حظر "هواوي" سيكبد الشركات الأمريكية 56.3 مليار دولار خسائر ويهدد 74 ألف وظيفة
مع تصاعد الأزمة بين الولايات المتحدة وشركة "هواوي"، يتوقع أن تتكبد الشركات الأمريكية خسائر قد تصل إلى 56.3 مليار دولار على مدى خمس سنوات، إضافة إلى تهديد 74 ألف وظيفة.
ردت شركة هواوي على الولايات المتحدة بلسان مؤسسها الذي قال "إن واشنطن تسيء تقدير قوة شركته"، في وقت يبذل فيه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جهودا منذ أشهر عدة للحد من الطموحات العالمية لعملاق الاتصالات الصيني.
بحسب "الفرنسية"، تحدث رين جينجفي بعد قرابة أسبوع من قرار واشنطن منع المجموعات الأمريكية من ممارسة أعمال تجارية في مجال الاتصالات مع شركات أجنبية، تعد تشكل "خطرا" على الأمن القومي، بينها "هواوي".
وقال رين في مقابلة مع الصحافة تم بثها بشكل مباشر عبر تطبيق التلفزيون الرسمي "سي سي تي في"، "الممارسة الحالية للسياسيين الأمريكيين تسيء تقدير قوتنا".
في إطار حرب تجارية وتنافس تكنولوجي بين بكين وواشنطن، تستهدف إدارة ترمب منذ 2018 الشركة الثانية عالميا للهواتف الذكية والرائدة في تقنية شبكات اتصالات الجيل الخامس.
وأضاف رين أن "شبكات "هواوي" للجيل الخامس لن تتأثر. فيما يتعلق بتقنية الجيل الخامس لن يتمكن الآخرون من اللحاق بـ"هواوي" وقد يستغرقهم هذا عامين أو ثلاثة"، في إشارة إلى الشركات الأمريكية والأوروبية.
ومنذ إدراج ترمب شركة هواوي على اللائحة السوداء، أعلنت شركة "جوجل" التي يشغل نظامها "أندرويد" أكثرية الهواتف الذكية في العالم، أنها ستبدأ في وقف كل تعاملاتها مع المجموعة الصينية.
وقد لا تكون المجموعة الصينية بعد ذلك قادرة على الوصول إلى خدمات "جوجل" بما في ذلك البريد الإلكتروني "جي ميل" وخرائط "جوجل مابس".
ويؤثر قرار واشنطن أيضا في عدد كبير من الشركات الأمريكية. وقد أبلغت شركات كبيرة مصنعة للأجهزة الإلكترونية مثل "كوالكوم" و"إنتل" موظفيها أنها ستتوقف هي أيضا عن تزويد "هواوي"، بحسب وكالة "بلومبيرج" المالية.
وقال رين أمس "لن نستغني بسهولة وبتهور حاليا عن الشرائح الأمريكية. يجب أن نكبر سويا مع هذه الشركات".
وأضاف "لكن في حال وجود صعوبة في التزويد، فلدينا حلول بديلة. في فترة السلام "قبل الحرب التجارية"، كنا نتزود بنصف كمية الشرائح من الولايات المتحدة والنصف الآخر من "هواوي". لا يمكن عزلنا عن العالم".
يشير مختصون كثيرون إلى أن حظر التعامل التجاري الذي فرضته الولايات المتحدة قد يوجه ضربة قاسية إلى الشركات الأمريكية التي تقوم بتزويد الشرائح للشركة الصينية.
ويرى المحلل لدى "إندبوينتس تكنولوجيز أسوسييتس" أن "ذلك قد يكون لديه تأثير مدمر في "هواوي". ويضيف "إذا لم تكن لديهم صلابة مالية، فذلك قد يفضي بهم إلى دائرة مميتة. أما إذا كانت على العكس، جيوبهم ممتلئة، فقد يتمكنون ربما من النجاة".
ويتساءل كثير من مستخدمي الهواتف الذكية في جميع أنحاء العالم: هل سيبقى بإمكانهم الوصول إلى خدمات "جوجل" عبر أجهزتهم؟
في مواجهة المخاوف، يبدو أن واشنطن أرادت تهدئة الأوضاع فأرجأت أمس الأول بدء تطبيق الحظر 90 يوما.
وعدّ رين أمس، هذا القرار "من دون أهمية كبيرة"، مبينا أن مجموعته تعقد في الأصل "محادثات" مع "جوجل" بهدف البحث عن حلول مقابل حظر التعامل التجاري.
ومنذ 2018، "هواوي" مستهدفة من جانب واشنطن التي تقول "إنها تشتبه في أن المجموعة تسمح لأجهزة الاستخبارات الصينية باستخدام بياناتها للتجسس على الاتصالات على شبكات الهواتف المحمولة في العالم".
لكن بالنسبة إلى عملاق الاتصالات، يسعى دونالد ترمب قبل كل شيء إلى الحد من تطوير شركة تعد متقدمة جدا من الناحية التكنولوجية.
بحسب "رويترز"، خففت الحكومة الأمريكية بشكل مؤقت بعض القيود التجارية التي فرضتها الأسبوع الماضي على شركة هواوي الصينية، في خطوة سعت إلى الحد من تعطل عمليات الشبكة الحالية وأجهزتها في أنحاء العالم.
وستسمح وزارة التجارة الأمريكية لشركة هواوي تكنولوجيز بشراء مواد أمريكية الصنع لاستمرار عمل الشبكات القائمة وتحديث البرامج الموجودة على أجهزة "هواوي".
