توقعات بمزيد من المكاسب السعرية للنفط خلال الأسبوع الجاري مدعومة بنجاح مشاورات المنتجين
يتوقع محللون نفطيون أن تسجل أسعار النفط خلال الأسبوع الجاري ارتفاعات متفاوتة بدعم من نتائج اجتماع لجنة المراقبة الوزراية لاتفاق خفض الإنتاج في جدة، وذلك بعد أن اختتمت الأسعار الأسبوع الماضي على تراجع بسبب المخاوف المحيطة بمفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين.
وأشار المحللون إلى أن الأسعار ما زالت تتلقى دعما قويا من التوترات الحادة في الأوضاع الجيوسياسية، علاوة على تأثيرات العقوبات المتشددة على إيران وفنزويلا، التي أدت إلى تهاو حاد في مستوى الإمدادات النفطية بالبلدين.
ونوه المحللون إلى أن الأسعار من المتوقع أن تتأثر بشكل إيجابي من حوار المنتجين وتقييم وضع السوق في إطار اجتماع اللجنة الوزراية لمراقبة خفض الإنتاج في جدة، التي ركزت على تدارس الظروف الراهنة بالسوق في ضوء المتغيرات الجديدة والمستجدات المتلاحقة مع الإعداد لرفع التوصيات إلى الاجتماع الوزاري الموسع في فيينا خلال حزيران (يونيو) المقبل.
ويرى المحللون أن اجتماع جدة أكد استمرار الشراكة والتعاون بين المنتجين وارتفاع نسبة المطابقة واستمرار بقاء الأسواق مزودة بشكل جيد مع العمل على حدوث توازن مستدام بين العرض والطلب، إضافة إلى التأكيد على جاهزية المنتجين في "أوبك" وخارجها لتعويض أي نقص ناجم عن تأثير العقوبات على إيران وفنزويلا.
ولفت المحللون إلى أهمية تصريحات سهيل المزروعي وزير الطاقة الإماراتي، التي أكد فيها أن استمرار ارتفاع مستوى المخزونات الأمريكية يؤكد أن السوق لا تعاني أي نقص في الإمدادات، وأن خطة عمل أوبك نحو استعادة التوازن في السوق تتطلب استمرارية وجهدا أكبر.
وفي هذا الإطار، أوضح لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أي" لخدمات الطاقة، أن العوامل الداعمة لصعود الأسعار أوسع تأثيرا على السوق ومنها العقوبات الاقتصادية على إيران وفنزويلا والتوترات الحادة في الشرق الأوسط ويضاف إلى تلك العوامل الداعمة للأسعار التفاهمات الجديدة للمنتجين في إطار اجتماع جدة.
وأشار كيندي إلى أن العوامل، التي تكبح الأسعار قاصرة على أزمة مفاوضات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، لافتا إلى أن التعثر في هذه المفاوضات أمر مؤقت، وهو طبيعة أصيلة في عملية التفاوض، وأيضا ما يؤمن به الجانبان، ولذلك يصران على مواصلة عملية التفاوض وعدم الاستسلام لحالة الإحباط، التي تتجدد من حين إلى آخر، وبمجرد التوصل إلى اتفاق جديد سيكون الأمر بمنزلة أكبر داعم لسوق النفط بسبب زيادة الثقة بنمو الاقتصاد العالمي.
ومن جانبه، يقول لـ"الاقتصادية"، سيفين شيمل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، إن عملية تقييم وضع السوق، تجري بصفة مستمرة بالتنسيق بين دول "أوبك+" أكبر داعم للاستقرار ولدرء المخاوف من تكرار الأزمات والدورات الاقتصادية الصعبة السابقة، مشيرا إلى توقعه بنجاح اجتماع جدة في تهدئة المخاوف في السوق، وتأكيد الالتزام والشراكة بين جميع الدول الأعضاء في إعلان التعاون من أجل التغلب على كل صعوبات السوق.
وتوقع شيمل أن تكون هناك توصيات بزيادة الإمدادات خلال النصف الثاني من العام لتعويض انكماش المعروض على نحو واسع، مشيرا إلى حرص كبار المنتجين على أن تخرج القرارات الخاصة بسياسات الإنتاج بشكل جماعي وبتوافق واسع بين الدول الـ24 الأعضاء في إعلان التعاون بين تحالف "أوبك+".
ومن ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، ديفيد لديسما المحلل بشركة "ساوث كورت" الدولية، إن أسعار النفط قد تكون على أبواب مكاسب أوسع خلال الأسبوع الجاري والأسابيع اللاحقة، مشيرا إلى التوقعات، التي أطلقها بنك "أوف أمريكا ميريل لينش" من أن الأسعار قد تتجاوز 90 دولارا للبرميل في الأمد القصير، حيث تبدو جميع ظروف السوق مهيأة لذلك، بحسب قراءة بنوك ومؤسسات مالية عديدة للظروف الراهنة.
