زيادة مفاجئة للمخزونات الأمريكية تضغط أسعار النفط .. ومخاوف بشأن الطلب الصيني

زيادة مفاجئة للمخزونات الأمريكية تضغط أسعار النفط .. ومخاوف بشأن الطلب الصيني

ارتفعت أسعار النفط أمس مدعومة بالتوترات الجيو سياسية واتفاق خفض المعروض الذي يطبقه تحالف المنتجين في "أوبك +" والعقوبات الأمريكية الصارمة ضد إيران وفنزويلا.
في المقابل، قادت بيانات عن زيادة مفاجئة في المخزونات الأمريكية إلى الضغط مجددا على الأسعار مع حدوث تباطؤ نسبي في الطلب نتيجة انكماش نمو الناتج الصناعي في الصين، إضافة إلى تهديد النزاع التجاري بين واشنطن وبكين للطلب، رغم أن التوترات كبحت الخسائر.
وبحسب "رويترز"، بلغت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت 71.95 دولار للبرميل مرتفعة 71 سنتا، فيما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي إلى 62.20 دولار للبرميل بزيادة تبلغ 44 سنتا.
وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت على غير المتوقع الأسبوع الماضي، مسجلة أعلى مستوياتها منذ 2017 وسط سحب من احتياطي الطوارئ الوطني، بينما تراجعت مخزونات البنزين بأكثر من المتوقع.
وارتفعت مخزونات الخام بمقدار 5.4 مليون برميل في الأسبوع الماضي، مقارنة مع توقعات المحللين التي كانت تشير إلى انخفاض قدره 800 ألف برميل.
وتم إضافة نحو 1.8 مليون برميل يوميا إلى المعروض من خلال السحب من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للولايات المتحدة.
وعرضت إدارة الطاقة الأمريكية في شباط (فبراير) ما يصل إلى ستة ملايين برميل من النفط الخام المنخفض الكبريت للتسليم في أيار (مايو) من الاحتياطي الاستراتيجي، في عملية بيع بموجب قانون سابق لجمع أموال لتحديث منشآت التخزين.
ويعتقد محللون نفطيون أن تقرير وكالة الطاقة الدولية طمأن السوق على وضع الإمدادات رغم اضطرابات الإنتاج في عدد كبير من الدول المنتجة، خاصة مع تأكيده أن الزيادات الواسعة فى الإنتاج الأمريكي وبعض الزيادات المتوقعة من دول أوبك قادرة على تأمين المعروض النفطي.
وأوضح المحللون، أنه فى المقابل، تتوقع "أوبك" زيادة الطلب على نفطها وتباطؤ وتيرة الإنتاج الأمريكي ما يدعم ارتفاع الأسعار، ما لم تعدل "أوبك" من سياساتها الإنتاجية في حزيران (يونيو) المقبل بالعودة إلى زيادة الإمدادات.
أشار المحللون إلى أن التبادل الجديد للتعريفات الجمركية بين الصين والولايات المتحدة أسهم فى تحجيم صعود الأسعار الناجمة عن خفض الإنتاج وانقطاع بعض الإمدادات وتداعيات العقوبات الاقتصادية على كل من فنزويلا وإيران.
في هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، "إن تصاعد الأعمال التخريبية ضد المنشآت النفطية والناقلات وخطوط الأنابيب يمثل تحديا صارخا لجهود المنتجين في الحفاظ على استقرار وتوازن السوق خاصة بالنسبة إلى "أوبك" التي تواجه اختبارا قويا خلال الاجتماع المهم للمنتجين الشهر المقبل".
وأشار شتيهرير إلى استمرار إنتاج "أوبك" في الانخفاض على الرغم من كل ظروف السوق الراهنة خاصة مع تصاعد التهديدات الجيوسياسية، لافتا إلى أن السوق تتطلع إلى خطوة "أوبك" المقبلة ومدى قدرتها على التعامل الناجح والفاعل مع المتغيرات، منوها بأن "أوبك" سبق أن تعاملت بكفاءة مع أصعب دورة اقتصادية خلال العقود الأخيرة التي وقعت ما بين عامي 2014 و2016.
من جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" لاستراتيجيات الطاقة، أن عديدا من الهيئات البحثية والتحليلية ومنها "ريستاد إنرجي" تتوقع أن اضطرابات العرض قد ترسل الأسعار إلى أعلى بعنف خاصة مع استمرار التدهور السريع في مستوى إمدادات كل من فنزويلا وإيران بالتحديد عقب إلغاء الاستثناءات الأمريكية لمشتري الخام الإيراني اعتبارا من أول الشهر الجاري.
وأضاف لديسما أن "ارتفاع مستوى المخزونات الأمريكية جاء ليكبح موجة من الارتفاعات السعرية المطردة نتيجة العوامل الجيوسياسية ونتيجة خفض الإنتاج، فقد هبط إنتاج "أوبك" إلى نحو 30 مليون برميل يوميا في الشهر الماضي بسبب انهيار المعروض في فنزويلا وإيران، بينما عملية التعويض تتم بشكل متأن ووفق احتياجات الطلب".
من ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، ردولف هوبر مختص شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، "إن الظروف الحالية مواتية للإنتاج الأمريكي وهو قادر على تحقيق زيادات متلاحقة"، لافتا إلى أن الارتفاع المستمر في الأسعار قادر على تحفيز الاستثمارات الجديدة، ويدخل مزيدا من البراميل إلى نطاق الربحية الجيدة.
وأشار هوبر إلى أنه بحسب تقديرات بنك "جولدمان ساكس"، فإن الصادرات الإيرانية ستخسر 500 ألف برميل يوميا بنهاية العام، وقد ترتفع إلى 900 ألف برميل وهو ما يعني أن ضغوط العقوبات الأمريكية تتسع والخطوات تتسارع نحو تحقيق هدف تصفير الصادرات الإيرانية، بحسب الخطة الأمريكية المعدة سلفا.
بدورها، تؤكد لـ"الاقتصادية"، ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، أن السعودية نفذت أكثر من حصتها في التخفيضات الطوعية للإنتاج كما أن لديها كثيرا من الطاقة الاحتياطية الجاهزة لتعويض أي نقص في المعروض، مشيرة إلى أن ارتفاع المخزونات الأمريكية يشير إلى أن السوق لا تزال مزودة بشكل جيد وأن عملية تعويض الإمدادات الإيرانية والفنزويلية ستتم بشكل مدروس ووفق احتياجات السوق.
وأضافت أن "روسيا خفضت بالفعل مستوى إنتاجها بحسب الاتفاق مع "أوبك" وفي إطار دعم جهود إعادة التوازن إلى السوق"، مشيرة إلى أن اجتماع حزيران (يونيو) المقبل سيبلور خطة تحرك المنتجين معا فى النصف الثاني من العام بما يمكن من تأمين الإمدادات والاستجابة لتعافي الطلب واحتواء تداعيات المخاطر الجيوسياسية وهناك تأكيد على التمسك بالعمل الجماعي وعدم اللجوء إلى حلول فردية من قبل كبار المنتجين.

الأكثر قراءة