لا يزال محظورا على الشركة شراء قطع غيار ومكونات أمريكية لتصنيع منتجات جديدة بدون الحصول على موافقات على الترخيص، من المرجح رفضها.
قالت الحكومة الأمريكية "إنها فرضت القيود لتورط "هواوي" في أنشطة تتعارض مع الأمن القومي أو مصالح السياسة الخارجية".
وقال وزير التجارة الأمريكي ويلبور روس في بيان "إن التفويض الجديد يستهدف منح شركات الاتصالات التي تعتمد على معدات "هواوي" الوقت لاتخاذ ترتيبات أخرى".
وأضاف "باختصار، سيسمح هذا الترخيص باستمرار العمليات بالنسبة إلى مستخدمي هواتف هواوي الحاليين وشبكات النطاق العريض في الريف".
ويشير الترخيص، الذي سيظل ساريا حتى 19 آب (أغسطس) المقبل، إلى أن التغييرات في شبكة إمداد "هواوي" قد تكون لها عواقب مباشرة وبعيدة المدى وغير مقصودة على عملاء الشركة.
وقال كيفن وولف المحامي في واشنطن وهو أيضا مسؤول سابق في وزارة التجارة "الهدف على ما يبدو هو الحيلولة دون تعطل أنظمة الإنترنت والكمبيوتر والمحمول". وتابع "هذا ليس استسلام. هذا ترتيب للأوضاع".
وقال مؤسس شركة هواوي، "إن قرار الحكومة الأمريكية بتخفيف القيود التجارية مؤقتا ليس له تأثير كبير، لأن الشركة الصينية اتخذت استعدادتها".
وأكد أن الجيل الخامس من منتجات "هواوي" لن يتأثر، متوقعا عدم تمكن أحد من اللحاق بتكنولوجيا الجيل الخامس للشركة في العامين أو الأعوام الثلاثة المقبلة، مضيفا أن "الحكومة الأمريكية تعي قدرات "هواوي".
وتعد "هواوي" أكبر شركة في العالم منتجة لمعدات الاتصال.
وقالت وزارة التجارة الأمريكية "إنها ستجري تقييما لما إذا كانت ستمد الإعفاءات بعد انتهاء الـ90 يوما".
وأضافت الوزارة الخميس الماضي "هواوي" و68 كيانا آخر إلى قائمة الشركات المحظور التعامل معها، ما يجعل من المستحيل تقريبا أن تشتري الشركة أي منتجات مصنوعة في الولايات المتحدة.
وربطت الحكومة الأمريكية إضافة "هواوي" إلى "قائمة الكيانات" وبين دعوى قضائية لم يتم البت فيها وتتهم الشركة بالتورط في احتيال مصرفي للحصول على منتجات وخدمات أمريكية محظورة في إيران ونقل أموال خارج البلاد عن طريق النظام المصرفي الدولي. ودفعت "هواوي" ببراءتها.
وكانت "رويترز" ذكرت الجمعة الماضي، نقلا عن متحدثة باسم الحكومة أن الوزارة تدرس تقليص العقوبات على "هواوي".
ويسمح الترخيص المؤقت كذلك بالكشف عن جوانب الضعف الأمنية كما يسمح لـ"هواوي" بالمشاركة في تطوير القواعد الخاصة بشبكات الجيل الخامس القادمة.
وخلص تقرير نشر أمس الأول إلى أن التأثير المحتمل للقيود الشديدة على الصادرات في التكنولوجيا قد يكبد الشركات الأمريكية خسائر قد تصل إلى 56.3 مليار دولار من دخل الصادرات على مدى خمس سنوات.
وأضاف التقرير الصادر عن مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار أن "الفرص الضائعة تهدد ما يصل إلى 74 ألف وظيفة".
في الوقت نفسه فإنه بعد بدء تطبيق القيود الأمريكية الجديدة لن يكون في مقدور مستخدمي هواتف "هواوي" الاستفادة من خدمات "جوجل" الرقمية الأخرى مثل "جوجل مابس" للخرائط و"جي ميل" للبريد الإلكتروني وهو ما يقلل شعبية هذه الهواتف، وفقا لـ "الألمانية".
كما سيؤثر الحظر الأمريكي في تعاملات شركات إنتاج الرقائق الإلكترونية الأمريكية مثل "إنتل" و"كوالكوم" و"زيلينكس" و"برودكوم" مع "هواوي". ونقلت وكالة "بلومبيرج" للأنباء عن مصادر مطلعة القول "إن هذه الشركات أبلغت موظفيها بقطع علاقاتها مع "هواوي" حتى إشعار آخر". من ناحيتها ذكرت شركة الرقائق الإلكترونية الألمانية "إنفيون" أنها أوقفت توريد المنتجات التي تنتجها مصانعها الأمريكية إلى شركة "هواوي"، لكنها نفت التقارير التي تحدثت عن وقفها كل التوريدات من الرقائق للشركة الصينية.
وتتهم الحكومة الأمريكية الشركة الصينية بمساعدة الحكومة الصينية في التجسس على الدول الأخرى، لكنها لم تقدم أي دليل يدعم هذا الاتهام. كما تضغط واشنطن على الدول الأوروبية من أجل حظر استخدام منتجات "هواوي" في شبكات الجيل الخامس لاتصالات الهاتف المحمول بدعوى أن استخدام هذه المنتجات يمثل خطورة على الأمن القومي لهذه الدول.
كانت غرفة التجارة الأوروبية في الصين قد أعلنت أمس الأول معارضتها "لإساءة استخدام دواعي الأمن القومي في المحادثات التجارية أو لتطبيق إجراءات حمائية".