تفاؤل في أسواق النفط بعد إعلان وزير الطاقة توافق المنتجين على مد العمل بخفض الإنتاج
حسمت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" مبكرا الجدل حول تمديد العمل باتفاق خفض الإنتاج، بإعلان المهندس خالد الفالح وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خلال مشاركته في منتدى سان بطرسبيرج الروسية الدولي، أن المنتجين توافقوا على مد العمل بتخفيضات الإنتاج، وذلك على أثر تراجعات حادة ومتتالية في مستوى أسعار النفط أدت إلى خسائر بنحو 13 في المائة في أسبوعين، فيما اختتمت تعاملات الأسبوع الماضي على صعود بنحو 3 في المائة، بسبب أنباء عن تمديد خفض الإنتاج وتعافي الأسهم.
وقلص المنتجون في "أوبك" وخارجها المعروض النفطي بنحو 1.2 مليون برميل يوميا، اعتبارا من بداية العام الجاري وتنتهي الاتفاقية في الشهر الجاري، بينما أسهمت أوضاع السوق العالمية بعد التباطؤ الاقتصادي جراء الحرب التجارية واستمرار وفرة الإمدادات الأمريكية في اقتراب المنتجين من إبقاء سياسات الإنتاج على النحو نفسه خلال النصف الثاني من العام الجاري.
وتتجه الأنظار إلى مفاوضات جديدة تقودها روسيا لضم دول أخرى من خارج "أوبك" إلى تحالف المنتجين في "أوبك+"، وهو ما قد يستدعي تعديل الموعد المرتقب للاجتماع الوزاري في 25 حزيران (يونيو) ليكون في الأسبوع الأول من شهر تموز (يوليو) المقبل.
وفى هذا الإطار، أشارت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، إلى قول محمد باركيندو الأمين العام أنه على مدار الـ30 شهرا الماضية أو نحو ذلك أبدت "أوبك" جنبا إلى جنب مع شركائها من خارج "أوبك" في "إعلان التعاون" التزامها المطلق بعمل كل ما يلزم لتحقيق التوازن واستقرار السوق بما يحقق مصلحة المنتجين والمستهلكين على السواء.
وأفاد تقرير حديث للمنظمة بأن باركيندو أكد على نجاح المنتجين في تحقيق وعدهم، وإثبات فعالية جهودهم المشتركة، التي أثبتت جدواها منذ أن بدأ "إعلان التعاون" في كانون الثاني (يناير) 2017، مشيرا إلى أن أداء المنتجين اتسم بالمرونة مع الشركاء في التعامل مع الدورة الاقتصادية وفقا لظروف السوق.
وأضاف التقرير أنه عندما بدأ السوق منحرفا، بسبب فرط العرض تم اعتماد تعديلات الإنتاج الطوعية وتنفيذها كما كان الحال في كانون الأول (ديسمبر) 2016 وكانون الأول (ديسمبر) 2018، وبالمثل عندما ظهرت المخاوف بشأن الطلب الذي يفوق العرض مع تضييق السوق - كما كان الحال في حزيران (يونيو) 2018 - اتخذ الشركاء في "الإعلان" الإجراء المناسب.
ولفت التقرير إلى قول باركيندو، إنه كان لـ"الإعلان" تأثير تحويلي على صناعة النفط العالمية، وحظي بدعم المنتجين الآخرين والمستهلكين.
ويرى التقرير أن هدف المنتجين الرئيس هو الالتزام بسوق متوازنة وتحقيق استقرار مستدام، كما أن النهج المرن سيكون أساسيا في كيفية المضي قدما في الأشهر المقبلة.
وشدد التقرير على كلام الأمين العام أن المنتجين في الإعلان المشترك لن يرضخوا لأي ضغوط خارجية، حيث إن أعينهم ثابتة بحزم على أهدافهم مشيرا إلى تأكيد لجنة المراقبة الوزارية المشتركة في اجتماعها الأخير في جدة أن المنتجين ما زالوا يتطلعون إلى مزيد من خفض مستويات المخزونات النفطية والمساعدة في إعادة الاستثمار إلى الصناعة والحفاظ على توازن صحي بين العرض والطلب.
ونوه التقرير إلى أنه مع انعقاد المؤتمر الوزاري المقبل لـ"أوبك" وخارجها في الأسابيع المقبلة سيتم التأكيد مرة أخرى على أن جميع الدول ستظل مصممة على مواصلة الوفاء بهذا الالتزام تجاه دعم الاستقرار خلال الشهور المتبقية من عام 2019 وما بعده من الأعوام التالية.
ولفت التقرير إلى أن الجميع يدرك أيضا حقيقة أن المخاطر الأساسية في السوق لا تزال قائمة، و"أوبك" تراقب عن كثب تطورات سوق النفط، التي شهدت مستوى عاليا من التقلبات في الأسابيع الأخيرة في ظل وجود تحديات وشكوك كبيرة تتعلق بالمفاوضات التجارية الجارية وتطورات السياسة النقدية، فضلا عن القضايا الجيوسياسية.
