3 عوامل تدعم صعود النفط .. خفض الإنتاج والعقوبات والتوترات الجيوسياسية

3 عوامل تدعم صعود النفط .. خفض الإنتاج والعقوبات والتوترات الجيوسياسية

توقع محللون نفطيون استمرار حالة التقلبات السعرية في الأسواق خلال الأسبوع الجاري بعد ما حققت أكبر خسارة أسبوعية خلال العام الجاري بنسبة 6 في المائة قبل أن تغلق التعاملات على تعويض جزئي ومكاسب بنحو 1 في المائة.
وأشار المحللون إلى أن ثلاثة عوامل تدعم صعود الأسعار، وتتمثل في استمرار خفض الإنتاج من خلال تحالف المنتجين في "أوبك+" وتداعيات العقوبات الأمريكية المشددة على إيران وفنزويلا، علاوة على الأوضاع الجيوسياسية الملتهبة في منطقة الشرق الأوسط، والتى تثير كثيرا من المخاوف على استقرار الإمدادات، إضافة إلى بعض الانقطاعات المتوقعة نتيجة القتال في ليبيا.
ونوه المحللون إلى أنه في المقابل توجد عدة عوامل مضادة تكبح صعود الأسعار، ومنها ارتفاع مستوى المخزونات الأمريكية والمخاوف المتعلقة بالنمو الاقتصادي جراء تصاعد حدة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين واستمرار الزيادات سريعة الوتيرة في الإمدادات الأمريكية، إضافة إلى بيانات الطلب المتأرجحة في عدد من دول الاستهلاك الرئيسية.
وفي هذا الإطار، يقول لـ"الاقتصادية"، روس كيندي العضو المنتدب لشركة "كيو إتش أي" لخدمات الطاقة، إن ارتفاع الواردات الصينية من الخام السعودي بنسبة 43 في المائة خلال الشهر الماضي، مؤشر على نمو قوي في مستويات الطلب في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو المحرك لمنظومة الطلب على الطاقة بشكل عام وعلى النفط الخام بشكل خاص.
وأوضح كيندي أن هناك أيضا زيادة في الطلب الصيني على الخام الروسي مع حالة من سرعة استبدال الاعتماد على النفط الإيراني استجابة للعقوبات الأمريكية ولإنهاء الاستثناءات منذ مطلع الشهر الجاري، لافتا إلى أن قوة الطلب تجيء على الرغم من المخاوف التي تحيط بالنمو جراء عدم حسم الصراعات التجارية بين واشنطن وبكين.
ومن جانبها، تقول لـ "الاقتصادية"، الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، إن هبوط الدولار الأمريكي جراء النزاعات التجارية الأمريكية- الصينية قد يكون داعما لأسعار النفط، التي ترتبط عكسيا مع سعر صرف الدولار، ولكن وجود عديد من العوامل المتضادة التأثير على السوق قد تجعله أميل إلى حالة التقلبات السعرية خلال الأسبوع الجاري.
وأضافت كومندانتوفا أن تمسك المنتجين بخفض الإنتاج جاء بسبب ارتفاع مستوى المخزونات الأمريكية وعدم حاجة السوق إلى مزيد من الإمدادات، ولتجنب سقوط السوق مرة أخرى في دوامة تخمة المعروض، التي أدت إلى تهاوي الأسعار على نحو حاد في الربع الرابع من العام الماضي.
ومن ناحيته، أوضح لـ"الاقتصادية"، روبين نوبل مدير شركة "أوكسيرا" للاستشارات المالية، أن التوترات السياسية بين الولايات المتحدة وإيران في الشرق الأوسط واشتداد حدة القتال في ليبيا تثير مخاوف واسعة على الإمدادات النفطية، وهو من المفترض أن يؤدي إلى مكاسب سعرية قياسية، لولا ضغوط العوامل المضادة وبخاصة وفرة الإمدادات من النفط الصخري الأمريكي والمخاوف على النمو جراء الحرب التجارية.
وأشار نوبل إلى أن السعودية تبذل جهودا حثيثة لتهدئة المخاوف في الأسواق من خلال إيجاد توازن مستقر ومستدام بين العرض والطلب لافتا إلى أن تعهدات السعودية باحتواء تداعيات الصراعات في المنطقة وتوفير الإمدادات الملائمة أسهم في تهدئة وتيرة صعود الأسعار، وساعدها على هذا الاتجاه بيانات معهد البترول الأمريكي والتي كشفت عن ارتفاع مستوى المخزونات بنحو 2.4 مليون برميل في الأسبوع الماضي.
وبدوره، يقول لـ "الاقتصادية"، ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن التقلبات السعرية ستظل مهيمنة على السوق بشكل قوي لحين حسم عديد من الملفات والعوامل الرئيسية المؤثرة على السوق، ومنها الحرب التجارية وأيضا مدى التمسك بخطة تحالف المنتجين "أوبك +" بخفض المعروض خلال الاجتماع المرتقب في حزيران (يونيو) المقبل.
ويعتقد هوبر أن تصعيد التوترات في منطقة الشرق الأوسط له انعكاسات سيئة على تجارة النفط، خاصة مع تعدد الاعتداءات على المنشآت النفطية ورغبة الجانب الإيراني في الالتفاف على العقوبات الصارمة، التي فرضتها الإدارة الأمريكية، مشيرا إلى وجود جهود لاحتواء تلك التوترات، حيث يحتاج سوق النفط للاستقرار، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، التي تتحكم في ثلث الإمدادات العالمية من النفط.
