بعد إسقاط إيران طائرة أمريكية دون طيار .. النفط يقفز 5 %
قــفـزت أســـعار النـــفط أكثر من 5 في المائة خلال التعاملات أمس، بعد أن أسقطت إيران طائرة أمريكية دون طيار، وهو ما يثير مخاوف من مجابهة عسكرية بين طهران وواشنطن.
وبحسب "رويترز"، قال محللون إن تصاعد التوترات بين إيران والولايات المتحدة ترفع تكاليف التأمين ضد المخاطر الأمنية على السفن التجارية في منطقة الخليج وهو ما قد يدفع أسعار الخام إلى مزيد من الصعود.
وتلقى أسعار النفط دعما أيضا من توقعات بأن مجلس الاحتياطي الأمريكي قد يخفض أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل وهو ما يحفز النمو في أكبر بلد مستهلك للنفط في العالم. كما أن هبوطا في مخزونات الخام في الولايات المتحدة يدعم الأسعار أيضا.
وقفزت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت 2.68 دولار، أو 4.35 في المائة، إلى 64.54 دولار للبرميل بحلول الساعة 16:10 بتوقيت جرينتش.
وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 2.99 دولار، 5.56 في المائة، إلى 56.75 دولار للبرميل. وواصلت أسعار النفط مكاسبها السعرية مع اقتراب موعد الاجتماع المرتقب للمنتجين في تحالف "أوبك+" في أول تموز (يوليو) المقبل، والذي شهد حالة من التوافق مسبقا على مد العمل بتخفيضات الإنتاج حتى نهاية العام الجاري.
وتتلقى الأسعار دعما من تجدد الآمال في تسوية النزاعات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، علاوة على بيانات جديدة تؤكد تحسن مستويات الطلب الأمريكي، إضافة إلى استمرار وتيرة تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط بعد تورط إيران في الهجوم على ناقلات النفط.
وأوضح بيتر نافارو المستشار التجاري للبيت الأبيض أمس أن جهود الولايات المتحدة لقطع إيرادات إيران من تصدير النفط عن طريق العقوبات تؤتي ثمارها.
وقال نافارو في مقابلة مع فوكس نيوز: "ما نحاوله هنا، وبنجاح، هو قطع إيرادات صادراتهم. يبيعون النفط، يبيعون البتروكيماويات، يبيعون الحديد والصلب، الأمر ناجح بلا ريب، إنه يعمل بشكل جميل".
ويقاوم الارتفاعات السعرية استمرار وتيرة الإنتاج الأمريكي المتسارعة، خاصة من حقول النفط الصخري، علاوة على استثمارات جديدة في دول خارج "أوبك" وبخاصة البرازيل والمكسيك، ما ينبئ عن استمرار وفرة الإمدادات، وهو ما أدى بدوره إلى استمرار نمو المخزونات الأمريكية على نحو سريع. وأشار فين زيبيل الخبير الاقتصادي لدى "بنك أستراليا" الوطني إلى بعض العوامل، قائلا "في الولايات المتحدة، من المرجح أن يتسارع الطلب النفطي في الصيف، ويبدو أن اجتماع "أوبك" سيفضي إلى التمديد أو ربما حتى إلى إجراء مزيد من التخفيضات".
ويعتقد نيل ويلسون المحلل في موقع "ماركتس.كوم" للتعاملات أن "سعر النفط ارتفع بعد تقارير تؤكد زيادة التوترات في منطقة الشرق الأوسط.. وسيدعم ذلك أسعار النفط على المدى القصير".
وبعد ارتفاعها إلى أعلى مستوى في نحو عامين، تراجعت مخزونات الخام الأمريكية 3.1 مليون برميل الأسبوع الماضي، مقارنة بتوقعات المحللين بانخفاض قدره 1.1 مليون برميل، وفقا لما ذكرته إدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وسجلت المنتجات المكررة أيضا انخفاضا مفاجئا بسبب زيادة الاستهلاك، إذ ارتفع الطلب على البنزين على أساس أسبوعي وزاد 6.5 في المائة، مقارنة بمستواه قبل عام. واتفق أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" على الاجتماع في أول تموز (يوليو)، على أن يعقب ذلك اجتماع مع الحلفاء غير الأعضاء في المنظمة في الثاني من الشهر نفسه، بعد أسابيع من الجدل بشأن المواعيد.
وستبحث "أوبك" وحلفاؤها تمديد اتفاق خفض الإنتاج بواقع 1.2 مليون برميل يوميا، الذي ينتهي سريانه هذا الشهر، وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي إن التمديد "منطقي ومعقول".
إلى ذلك، قالت لـ"الاقتصادية"، الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، إن الإعلان عن استئناف المفاوضات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بعدما انهارت في وقت سابق أحيا الآمال في قرب التوصل لاتفاق ينهي النزاعات التجارية بين البلدين، ومن ثم يجدد الثقة بأداء الاقتصاد العالمي، ويدعم نموه، وبالتالي ينعكس ذلك على مستويات الطلب النفطي.
وأشارت كومندانتوفا إلى أن الاتصالات، التي جرت بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترمب والصيني شي جين بينج للتحضير لاجتماع مجموعة العشرين في اليابان الأسبوع المقبل أعطت انطباعا للسوق بمرونة موقف البلدين ورغبتهما في حسم تلك النزاعات والتعاون في تعزيز نمو الاقتصاد العالمي، متوقعة أن تؤدي اجتماعات مجموعة العشرين إلى توصيات جيدة ربما تكون نقطة انطلاق قوية لحسم تلك النزاعات التجارية، التي اتسعت على نحو كبير أخيرا، وزادت من حالة الشكوك والضبابية بشأن الاقتصاد العالمي.
ومن جانبه، أوضح لـ"الاقتصادية"، مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، أن إعلان شركة "لوك أويل" الروسية عن تأييدها لاستمرارية اتفاق خفض الإنتاج هو بمنزلة تغير ملموس في مواقف الشركات الروسية، التي كانت تضغط بقوة من أجل العودة إلى زيادة الإنتاج، نظرا لتعدد استثماراتها الجديدة وملاءمة المستويات السعرية الحالية لنمو الإمدادات. وأضاف ماندرا أن إعلان "لوك أويل" عن هذه الخطوة أمر جيد وداعم لاتفاق خفض الإنتاج، الذي يقترب المنتجون من تمديده إلى نهاية العام الجاري بسبب الطفرات المتلاحقة في إمدادات النفط الصخري الأمريكي، واستمرار النمو المطرد لمستوى المخزونات، علاوة على زيادة إمدادات دول أخرى خارج اتفاق "أوبك"، حيث يسعى تحالف المنتجين إلى ضم دول جديدة.
ومن ناحيته، يقول لـ"الاقتصادية"، ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية، إن الإبقاء على خفض الإنتاج في تحالف "أوبك+" بمستواه الحالي وقدره 1.2 مليون برميل يوميا، ما زال موضع بحث وتدارس، وسيبت فيه بشكل نهائي خلال الاجتماع المقبل للمنتجين في بداية الشهر المقبل بعد مراجعة بيانات السوق والتحديات الراهنة والمستقبلية.