وأشار إلى أن الهبوط الاقتصادي أدى إلى تراجع عديد من المؤسسات عن توقعاتها للاقتصاد العالمي وزيادة المخاوف على نمو الطلب العالمي على النفط، لافتا إلى أن هناك أيضا تغييرا كبيرا في معنويات السوق في كل من أسواق الأسهم والأسواق المالية، حيث يتم التركيز بشكل متزايد على الاحتياطي الفيدرالي والمفاوضات التجارية.
وأوضح التقرير أن جميع هذه المتغيرات ستؤدي إلى مراجعة المنتجين لحساباتهم في الاجتماعات الوزارية المقبلة، منوها إلى قول باركيندو، إن المنتجين دائما يتبعون نهجا محسوبا جدا من خلال آليات تطبيق "إعلان التعاون"، حيث يتم تدارس توقعات السوق مع التركيز على الاستماع إلى المستهلكين وأصحاب المصلحة الآخرين، إضافة إلى مراعاة مصالح الاقتصاد العالمي.
ونوه التقرير إلى تأكيد الأمين العام أن لدى "أوبك" مصلحة راسخة في استمرار نمو واستقرار الولايات المتحدة وبالتالي الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أن خطة العمل في "أوبك" تقوم على الشفافية الكاملة في جميع الخطوات مع العمل باستمرار على كسر الحواجز.
وشدد التقرير على أن "أوبك" تدرك أن التحدي المتمثل في تحقيق التوازن بين سوق النفط، والحفاظ على الاستقرار هو عملية مستمرة ومسؤولية مشتركة، معتبرا إعلان التعاون المشترك لا يقتصر على المدى القصير، بل يتم التركيز على الاستمرارية من خلال أهداف قصيرة الأجل وأخرى طويلة الأجل.
وبحسب التقرير فإن العام المقبل هو الذكرى الـ60 لإنشاء "أوبك"، وقد تطور أعضاء "أوبك" على مدى هذه السنوات للتكيف مع صناعة متغيرة باستمرار، وللتعامل مع تحولات كبيرة في الأسواق والمشهد العالمي للطاقة.
وأكد التقرير أن "أوبك" ستستمر في التطور مع التمسك بالأهداف الأساسية الراسخة وزيادة التصميم والعزم على الحفاظ على سوق نفط متوازنة، وتحقيق الاستقرار المستدام لمصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء.
وأضاف أن إنجازات المنتجين في "أوبك" وخارجها كبيرة حتى الآن من خلال "إعلان التعاون"، الذي أسهم في المساعدة على إعادة التوازن والاستقرار إلى السوق، مشيرا إلى أهمية الثقة في تمسك "أوبك" ومواصلة العمل، لتحقيق كل الأهداف من خلال الاجتماع الوزاري المقبل والاجتماعات التالية.
وأشارت أحدث بيانات "أوبك" إلى ارتفاع إجمالي الإنتاج العالمي من النفط الخام بزيادة حادة في عام 2018 بمقدار 1.213 مليون برميل يوميا أو 1.6 في المائة مقارنة بعام 2017، مسجلا أعلى مستوى تاريخي وأعلى نمو سنوي منذ عام 2015.
وتظهر البيانات، ارتفاع إنتاج النفط من الدول غير الأعضاء في "أوبك" بنسبة 1.628 مليون برميل يوميا أو 3.8 في المائة في عام 2018. وكانت أكبر ثلاث دول منتجة للنفط هي الولايات المتحدة (10.96 مليون برميل يوميا) وروسيا (10.53 مليون برميل يوميا) والسعودية (10.32 مليون برميل يوميا).
ونوهت البيانات إلى نمو الطلب العالمي على النفط 1.5 في المائة على أساس سنوي مع تسجيل أكبر الزيادات في منطقة آسيا والمحيط الهادئ (خاصة الصين والهند) وأمريكا الشمالية، بينما نما الطلب النفطي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بقوة للعام الرابع على التوالي في عام 2018، في حين انخفض الطلب في الدول الأعضاء في "أوبك" بشكل طفيف بعد زيادة خلال عام 2017.
وقالت البيانات، إن نواتج التقطير والبنزين شكلت نحو 55 في المائة من الطلب العالمي على النفط في 2018 مع اتجاه تصاعدي.
وأفادت البيانات بتصدير الدول الأعضاء في "أوبك" ما معدله 24.67 مليون برميل يوميا في 2018 بزيادة طفيفة بلغت نحو 14000 برميل يوميا أو 0.1 في المائة، مقارنة بعام 2017.