من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، فإنه على الرغم من العوامل العديدة الداعمة لصعود الأسعار، إلا أن الأسواق سجلت الأسبوع الماضي أكبر خسارة أسبوعية خلال العام الجاري، بتأثير من ثلاثة عوامل رئيسة هي ارتفاع مستوى المخزونات النفطية والشكوك المحيطة بالنمو العالمي، إضافة إلى استمرار الزيادات المتسارعة في إنتاج الصخري الأمريكي.
وعادت الأسعار إلى الانتعاش نهاية الأسبوع، حيث أغلقت على مكاسب بنحو 1 في المائة، وقد حد من الخسائر السعرية تمسك تحالف المنتجين في "أوبك" وخارجها باتفاق خفض الإنتاج، وتصاعد التوترات السياسية في الشرق الأوسط، علاوة على التأثير المتنامي للعقوبات الأمريكية المشددة في إنتاج وتصدير الخام في كل من فنزويلا وإيران.
وبحسب "رويترز"، أنهت عقود برنت جلسة التداول مرتفعة 93 سنتا، أو 1.37 في المائة، لتسجل عند التسوية 68.69 دولار للبرميل، لكن خام القياس العالمي أنهى الأسبوع منخفضا بنحو 5 في المائة.
وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 72 سنتا، أو 1.24 في المائة لتبلغ عند التسوية 58.63 دولار للبرميل، لكنها أنهت الأسبوع على خسارة تزيد على 6 في المائة وهي الأكبر منذ كانون الأول (ديسمبر).
ومخزونات النفط الأمريكية عند أعلى مستوى منذ تموز (يوليو) 2017، وتتعرض أسعار الخام أيضا لضغوط من تصاعد الصراع التجاري بين الولايات المتحدة والصين.
وستكون الأسواق في بريطانيا والولايات المتحدة مغلقة غدا الإثنين خلال عطلة عامة في البلدين، ويضع ارتفاع إنتاج النفط الأمريكي ضغوطا على أسعار الخام.
وساعدت طفرة للنفط الصخري على جعل الولايات المتحدة أكبر منتج للنفط في العام، ومن المتوقع أن يصل إنتاج النفط في الولايات المتحدة إلى مستوى 13 مليون برميل يوميا في الربع الرابع من 2019، وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
وما زالت أسعار النفط تلقى دعما من تخفيضات في الإمدادات، بعضها طوعي والآخر ناتج عن عقوبات أمريكية، ويتوقع بعض المحللين أن تتعافى السوق.
من جانب آخر، خفضت شركات الطاقة الأمريكية في الأسبوع الماضي عدد حفارات النفط العاملة لثالث أسبوع على التوالي مع قيام بعض الشركات بتنفيذ خطط لخفض الإنفاق ‬وسط تراجع أسعار الخام.
وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، أن شركات الحفر أوقفت تشغيل خمسة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في 24 من أيار (مايو) لينخفض إجمالي عدد الحفارات النشطة إلى 797 وهو أدنى مستوى منذ آذار (مارس) 2018.
وفي الأسبوع نفسه قبل عام، كان عدد حفارات النفط النشطة في الولايات المتحدة 859 حفارا، وتراجع عدد حفارات النفط النشطة في أمريكا، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، على مدار الأشهر الخمسة الماضية مع قيام شركات مستقلة للاستكشاف والإنتاج بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة مع تركيزها بشكل أكبر على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج.
وكشف التقرير الأسبوعي لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، أن إنتاج النفط الأمريكي صعد إلى 12.200 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 17 أيار (مايو) مقابل 12.100 مليون برميل يوميا المسجلة في الأسبوع السابق له.
ورغم الزيادة في الإنتاج الأمريكي من النفط، لكنها لا تزال أقل بنحو 100 ألف برميل يوميا عن القمة القياسية المسجلة على صعيد المستويات الأسبوعية والمسجلة في الأسبوع الأخير من شهر نيسان (أبريل) الماضي.
وشهدت واردات الولايات المتحدة من النفط تراجعا بمقدار 669 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي لتهبط إلى 6.943 مليون برميل يوميا.
وسجلت الصادرات النفطية للولايات المتحدة هبوطا إلى مستوى 2.922 مليون برميل يوميا في الأسبوع الماضي وهو أقل بنحو 425 ألف برميل يوميا عن الأسبوع السابق له.
وانخفض صافي واردات الولايات المتحدة من النفط، بنحو 244 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي ليسجل 4.021 مليون برميل يوميا.
وسجلت المخزونات الأمريكية من الخام، زيادة مفاجئة قدرها 4.7 مليون برميل في الأسبوع الماضي وهو ما يخالف التوقعات، التي كانت تشير إلى هبوط قدره 1.2 مليون برميل.

الأكثر قراءة