصينية إلى أن إجمالي واردات الغاز الطبيعي، وتشمل تلك التي تصل من خلال خطوط أنابيب من آسيا الوسطى وميانمار وشحنات غاز طبيعي مسال، بلغ 7.65 مليون طن حسب بيانات الجمارك.
وارتفعت الواردات من 6.82 مليون طن قبل عام ومن 6.94 مليون طن في آذار (مارس)، وزادت الواردات في أول أربعة أشهر 16.4 في المائة على أساس سنوي إلى 31.89 مليون طن.
وأفاد مصدر خليجي مطلع على الخطط النفطية السعودية بأن من المتوقع أنه تبقي المملكة على صادراتها من الخام دون سبعة ملايين برميل يوميا في حزيران (يونيو)، بينما سيظل الإنتاج أقل من مستواه المستهدف في الاتفاق العالمي لخفض إمدادات النفط.
وقال المصدر الخليجي "جرى تلقي طلبات متوسطة من العملاء للاستيراد في حزيران (يونيو)، وسيتم تلبيتها جميعا، وأبرزها من دول حصلت في السابق على إعفاءات من العقوبات التي تستهدف مشتريات الخام الإيراني التي أنهتها الإدارة الأمريكية في الآونة الأخيرة".
وأضاف "بناء على هذه الطلبات، من المتوقع أن يظل إنتاج النفط السعودي لشهر حزيران (يونيو) دون المستوى الذي تلتزم به المملكة في اتفاق أوبك+، بينما ستبقى الصادرات أيضا دون سبعة ملايين برميل يوميا".
وذكر المصدر الخليجي أيضا أنه وفقا لأوضاع السوق حتى الآن، من المنتظر أن يكون مستوى إنتاج النفط الحالي لـ"أوبك" وحلفائها كافيا لإعادة التوازن إلى المخزونات العالمية بحلول نهاية العام.
وقال بيارني شيلدروب كبير محللي أسواق السلع الأولية في بنك "إس.إي.بي" السويدي، إن "النفط يقتفي أثر تحركات الأسهم، لكن العوامل الأساسية تظل قوية بالنسبة للنفط.. المشكلات على صعيد المعروض أكبر من تلك النابعة من مخاوف نمو الطلب".
وأشار"آي.إن.جي" في مذكرة إلى أن "سوق النفط تعرضت لضغط متجدد، مع تلاشي الأمل في اتفاق تجارة صيني أمريكي".