وأشارت البيانات إلى مساهمة منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ولا سيما الصين والشرق الأوسط بأكبر قدر من حيث إضافات طاقة التكرير، بينما انخفضت طاقة المصافي في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بشكل هامشي في عام 2018 مقارنة بعام 2017، حيث تم تعويض عمليات التوسع في الطاقة في أمريكا الشمالية، بسبب عمليات الإغلاق في أوروبا.
ولفتت البيانات إلى تسجيل متوسط سلة "أوبك" المرجعية 69.78 دولار للبرميل من حيث القيمة الاسمية خلال عام 2018 ارتفاعا من 52.43 دولار للبرميل في عام 2017 بزيادة قدرها 17.35 دولار للبرميل أو 33.1 في المائة.
من ناحية أخرى، ارتفعت أسعار النفط بنحو 3 في المائة في ختام الأسبوع الماضي، مبتعدة أكثر عن أدنى مستوى في خمسة أشهر الذي سجلته هذا الأسبوع، بعد أن قالت السعودية، إن "أوبك" تقترب من الاتفاق على تمديد خفض الإنتاج لما بعد حزيران (يونيو) ومع صعود الأسهم الأمريكية.
وبحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.62 دولار بما يعادل 2.6 في المائة، ليتحدد سعر التسوية عند 63.29 دولار للبرميل. وأغلق الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط على 53.99 دولار للبرميل، مرتفعا 1.40 دولار أو 2.7 في المائة.
وتراجع برنت للأسبوع الثالث على التوالي، منخفضا نحو 2 في المائة، بينما زاد غرب تكساس الوسيط نحو 1 في المائة على مدار الأسبوع، ويوم الأربعاء الماضي سجل كلا الخامين القياسيين أدنى مستوياته منذ كانون الثاني (يناير).
ودعمت أسعار النفط أيضا بصعود في أسواق الأسهم بعد تباطؤ حاد في نمو الوظائف الأمريكية، ما عزز الآمال في أن يخفض مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) أسعار الفائدة.
وقال فيل فلين المحلل لدى مجموعة "برايس فيوتشرز" في شيكاغو "الذي رأيناه هو أن البنوك المركزية العالمية مستعدة لمواجهة تباطؤ الاقتصاد. في الولايات المتحدة، إذا كان الأمر كذلك، فسنرى مزيدا من التحفيز يضاف إلى السوق".
وزادت شركات الطاقة الأمريكية في الأسبوع الماضي عدد حفارات النفط النشطة للمرة الأولى في أربعة أسابيع، لكنها خفضته للشهر السادس على التوالي مع قيام معظمها بخفض خطط الإنفاق.
وأفادت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، أن شركات الحفر أضافت ثلاثة حفارات نفطية في الأسبوع المنتهي في الـ31 من أيار (مايو) ليصل العدد الإجمالي إلى 800 حفار، وفي الأسبوع نفسه قبل عام، كان هناك 861 حفارا قيد التشغيل.
وعلى مدار الشهر خفضت شركات الطاقة عدد حفارات النفط النشطة في الولايات المتحدة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، بمقدار خمسة حفارات في سادس انخفاض شهري على التوالي، وتلك هي أطول سلسلة انخفاضات شهرية متتالية منذ أيار (مايو) 2016 عندما هبط عدد الحفارات لتسعة أشهر متتالية.
وينخفض عدد حفارات النفط النشطة منذ كانون الأول (ديسمبر) مع قيام شركات مستقلة للاستكشاف والإنتاج بخفض الإنفاق على أعمال الحفر الجديدة مع تركيزها بشكل أكبر على نمو الأرباح بدلا من زيادة الإنتاج.
وقال بنك "مورجان ستانلي" في مذكرة بحثية، إن تزايد توترات التجارة وتباطؤ الاقتصاد بصفة عامة، بجانب تراجع الطلب على النفط، سيطغيان على أثر نقص الإمدادات ويؤديان إلى انخفاض أسعار الخام.
وذكر محللو "مورجان ستانلي" في مذكرة، أن "الطلب آخذ بالضعف بوتيرة أسرع كثيرا مما توقعنا. بالنظر إلى البيانات الصادرة في الآونة الأخيرة، تلك الخاصة بسوق النفط وكذلك الاقتصاد الكلي، فإن فرص ذلك تتزايد على الأرجح".
وأفاد بنك الاستثمار بأن بيانات الطلب على النفط لشهري آذار (مارس) ونيسان (أبريل) مخيبة للآمال، في إشارة إلى أرقام الاستهلاك من الولايات المتحدة واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا والصين والهند والبرازيل وتايلاند، التي "تشكل 48 في المائة من الطلب العالمي على النفط إجمالا".
وخفض البنك توقعاته لنمو الطلب على النفط في 2019 من 1.2 مليون برميل يوميا إلى مليون برميل يوميا، ليقلص بالتبعية توقعاته لخام برنت للنصف الثاني من 2019 إلى ما بين 65 و70 دولارا للبرميل من 75 و80 دولارا للبرميل.