محللون: تأمين تجارة النفط العالمية البحرية بات ضرورة لاستقرار الإمدادات
أكد لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون، أن تأمين تجارة النفط العالمية البحرية بات ضرورة مهمة لاستقرار الإمدادات وتجنب المخاوف التي قد تقود إلى ارتفاعات مفرطة في الأسعار.
وأشار إلى أهمية تأمين مضيق هرمز بصفة خاصة الذي تستخدمه إيران كورقة ضغط لتعطيل تجارة النفط العالمية انتقاما من العقوبات الأمريكية التي تتجه نحو تصفير الصادرات الإيرانية.
واعتبر محللون أن حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط تتسع في ضوء توقع حدوث مواجهات عسكرية بين الولايات المتحدة وإيران، إضافة إلى الغموض المحيط بمستقبل مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين على الرغم من صدور مؤشرات أخيرا على احتمال تقارب الجانبين وتجنب تصاعد النزاعات التجارية.
وتأتي حالة التفاؤل بمحادثات التجارة بعد فترة عصيبة من تصاعد التوتر بعد فرض الولايات المتحدة رسوما جمركية على الواردات الصينية واستعداد الصين لفرض رسوم مقابلة، ولكن يبدو أن الرغبة تتنامى في احتواء الأزمة بالإصرار على التمسك بمواصلة المفاوضات وتقريب وجهات النظر وهو ما سيدعم تدريجيا حالة الثقة في قوة نمو الاقتصاد العالمي.
وأشار المختصون إلى أن شهر حزيران (يونيو) المقبل سيشهد الاجتماع الوزاري المرتقب لدول الإنتاج في "أوبك" وخارجها وأيضا قمة مجموعة العشرين وسيكون الاجتماعان فرصة مهمة لتقييم وضع السوق وإيجاد حلول فعالة للأزمات الراهنة التي تخص المعروض وتشمل العقوبات والانقطاعات والصراع في الشرق الأوسط وأيضا ما تخص الطلب وأبرزها الحرب التجارية ومشكلات التباطؤ في الصين وغيرها. وقال سيفين شيمل مدير شركة "في جي اندستري" الألمانية، إن احتمال تباطؤ الاقتصاد العالمي جراء النزاعات التجارية يعد إحدى العقبات الرئيسة التي تحد من استقرار سوق النفط الخام، مشيرا إلى أن كثيرا من صناديق التحوط تخلصت من المراكز الطويلة مع بداية شهر أيار (مايو) الجاري.
وأشار إلى أن الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة أدت إلى تعقيد المشهد وتأجيج المخاوف خاصة مع اعتزام الصين فرض رسوم جمركية على وارداتها من الغاز الطبيعي المسال بنحو 25 في المائة اعتبارا من الشهر المقبل ولكن الأمل في تهدئة وتيرة النزاع ما زالت قائمة مع التمسك من قبل الجانبين في الجلوس إلى مائدة التفاوض.
من جانبه، أكد دان بوسكا كبير محللي بنك "يوني كريديت" البريطاني، أن العوامل المحفزة للأسعار ما زالت هي الأقوى والأوسع تأثيرا في السوق خاصة مع تصاعد المخاوف من توترات كبيرة في الشرق الأوسط في ضوء الاعتداء على ناقلتي نفط سعوديتين ثم محطتي ضخ للخام وفي ظل تهديدات إيران بغلق مضيق هرمز والدخول في مواجهات عسكرية مع الولايات المتحدة.
وأوضح أن تجار النفط قد يكونون أكثر قلقا من ضيق العرض عن ضعف بيانات الطلب- من حين لآخر تبعا لتطورات الحرب التجارية - ولكن على جانب العرض هناك تهاويا واسعا في إمدادات إيران وفنزويلا إلى جانب تمسك تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها بخطة خفض المعروض النفطي لحين إجراء المراجعة الدورية في اجتماع المنتجين في حزيران (يونيو) المقبل.
من ناحيته، قال أولتراس فيفراس مدير الاستثمار في فكتوريا بنك بدولة مولدوفا، إن أسعار النفط الخام مرشحة للارتفاع وهو ما يشجع على مزيد من الاستثمارات الجديدة وهو ما تقوم به روسيا بالفعل من خلال مشاريع إنتاجية جديدة سواء في المنبع أو المصب وهناك تباين في الرؤى بشأن سياسات الإنتاج في النصف الثاني من العام في ضوء تحبيذ الشركات الروسية العودة إلى وتيرة الإنتاج المرتفع.
وأشار إلى أن العودة لزيادة الإنتاج قد تكون هي الأنسب في المرحلة الراهنة في ضوء انقطاعات مؤثرة في الإمدادات من فنزويلا وإيران ومشكلات انقطاعات أخرى في ليبيا وتعطل خطوط أنابيب في نيجيريا علاوة على مشكلة تلوث النفط الروسي.
بدوره أوضح ماركوس كروج كبير محللي شركة "أيه كنترول" لأبحاث النفط والغاز، أن هناك ضرورة لتأمين مضيق هرمز دوليا ومنع إيران من التهديد بإغلاقه كورقة ضغط جراء العقوبات الأمريكية التي تهدف إلى تصفير الصادرات النفطية الإيرانية.
ولفت إلى أن مضيق هرمز يتحكم في 30 في المائة من تجارة النفط العالمية المنقولة بحرا إضافة إلى ثلث تجارة الغاز الطبيعي المسال في العالم، مشيرا إلى أن العرض ضيق بالفعل وأن حوادث الاعتداء على ناقلات النقل الخام والمنشآت النفطية كفيلة بإشعال الأسعار لأن السوق ليست بها المرونة التي كانت متوافرة في فترات سابقة.
وفيما يخص الأسعار، ارتفعت أسعار النفط أمس، بعد أن قالت السعودية، أكبر مُصدر للنفط في العالم، إن طائرات مسيرة مفخخة هاجمت محطتي ضخ تابعتين لشركة النفط الوطنية أرامكو.
وبحلول الساعة 10:35 بتوقيت جرينتش، بلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 70.79 دولار للبرميل مرتفعة 56 سنتا بما يعادل 0.80 في المائة، وفقا لـ"رويترز".
وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 61.35 دولار للبرميل، مرتفعة 31 سنتا أو 0.51 في المائة.
وتتمسك السوق ببعض الأمل تجاه محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، إذ عبر الطرفان عن معنويات إيجابية، ما قد يشير إلى أن المفاوضات لم تنته بعد.
وبدا أن المفاوضات بين الولايات المتحدة والصين تتجه صوب النجاح الأسبوع الماضي لكنها تضررت كثيرا بفعل اتهامات أمريكية بأن بكين سعت لإجراء تغييرات كبيرة في اللحظات الأخيرة.
وتجاهلت الصين أمس الأول تحذيرا من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وتحركت لفرض رسوم أعلى على مجموعة من السلع الأمريكية بما في ذلك الخضراوات المجمدة والغاز الطبيعي المسال.
لكن وانج يي أكبر مسؤول دبلوماسي صيني وعضو مجلس الدولة أشار إلى أن بكين تأمل في التوصل إلى حل وسط قائلا: "فريق التفاوض لدى كل دولة لديه القدرة والحكمة لحل المطالب المعقولة للطرف الآخر".
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 71.21 دولار للبرميل يوم الإثنين مقابل 70.66 دولار للبرميل في اليوم السابق.
وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، كما أن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 70.23 دولار للبرميل.