وأضاف لديسما أن حالة التصعيد في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تتراجع تدريجيا، وأدى ذلك إلى تراجع الدولار أمام بقية العملات الرئيسية، وهو ما أدى بدوره إلى دعم ارتفاع أسعار النفط بسبب العلاقة العكسية بين الدولار والنفط، لافتا إلى أن تمسك المنتجين بعدم إجراء زيادات فورية بعد انتهاء التنازلات الأمريكية ساهم أيضا في دعم صعود الأسعار.
وبدورها، تقول لـ"الاقتصادية"، ناجندا كومندانتوفا كبير المحللين في المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، إن السوق تتسم بالفعل حاليا بقلة المعروض بسبب انخفاض الإنتاج في "أوبك" والمكسيك بشكل طوعي إلى جانب الانخفاض الحاد في إنتاج فنزويلا وإيران بشكل غير طوعي جراء تشديد العقوبات الأمريكية عليهما.
وذكرت كومندانتوفا، أنه في المقابل هناك عوامل ذات تأثير مهم وتكبح صعود الأسعار وعلى رأسها استمرار الزيادات السريعة في إمدادات النفط الصخري الأمريكي، علاوة على مؤشرات عن تباطؤ نسبي في مستويات الطلب، خاصة على المدى القصير، ولكن في المجمل، فإن العوامل الداعمة لصعود الأسعار ما زالت لديها اليد العليا في التأثير على السوق.
وكانت أسعار النفط قد تراجعت في ختام الأسبوع الماضي، متضررة من مخاوف بشأن الطلب وسط مواجهة في محادثات التجارة بين الولايات المتحدة والصين، لكن الخامين القياسيين أنهيا الأسبوع على مكاسب بدعم من تهديد متزايد للشحنات في الشرق الأوسط بسبب التوترات السياسية بين أمريكا وإيران.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود برنت جلسة التداول منخفضة 41 سنتا، أو 0.6 في المائة، لتبلغ عند التسوية 72.21 دولار للبرميل، وعلى مدار الأسبوع سجل خام القياس العالمي زيادة بنحو 0.2 في المائة، بعد أن أنهى الأسبوع الماضي بلا تغير يذكر.
وتراجع خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 11 سنتا، أو 0.20 في المائة، لينهي الجلسة عند 62.76 دولار للبرميل وينهي الأسبوع على مكاسب بنحو 1.7 في المائة.
وتعرضت أسعار النفط لضغوط من أداء متباين لأسواق الأسهم الأمريكية؛ بسبب مخاوف بشأن النمو الاقتصاي العالمي وسط تصاعد الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
من جانب آخر، خفضت شركات الطاقة الأمريكية في الأسبوع الماضي عدد حفارات النفط العاملة لثاني أسبوع على التوالي ليصل إلى أدنى مستوى منذ آذار (مارس) 2018، مع قيام بعض الشركات بتنفيذ خطط لخفض الإنفاق.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، إن شركات الحفر أوقفت تشغيل ثلاثة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في الـ 17 من أيار (مايو)، ليصل إجمالي عدد الحفارات إلى 802 مقارنة مع 844 حفارا كانت قيد التشغيل قبل عام.
وتراجع عدد حفارات النفط النشطة في الولايات المتحدة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، على مدار الأشهر الخمسة الماضية مع قيام شركات مستقلة للاستكشاف والإنتاج بخفض الإنفاق على أنشطة الحفر الجديدة مع تركيزها على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج.
ويواصل إنتاج الولايات المتحدة من النفط الهبوط للمرة الثانية على التوالي خلال الأسبوع الماضي، ليبتعد عن المستوى القياسي المسجل أواخر نيسان (أبريل).
وأظهر التقرير الأسبوعي الصادر عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن إنتاج الولايات المتحدة النفطي بلغ 12.100 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 10 أيار (مايو) الجاري بانخفاض 100 ألف برميل يوميا عن الأسبوع السابق له.
ويقف بذلك الإنتاج النفطي للولايات المتحدة عند مستوى أقل بنحو 200 ألف برميل يوميا عن أعلى قراءة سجلها في تاريخه بأواخر الشهر الماضي على صعيد المستويات الأسبوعية.
وبحسب التقرير، فإن صافي واردات الخام الأمريكية شهدت هبوطا في الأسبوع المنقضي بعد أن صعدت الصادرات النفطية بوتيرة تفوق ارتفاع الواردات.
وبلغ صافي واردات الولايات المتحدة من النفط 4.265 مليون برميل يوميا في الأسبوع الماضي وهو مستوى أقل بنحو 106 آلاف برميل يوميا عن الأرقام المسجلة في الأسبوع السابق له.
وشهدت صادرات النفط الأمريكية زيادة قدرها 1.025 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنقضي لترتفع إلى 3.347 مليون برميل يوميا.
أما واردات الخام في الولايات المتحدة، فسجلت ارتفاعا بنحو 919 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي لتصعد إلى 7.612 مليون برميل يوميا.
وعلى صعيد المخزونات النفطية، فقد ارتفعت بمقدار 5.4 مليون برميل في الأسبوع الماضي لتصل إلى 472 مليون برميل، وهو أعلى مستوى منذ أيلول (سبتمبر) 2017.